تتربّع ولاية تقرت على مقوّمات اقتصادية وفلاحية وسياحية هامّة قابلة للتّطوّر، وإرث ثقافي وحضاري متنوّع يؤهّلها لتكون ولاية نموذجية، سيما مع انتهاج الدّولة لمخطّط التّوازن الإقليمي التّنموي، بهدف تحقيق الإنعاش الإقتصادي والتحوّل نحو القطاعات غير النّفطية. تتكوّن ولاية تقرت الجديدة من ستة دوائر وأربعة عشرة بلدية، بتعداد سكاني ناهز نصف مليون نسمة، تحدّها ورقلة من الجنوب، الوادي شرقا، ولاية المغير وأولاد جلال شمالا، والجلفةوغرداية غربا، حيث تحظى بلدياتها بمؤهّلات وشروط الإقلاع التّنموي والإقتصادي، وتتوفّر على المواد الأولية الخام المرتبطة بصناعة مواد البناء كالطين، الجبس والرمل. وفي ظلI استقلالية قرار ولاية تقرت وتمتّعها بكل الامتيازات والاعتمادات المالية من الميزانية العمومية مباشرة، أصبح من الضّروري بعث مخطّطات تنموية محلية مراعية للأولويات التّنموية والإقتصادية، وانتهاج دراسة إنجاز المشاريع مسبقا ضمن رؤية استشرافية وإحكام تقني، مع تتبّع سياقها وهدفها التّنموي والإجتماعي قبل اتّخاذ قرارات التّطبيق والتّنفيذ، حتى تكون كل مشاريع الولاية الجديدة ناجحة ونموذجية مستقبلاً. مؤهّلات لوجستية ضخمة تتوفّر تقرت على مؤهّلات لوجستية وقاعدة صناعية ضخمة تتجاوز 600 مشروع استثماري، وعلى مطار وطني، وشبكة سكك حديدية تعتبر أحد أبرز عوامل نجاح هذا القطاع، سيما مع تواجد عاصمة الولاية على مستوى الطّريق الوطني رقم 03 المؤدّي لأهم منطقة اقتصادية في الجزائر وشمال إفريقيا ألا وهي منطقة حاسي مسعود البترولية، التي تبعد بحوالي 150 كلم عن تقرت، ما يجعل من فرص تطوير وتعزيز مختلف القطاعات ممكنة جدّا في المرحلة القادمة. الطّريق الوطني رقم 03 الذي يمر عبر تقرت يعتبر أحد أهم الشّرايين الإقتصادية في الجزائر كونه منفذا مؤدّيا إلى حقول البترول والغاز في حاسي مسعود، ويربط شمال البلاد بأقصى جنوبها مرورا بتسع ولايات إلى غاية ولاية إليزي، والمراهنة على استغلال حركته الإقتصادية الكثيفة بشكل أمثل من طرف سلطات الولاية الجديدة، حتما سيضاعف من حجم الاستثمارات وخلق وتوطين المشاريع الصّناعية والنّشاطات التّجارية الكبرى. الولاية تعتبر من الولايات القريبة جدّا من حقول النّفط والغاز، وتتمتّع بلدية البرمة التّابعة لها على احتياطات من نفس الطّاقات قيد الاستخراج والاستغلال، وكل ذلك يجعل منها أرضية محتملة لاحتضان مشاريع في مجال المشتقّات البترولية، وكهمزة وصل اقتصادية بين تلك المناطق الغنية بالطّاقة، وباقي ولايات الوطن. كما يتواجد على مستوى تقرت مناطق نشاطات صناعية كثيرة نشطة ومتقدّمة إذا ما قورنت بمستويات نظيراتها في ولايات قديمة، ساهمت من خلالها المشاريع المجسّدة المنتجة عليها في دفع عجلة الإقتصاد الوطني، وأتاحت تصدير بعض المنتجات المصنّعة محليا إلى تونس، النيجر، مالي وبوركينافاسو. العامل الصّناعي مهم جدّا في تقرت، حسب خبراء، ويتعيّن على المسؤولين المحليّين إتاحة فرص تطويره أكثر لاستقطاب مستثمرين ورؤوس أموال كبيرة من كل الولايات وحتى خارج الوطن، مع انتهاج خطط تقوم على انسجام المشاريع الصّناعية الجديدة المستحدثة والممنوحة للمستثمرين مع خصوصية الولاية الصّحراوية وطبيعة مواردها، وتوسيع الأنشطة الإقتصادية في حدود ما هو غير متوفّر في ولايات الجنوب الشّرقي من مختلف الصّناعات. مؤهّلات هامّة يرتقب أن تحوّل تقرت بما تحمله من تنوّع في مكوّناتها الثّقافية والإجتماعية إلى قطب صناعي وطني، ناهيك عن فرص توفير الموارد المالية للميزانيات المحلية، وخلق مناصب شغل للبطالين وحاملي الشّهادات الجامعية. ريادة في صناعة الآجر تحتوي تقرت على إمكانات هائلة من المادة الأولية - الطين - الخاصّة بصناعة «الآجر»، ما أهّلها لاحتضان أزيد من 20 مشروعا في مجال إنتاج وصناعة هذه المادة المعدّة أحد أهم مواد البناء الأساسية. وتموّن الولاية وفقا لمصادر باقي الولايات