عادت ظاهرة (الباركينغور) المقيتة، لتنغّص على الناس حياتهم، وتفرض عليهم نوعا من (البلطجة) متجاوزا، يكتسح الشّوارع الرئيسية بالمدن، دون أن يجد من يضع لها حدّا، أو حتى من يحاول التّصدي لها، وعدم الإذعان لفروض الطفيليين الذين يبسطون سلطانهم على المساحات العمومية دون وجه حقّ.. ولعلنا نلتمس عذرا للمواطن الذي يقع في قبضة بلطجية الشوارع، فهو لا يملك سوى الدّفع رغما عن أنفه، وإذا حاول أن يعترض أو يحتجّ، فإنّ سيارته لن تسلم من حجر يدمر زجاجها، أو خشب يخترق هيكلها؛ ولهذا، تجده يختار أخفّ الأضرار راضيا مرضيا، ويدفع ثمن السّلامة، كي يدفع البلاء عن نفسه وأهله وسيارته. غير أن هذا العذر، لا يصلح اتّخاذه للسلطات البلدية التي ينبغي أن تحرص على راحة المواطنين، لا أن تترك أيادي الطفيليين من قراصنة الشوارع كي تعبث بهم، على أساس أن (الخدمة ما كانش)، مع أن كثيرا من النشاطات القانونية المربحة، لا تجد من يقوم عليها، لأن (السي باركينغور) قضى حياته في اللّعب واللهو، فلم يحصّل شهادة ولا مهنة، كي يتحول إلى (عاهة اجتماعية) ينبغي أن يتحمل أعباءها أولئك الذين حرصوا على أن ينالوا درجات من التعليم أو مهنا تسمح لهم بأن يكونوا صالحين لمجتمعهم، وهذا يعني أن الذي يجتهد ويعمل، يجد نفسه في خدمة العاطل، بل تحت رحمته، وظل صمت مطبق على هذا المنكر الذي ينغص حياة الناس، ويجعل الواحد يتمنى لو يتحول إلى خنفساء. ليس عدلا أن يأتي من يدّعي البطالة، كي يستلّ من جيوب الناس، بالقوة، ما تعبوا عليه، حتى ولو كان دينارا واحدا، فالعمل موجود، والمثل الجزائري الرائع يقول: (اخدم بدورو، وحاسب البطال).. أما البلطجة فحقّها الرّدع، وهذا واجب ينبغي أن تقوم عليه البلديات..