إلى روح الكاتب الصّحفي بلقاسم بن عبد الله أرفع هذه المصافحة، رحلتَ عنّا يا رمز الهمّة والنّخوة والمنافحة، ويا صاحبَ عمود «مصافحة»، ونحن أحوج ما نكون لرمزٍ أدبي سامق مثلك، وأيقونة إبداعية أصيلة تشبّعتْ أصالةَ شعبٍ لا يساوم في هُويّته وموروثه الثقافي والحضاري، وتشرّبتْ من نبعِ جراحِ هذا الوطن. ترحل عنا اليوم ونحن نتأهّبُ لاستقبال أوّل أيام شهر رمضان الفضيل، وكأنّ الله تعالى اصطفاك لتكون أوّلَ الوافدين إلى رحابه ونعمائه، رحلت عنّا يا فارس البيان وحارس الضّاد والتبيان، يا من أنرتَ بومضاتك مجلّتيْ «الجوهرة والفرسان» في ذاك الزّمان. رحلتَ أيها البار، وتركتَ مُقلا تسكب الدّمع الحار، في جريدة «الأحرار»، بعدما نثرتَ عبق الجوريّ والأزهار، وأحييتَ المرابع والقفار، فاكتستْ وشيَ البهاء والنُّضار، عرفتُك يا سيّد الرّجال، بمجلة «أصوات الشمال»، التي كنتَ لها العنوان والمثال، ولازلتُ لحد الساعة أحتفظ بتعليقك الذي عطفتَه على تعليق لي حول مقالكَ الرّائع الماتع «جزائرنا الحبيبة.. عزّنا ومجدنا»، الذي نشرتَه بمجلة «أصوات الشمال» يوم 15 مارس 2012م، وسأنقل التّعليقيْن حرفيا:» البشير بوكثير رأس الوادي: هي الجزائر البيضاء، النخلة السامقة في العلياء، والسنديانة الشاهقة في السماء، والنجمة المتلألئة في الجوزاء، والقصيدة الماتعة العصماء، والروضة المزدانة شموخا وإباء». لا تسلني يا أخي بلقاسم كيف ينبض عشق الشعراء، وتركض الكلمات لوصالٍ ولقاء، ألم يسطر ابن الرومي أبياتا غرّاء: ولي وطن آليت ألاّ أبيعه وألاّ أرى غيري له الدهر مالكا؟ هكذا سيدي تكون الوطنية أو لا تكون..!- بلقاسم بن عبد الله: هي الجزائر البيضاء، النخلة السامقة في العلياء، والسنديانة الشاهقة في السماء، والنجمة المتلألئة في الجوزاء.. ما أروع هذه العبارة المزينة بمحسنات البديع.. شكرا جزيلا لك يا صديقي الأستاذ البشير بوكثير، فيا لك من وطن مفدى، ويالك من حُبّ أسمى.. ومع مصافحة المحبة والتقدير. أخي الرّاحلُ عنّا في صمت بلقاسم: أنتَ رمزٌ في سماء العبقريّة، أنتَ نبعٌ من صفاء الألمعيّة، أنتَ عَضْبٌ صمصام في كتائب جريدة الجمهوريّة ،إنْ غادرتنا بالأشباح، فأنتَ حيٌّ في سويداء القلوب والأرواح، أيها الكاتب اللمّاح، والصّحفي القمقمام الجحجاح، الذي كان لإذاعة تلمسانَ يوما مثل سلسالٍ قَراح رحلتَ يا صاحبَ البصمات والتّوقيعات، والمرافعات والمتابعات، والإشراقات والمؤانسات.. رحلتَ وفي فؤادي لوعة وحُرقة، وفي حشاشة روحي أحَرّ شهقة، وفي وَتينِكَ آخر خفقة: عليكم سلامُ الله إنّي مُودّعُ وعينايَ من مَضِّ التّفرّقِ تدمَعُ فإنْ نحنُ عشنا يجمعُ الله بيننا وإنْ نحنُ مِتنا فالقيامةُ تجمَعُ رأس الوادي