المجاورة لها من مادة «الآجر» مثل الوادي، ورقلة، المغير، غرداية، تبسة وبسكرة وغيرها، في حين لا تزال عملية بعث وتطوير المنشآت الصّناعية لهذا النّوع من المنتجات متواصلة في ظل توفّر المواد الأولية لصناعتها وإنتاجها. القاعدة الصّناعية في تقرت فضلا عن انتعاش وتطوّر صناعة الآجر، تعرف نموّا مضطردا في صناعات أخرى في مجال السيراميك وباقي المواد الأولية، والصّناعة الغذائية التّحويلية وغيرها من المنتجات. الفلاحة ورّهان التّحويل الغذائي تحتوي ولاية تقرت على مؤهّلات فلاحية مهمّة أبرزها في مجال زراعة النّخيل، حيث تزخر بواحات شاسعة خضراء يوجد فيها أزيد من 1.6 مليون نخلة، وتوفّرها على إمكانات مائية باطنية مشجّعة على تطوير هذه الثّروة، وإنماء باقي الشّعب الزّراعية سيما منها الإستراتيجية. وقد عرفت الولاية على غرار تخصّصها في زراعة النخيل نجاح ورواج زراعات جديدة كزراعة الذرة الصفراء، التي كانت نتائج مسارها التّقني مرضية، في انتظار عمليات توسيع زراعتها، وهو الأمر نفسه مع زراعة الكينوا والسلجم الزيتي، وغيرها من زراعات الخضروات والأشجار المثمرة والحبوب والفواكه الصّيفية التي انتشرت في المنطقة منذ سنوات، وأبدع الفلاحون في إنتاجها، إضافة لتوسّع مجال تربية المواشي سيما تربية الإبل. المراهنة على تطوير المجال الفلاحي بالتزامن مع طفرة نمو القطاع الصّناعي، حسب مختصّين، من شأنه أن يفتح آفاقا جديدة لمجال الصّناعات التّحويلية الغذائية، فضلا عن توفير مناصب شغل جديدة على نطاق أوسع في القطاعين. مشاريع للطّاقة الشّمسية تتميّز جغرافيا ولاية تقرت بكونها نموذجية لاحتضان مشاريع الطّاقة الشّمسية الكبرى في المستقبل، سيما مع الإستراتيجية الوطنية للانتقال الطّاقوي غير النّفطي، والتّوجّه نحو تطوير مجالات هذا النّوع من الطّاقات المتجدّدة قليل التكلفة في الجنوب الكبير. الولاية حسب المعطيات، تمتلك مؤهّلات إنجاز هذا النّوع من المشاريع الإستراتيجية لتكون مصدرا للطّاقة الكهربائية، وذلك من خلال أشعة وحرارة الشّمس المستغلّة في هذه العملية الطّاقوية، والتي تطبع طقس المنطقة على مدار العام، مع توفّر عامل انبساط الأرض، واحتوائها على وعاء عقاري كبير يمكن أن يستقطب هذا الإنجاز الطّاقوي. كما أنّ موقع تقرت الجغرافي بتوسّطها أربع ولايات يجعل منها الولاية الأنسب لإنجاز مشاريع الطاقة الشّمسية الكبرى والتّموين بالكهرباء، حيث تقع بين ولايات الوادي من الشرق، ورقلة جنوبا، الجلفةوغرداية غربا، والمغير وأولاد جلال شمالا، ضمن نطاق مسافات معقول يتراوح بين 100 و350 كلم. مدينة حضرية شهدت مدينة تقرت عاصمة وادي رايغ خلال السّنوات الأخيرة نموّا حضريا وديموغرافيا، حيث بلغ عدد سكانها حوالي 190 ألف نسمة، موزّعين على بلديات تقرت، تبسبست، الزاوية العابدية والنزلة، وتتميّز بكثافة واحات النخيل المعانقة للسّماء التي تغطي كل حدود المدينة وأطرافها، مشكّلة أبهى صور اقتران العمران بالاخضرار الممتد على مد البصر، والمانح المكان جمالية تتعدّى كل تصوّر، وكل ذلك يتطلّب تحقيق مواكبة تنموية وإيكولوجية بيئية للحفاظ على هذا الديكور البديع للمدينة وتطويره مستقبلاً. ويقع على عاتق السلطات المحلية الجديدة في المرحلة القادمة تطوير عاصمة الولاية بما يتماشى والنّظم الإيكولوجية الحضرية، فضلا عن إطلاق مشاريع تنموية ومرافق عامة ومنتزهات وساحات وخضراء ومراكز تسلية وتسوّق كبرى، حتى تكون المدينة نظيفة ومحقّقة لرفاه المواطن والرقي بحياته وعيشه، وكذلك مهيّأة للانطلاقة الإقتصادية والسياحية المرتقبة. كما أنّ الحفاظ على النّمط التاريخي والحضاري للمدينة، وبلورته بأساليب عصرية في صميم المخطّطات الجديدة، سيمنحها طابعا سياحيا خاصا ومتميّزا عن باقي المدن الجزائرية، ناهيك عن ضرورة الإهتمام بالقصور القديمة والعتيقة، وتحويلها إلى متاحف تكون شاهدة على تاريخ «أرض ريغ» كما سمّاها المؤرّخ ابن خلدون.