كتبت الشّاعرة العراقية ساجدة الموسوي قصيدة شعرية أهدتها إلى الجزائر تزامنا والاحتفالات المخلدة للذكرى الستين لعيد الاستقلال، حيث كان من المنتظر مشاركتها في الملتقى الذي نظّمته وزارة المجاهدين حول أصدقاء الثورة الجزائرية، إلا أنّ الدعوة وصلتها متأخرة بعدما غيّرت إقامتها من العراق إلى دولة الامارات العربية، حال دون مشاركتها في الموعد. عبّرت الكاتبة ساجدة الموسوي عن حسرتها في عدم زيارة الجزائر التي أحبتها منذ الصبا، وتعلقت بتاريخها الثوري والكفاح المسلح، وفي اتصال مع «الشعب» أكّدت أنّ حضورها للمشاركة في تكريم أصدقاء الجزائر، بالنسبة إليها موعد تاريخي عالق في الذاكرة وعربون محبة للبلد، الذي دفع فاتورة كبيرة من قوافل الشهداء، فجاءت إليها محمّلة بقصيدة خاصة مهداة للأرض المدافعة عن قيم العروبة والأمة. اختارت الشّاعرة ساجدة مطلع القصيدة ب «وهذي الجزائرُ مهجتي وحبيبتي، هي نجمتي الزّهراءُ، مرفأُ الأبطالِ، مرسى الطّامحينَ إلى المعالي، هي درّة المجدِ المؤثّلِ، بالوقائعِ والفِعالِ، هي مَن تسامى بالنّساءِ الفادياتِ وبالرّجالِ». تعتبر صاحبة ديوان «ويبقى العراق» من بين ست شاعرات حظين بمرتبة أبرز شاعرات الوطن العربي من خلال الاستفتاء الذي أجرته وكالة أنباء الشعر العربي سنة 2008، ومدرجة في معجم البابطين للشعراء والأدباء، إضافة إلى أنها عضو في الهيئة العليا لمهرجان المربد الشعري حتى عام 2003، وعضو اتحاد الكتاب والأدباء في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تقيم بها منذ سنوات. خلال مسيرتها الإعلامية، تولّت الشاعرة ساجدة موقع تحرير مجلة المرأة في العراق من عام 1977 لغاية 1989، ثم ترأّست نادي الجمهورية الثقافي في العراق من عام 1994 لغاية 1998، كما عملت في المركز الثقافي العراقي بلندن من عام 1989 لغاية 1993، كما أنّها نشرت عديد المقالات من بينها المقالة والعمود الصحفي في العديد من المجلات الثقافية والصحف العربية، وخاضت خلال مشوارها السياسي عضوية المجلس الوطني في العراق الدورة التي سبقت الاحتلال 2003، وكانت مقررة للجنة حقوق الإنسان فيه. تجدر الإشارة إلى أنّ الشّاعرة الموسوي ظلّت وفية للجزائر وصديقة للثورة الجزائرية، كما حظيت بتكريمات قبل احتلال العراق، كما توّجت بدرع الاتحاد العام لنساء العراق كرائدة في العمل النسوي وكشاعرة وكاتبة خدمت الوطن، وترجمت قصائدها لعدة لغات من بينها الإنكليزية، الإسبانية، الفرنسية، التركية، الهندية والصينية. للتذكير، الكاتبة والإعلامية من مواليد مدينة بغداد، متحصلة على بكالوريوس آداب سنة 1979، أصدرت خلال مسيرتها الابداعية ما يقارب 17 ديواناً شعرياً من بينها «طفلة النخل هوى النخل الطلع عند نبع القمر البابليات السُّرى لسُهيل قمرٌ فوق