تحافظ الأزمة الليبية على نفس القدر من التحديات بالنسبة لدول الجوار وخاصة الجزائر، حيث مازالت أسباب الانقسام قائمة، بالنظر إلى بروز مخاوف جديدة من العودة إلى مربع المواجهة المسلحة بين الفرقاء. اعتبر أكاديميون، في مائدة مستديرة نظمها، أمس، مركز «الشعب» للدراسات والبحوث، تحت عنوان «الأزمة الليبية بين الانفراج والتأزم»، أن طريق التسوية السلمية في ليبيا تعترضه الكثير من العقبات، ما يبقي على درجة التحدي كبيرة للدول التي تتقاسم حدودا جغرافية مع هذا البلد الغني بالنفط. في السياق، أشارت أستاذة العلوم السياسية تسعديت مسيح الدين، إلى أن الوضع الليبي يظل شرارة كبيرة ضمن طوق النيران الذي يحيط بالجزائر من حدودها الأربعة، «فعوامل التهديدات الخطيرة قائمة وتكاد تكون نفسها منذ 2011، كالانسداد السياسي والهجرة غير الشرعية وكل أنواع الجريمة المنظمة كالتهريب والاتجار بالبشر». وأفادت بأن استئناف الأنشطة الإرهابية الكثيفة، ممكن جدا، إذا ما انزلقت الأوضاع مجددا إلى العنف المسلح، مشيرة إلى أن استمرار الأزمة الليبية راجع إلى حالة الصراع الشديد بين المتنافسين على السلطة، وأن «لحظة النضج التي تفضي إلى حل لم تصل بعد». وعادت أجواء التوتر لتخيم في اليومين الماضيين على العاصمة طرابلس، بفعل الخلافات الحادة بين رئيس حكومة الوفاق الليبية عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا الذي حظي بتزكية برلمان طبرق لتولي رئاسة الحكومة. وتحدثت تقارير إعلامية، عن حشد للمليشيات المسلحة في محيط العاصمة، وغلق لبعض الشوارع والأحياء، ما أثار مخاوف بشأن نشوب صراع مسلح على السلطة. في ذات الشأن، تحدث د.رشيد علواش، عن حلقة مفرغة مزمنة تعاني منها ليبيا وهي «غياب سلطة شرعية تستطيع فرض سلطتها على سلطة أخرى، فالكل يحارب الكل». وحذر من تداعيات الوضع الراهن على دول الجوار، بعدما سبق وأن غذت فوضى انتشار السلاح الليبي الأزمات في كل من إفريقيا الوسطى ومنطقة الساحل الإفريقي وبالأخص شمال مالي. أما د.محمد أمين سويعد، فقد أثار الأزمة الروسية- الأوكرانية، التي بإمكانها الدفع باتجاه التسوية السياسية في ليبيا بفعل التقارب اللافت بين الأطراف المتدخلة في الأزمة. وتحدث عن الخطر الأمني الدائم بفعل السعي المستمر لكل طرف على تقويض عمل طرف سياسي آخر، ما يبقي باب المواجهة المسلحة مفتوحا في كل مرة.