يجزم الخبير الإقتصادي نورالدين جوادي، أن تصريحات رئيس الجمهورية أثناء لقائه الدوري مع الصحافة الوطنية، تشير لعمق «المقاربة التشاركية» و»البعد الاجتماعي» المشكلين لأساس السياسة التنموية للدولة، الهادف لتجسيد مشروع الإنعاش الاقتصادي للجزائر الجديدة 2020 / 2024. قال جوادي في تحليل ل «الشعب»، إن تلك المقاربة ستتجه خلال أيام إلى البدء في مناقشة سياسة الدعم الحالية، وإعادة توجيهها نحو الفئات المستحقة لها، وهو الملف الذي يمثل تحديا للاقتصاد الجزائري. وأوضح الخبير، أهمية دخول تلك التوليفة في عمق الحوكمة الاقتصادية، باعتبارها مقاربة تمنح اقتصاد الدولة صلابة قوية في مجابهة الهزات الاقتصادية والضغوطات المالية الداخلية والعالمية، التي توالدت أو افتعلت خلال العامين الماضيين. وأشار الدكتور نورالدين جوادي، إلى أن سياسة «الإشراك الممنهج» لكل الطاقات الحية في صنع القرار الاقتصادي، بما فيها مؤسسات الدولة، المجتمع المدني، الشركاء الاجتماعيون والسياسيون، رجال المال والأعمال، الخبراء الباحثون والمختصون، من شأنه تسيير الملفات الإستراتيجية بفعالية عالية، وتقليص لأمد تجسيدها على أرض الواقع. كما أن «البعد الاجتماعي» للسياسة الاقتصادية، بحسبه، صان المنجزات التنموية ولا يزال يغذيها. المقاربة التشاركية الاجتماعية -مثلما أضاف- مكنت من تصميم الحلول والمقترحات وفق مقاربات واقعية وعملياتية تتلاءم والخصوصيات الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، الأمنية والسياسية للدولة الجزائرية، وأبقتها في منأى عن الشعبوية والطروحات النظرية والأكاديمية المستوردة أو غير المتوافقة مع خصوصيات الدولة، أو معطيات الظرف الراهن للبلاد، وشكلت العامل الرئيس في تجاوز الآثار السلبية المدمرة للأزمة الاقتصادية العالمية التي نتجت عن جائحة كوفيد-19. كما ساهمت تلك المقاربة في تمويل الاقتصاد بالسلع الأساسية وواسعة الاستهلاك، ومكنت من إعادة بعث المنظومة الإنتاجية الوطنية بشكل غير مسبوق نتج عنه استحداث 52 ألف منصب شغل خلال شهور، وعززت من معدلات الأمن الغذائي الوطني وتحقيق احتياطي كاف لمدة تتجاوز 8 أشهر، وهي إنجازات تنموية تتجاوز الحسابات الاقتصادية العادية. من هذا المنطلق، دفع ذلك التسيير التشاركي الاجتماعي بالاقتصاد إلى القضاء على الكثير من مظاهر الفساد الإداري والمالي التي أرهقت الاقتصاد لعقود، ومكنت من وضع آليات واقعية للرفع التدريجي والممنهج للمستوى المعيشي للمواطن وتحسين قدرته الشرائية، من خلال قرار احتكار الدولة للاستيراد، رفع النقطة الاستدلالية والمعاشات، تقليص الضرائب على الموظفين وغير الموظفين، منحة البطالة وإرفاقها ببطاقة الشفاء للمستفيدين منها، زيادة نسبة الدعم على المواد الاستهلاكية، ورفع أسعار شراء الدولة للحبوب والبقول من عند الفلاحين وغيرها من القرارات الهامة، يضيف المتحدث. تعزيز اقتصاد الجزائر الجديدة وتقويته، كما أضاف جوادي، يتأتى بإرفاق تلك المقاربة التشاركية الاجتماعية بعدة قرارات عاجلة مثل تجسيد التحول الرقمي للبلاد، بناء منظومة إحصائية دقيقة، شاملة، محينة وشفافة، وهو ما سيشكل درع لمشروع الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي وعامل تسريع لتنفيذه.