يعرف الناس الشيخ محمد الغزالي كواحد من أشهر الدعاة إلى اللّه على بصيرة وغزارة علم، فهو واسع الحلم فصيح اللسان وناصع البيان وافر التقوى بشوش الوجه جامعا لمكارم الأخلاق، وتفيد المعلومات أن مكارم الأخلاق أصيلة فيه منذ صباه الأول رافقته ناشئا وسارت في ركابه شيخا وداعيا ومعلما. عرفت بالصدفة أنه يتميز بموهبة الشعر من خلال ديوان الحياة الأولى. لا يسمح هذا الحيز بالحديث عن محتوى الديوان بالتفصيل ،ولكن من المفيد تقديم الحقائق التالية: 1) يتبين من محتوى ديوان الشيخ محمد الغزالي، أنه قدم موضوعات الشعر النظيف التي أسهم بالقول فيها الشعراء من ذوي المروءة وتعفف عن طرق الموضوعات التي يبتعد أصحاب المروءة عن الكتابة فيها، فلم يتورط الشيخ في قول الهجاء أو المديح المغلف بالنفاق أو الغزل، وإنما يطرق أبواب الحكمة والتعبير عن ذاته وسلوكه ومكارم الأخلاق، كما تناول موضوعات التصوف وتحدث عن الموضوعات الانسانية التي تنير القلوب وتهذب المشاعر، كما وصف الطبيعة في حالاتها المختلفة. 2) من الحقائق الطريفة أن الشيخ محمد الغزالي أطلق على ديوانه ''الحياة الأولى'' وهو يقصد حياة في مرحلة من مراحل العمر، حيث كان طالبا في معهد الاسكندرية الديني وهنا أمران طريفان: الأول أنه قدم النسخة الأولى من الديوان هدية الشيخ محمد أفندي الذي صار فيما بعد والد زوجته الفاضلة، والأمر الثاني أن ثمن الديوان كان زهيدا طبقا لما هو معلن على غلافه. 3) كانت للشيخ محمد الغزالي أحزان عميقة عبّر عنها في شكايات وكانت له أشجان لصيقة، ويؤكد علماء النفس أن الأشجان أقل ثقلا وأخف أكثرا على النفس من الأحزان، ولكن في حالات ذوى القربى ربما تتساوى مشاعر الأشجان مع جراحات الأحزان، ومن أعمق ما أبدع الشاعر الشاب القصيدة التي كتبها في كفاح أبيه وهو يسعى في الحياة لتلبية أسباب العيش للأسرة. 4) يتناول الشيخ محمد الغزالي في ديوانه ''الحياة الأولى'' الغنى والفقر والثراء والعدم ويعالج الغنى وإذا ماكان المال وحده يؤدي إلى السعادة، وانتهى إلى أن المال لا وزن له ما لم يقض حاجة بائس أو يعالج محنة مكلوم، ومن ثمّ فإن الغنى هو غنى النفس وليس غنى الثروة المادية. 5) يحذر الشيخ محمد الغزالي من فعل الشر بإظهار وجهه القبيح، وما أكثر الوجوه القبيحة للشر الذي ينبغي أن يحذر اللجوء إليه ذوو الأخلاق الحسنة وأصحاب كريم الفعال. 6) يوصي الشيخ محمد الغزالي بالانصراف عن خضراء الدمن ومن الشر الإهتمام بها والإقبال عليها وخضراء الدمن كما ورد في الحديث الشريف هي الفتاة الجميلة التي تنشأ في منابت السوء، يسر المرء شكلها وجمالها ويسوؤه خلقها وفعلها. والشيخ محمد الغزالي يحفظ الحديث الشريف منذ الصغر ويعرف معناه ومغزاه، فهو يجعل في نطاق كريم الفعال ومكارم الأخلاق خضراء الدمن موضوعا يطرقه في شعره لينحدر البسطاء من خطر الإقتراب منها والاغترار بجمالها. ------------------------------------------------------------------------