جسر المعلق شهقات هديل اليمام تباريح سومرية ويبقى العراق بكيت العراق جزر الأقحوان حبات كرستال قل للغريبة يا خليج ديوان رسائل إلى سكان الأرض باللغة الإنكليزية - أنا من رأى»، كما شاركت في عشرات الملتقيات والمهرجانات والأسابيع الثقافية في أغلب البلدان العربية، آخرها أيام قرطاج الشعرية أواخر شهر مارس 2019. شعر: ساجدة الموسوي هذي الجزائرُ مهجتي وحبيبتي هي نجمتي الزّهراءُ في عَتمِ المدى هي أختُ روحي التقيها كلّما صعَدَ الحنينُ إلى الذّرى هي كلّما ذُكرَ اسمُها تهتاجُ في قلبي المَشوقِ فتونُها فأتيهُ كالمأخوذِ عشقاً بابليّا أنا لم أقلْ للآنَ شَيّا... ---- وعرفتها منذُ الصِّبا سرّاً سرى في خاطري حين النّشيدُ المدرسيُّ بمجدِها قد كُلّلا كم هِمتُ طيراً في فضاءِ الكونِ مسحوراً بما قد أُنشدا! ومع المساءِ..وحينَ تكبُرُ حيرتي أسعى إلى أمّي فأسألُها: ما النّازلات؟ ما الماحقات؟ فتجيبُ في ولهٍ فأشهقُ..أشهقُ يا إلهي! والمعاني الشّاهقاتُ من عجبٍ تُرخي يديّا أنا لم أقل للآن شيّا... ---- هذي الجزائرُ مرفأُ الأبطالِ مرسى الطّامحينَ إلى المعالي هي درّة المجدِ المؤثّلِ بالوقائعِ والفِعالِ هي مَن تسامى بالنّساءِ الفادياتِ وبالرّجالِ هي منهجُ الثّوارِ في دحرِ الغزاةِ وطردِهم حتّى انجلى أفقُ المعاركِ وانبرى فجرٌ ضحوكُ الثّغرِ شَعَّ على البطاح.. الله أكبرُ يا جزائرُ هلّلتْ روحي لنصرِكِ عندما وُلدَ الصّباح الله أكبرُ كبّرَالشّعبُ الأبيُّ وكبّرتْ كلُّ المآذنِ في الجبالِ وفي البطاح ما أروعَ التّهليلَ بالنّصرِ المؤزّرِ حيَّ حيَّ على الفلاح... والنّصرُ حيّا ثم حيّا أنا لم أقل للآن شيّا… ^^^ هذي المجرّةُ.. تزخرُ بالنّجومِ وسنا البدورِ وما تجلّى... ما مثلُها في الكونِ من جُزُرِ العوالم فهي أحلى ومِنَ العينين أغلى أتأمّلُ المعنى بفاره اسمِها تحتَ اللّواءِ السّندسيِّ هناك ألفُ جزيرةٍ وجزيرة للعزِّ والأمجادِ والإرثِ المعلّى طافتْ سماها أنجمُ الشّهداء.. وتألّقتْ فوقَ الجباهِ الشّمِّ تيجانُ الفَخَارِ ولم يكنْ يُسراً وسهلا.. لا..ليس أسمى من إبائِك يا بيوتاً قاومت حتى افتدت بدمِ الشّهيد بلادَها ما أروع الفجر الذي بهِمُ أطلّا! سيظلُّ ذِكرُكَ - يا شهيدُ - بكلّ قلبٍ سرمديّا أنا لم أقل للآن شيّا… ----- مهما كتبتُ... ومهما الشِّعرُ أسهبَ بالمعاني لا لن أوفّيَ سامحيني.. تلميذةٌ مازلتُ من تاريخِك الماسيِّ أقتطفُ الجواهرَ واللّآليءَ والجمان... وأهيمُ في ملكوتِك الوضّاء مابين جنّاتٍ من الشّجر المهفهف والنّخيل اليعربيِّ جوارَ غابات البنفسجِ والقرنفل في السّفوح وفي الجبال.. أنا فيكِ أسمو فيك أشدو فاقبلي شدوي العراقيِّ الحزينِ بما شجاني واقبلي لسموِّ رايتِك العزيزة قبلةً.. سأقبّلُ التّاريخ فيها والكرامة قبلتين..