انطلقت، أمس، سادس عملية إحصاء عام للسكان والإسكان في تاريخ البلاد، وسط تسخير إمكانيات مادية معتبرة وتجنيد واسع للمسؤولين وجميع القائمين على العملية عبر كافة المقاطعات الإدارية، من أجل السهر على جمع البيانات الإحصائية ومعالجتها، في إطار الحرص التام على ضمان مصداقيتها والوصول إلى معلومات دقيقة ومضبوطة ونتائج فعالة تساعد على تخطيط أفضل في السياسة العامة للبلاد. تجري عملية الإحصاء العام للسكان والإسكان، التي بدأت أمس وتستمر إلى غاية 9 أكتوبر القادم، لأول مرة منذ الاستقلال، باستخدام وسائل تكنولوجية حديثة، من خلال الاعتماد على لوحات رقمية ذكية لأول مرة في هذه التجربة لجمع البيانات ميدانيا والاستغناء بشكل تام عن النماذج الورقية، واستخراج النتائج بصورة دقيقة وآنية من أجل توفير قاعدة بيانات ثرية ومؤشرات اجتماعية واقتصادية، تساعد على اتخاذ القرارات المناسبة. وتكتسي العملية طابعا استراتيجيا يعكس مستوى الجهود والنتائج الميدانية للإصلاحات التي باشرتها الدولة في السنوات الأخيرة، في إطار تنفيذ تعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الذي أبدى حرصه على توفير كل الإمكانيات المادية والبشرية للحصول على إحصاء دقيق للسكان والإسكان ونتائج فعالة تساعد على تسهيل وضع الاستراتيجيات والسياسات واتخاذ القرارات على كل المستويات، بما يضمن تكفلا أمثل بالاحتياجات المتزايدة للسكان وتقديم خدمة عمومية أرقى على جميع المستويات. وقامت السلطات العمومية بتجنيد كل الموارد البشرية والمادية، لإنجاح هذا الموعد الوطني الهام من خلال تسخير أزيد من 67 ألف مستخدم من مهندسي ولايات الوطن ومندوبي بلديات ومكونين ومراقبين وأعوان إحصاء وكافة المختصين في المجال، بالإضافة إلى تعبئة أزيد من 12 ألف مركبة للسهر على ضمان تنقل الطاقم البشري المكلف بتنفيذ هذه العملية، كما تم وضع جملة من التدابير التحضيرية لضمان السير الحسن لهذه العملية عبر ربوع الوطن وتعاضد الإمكانيات والوسائل، مع إشراك المواطنين في هذه التجربة. يرتبط نجاح الإحصاء العام السادس للسكان ارتباطا وثيقا بمدى تجنيد كل الفاعلين في هذه العملية التي تتم بسرية تامة بتسخير خلايا أمنية لمرافقة الأعوان بالولايات والبلديات وجرد شامل للسكان والمساكن، استنادا إلى تاريخ مرجعي محدد مع التعرف على خصائصهما، مع تشكيل لجان على المستوى الوطني وفي جميع الولايات والبلديات لمتابعة الأعمال المتعلقة بهذه العملية وتعبئة الموارد البشرية والمادية. ويعتبر الإحصاء العام السادس للسكان والإسكان من أهم عمليات المنظومة الإحصائية الوطنية في الجزائر، كونه المصدر الوحيد الذي يسمح بالحصول على بيانات دقيقة وموزعة حسب أدق المستويات الجغرافية، وذلك فيما يخص السكان وخصائصهم وكذا الحظيرة السكنية. وقد تم تسخير كافة الظروف الملائمة على مستوى كل مراحل هذه العملية، بداية من المرحلة التحضيرية، مرورا بمرحلة تنفيذ الإحصاء، وصولا إلى استغلال البيانات المجمعة. في هذا الإطار، خصصت وزارة الداخلية والجماعات المحلية خمس استمارات للإحصاء العام السادس للسكان والإسكان، حيث تعنى كل استمارة بنقل بيانات فئة معينة من المجتمع، ابتداء من الأسر العادية والجماعية والأسر الراحلة والسكان بدون مأوى مستقر، إلى جانب السكان المعددين على حدة، في انتظار استعمال بيانات الإحصاء في تنفيذ ومتابعة وتقييم السياسات العمومية على المستويين الوطني والمحلي بإتاحة معلومات إحصائية محينة ودقيقة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية. كما سيتم استغلال قاعدة البيانات التي يتم جمعها لأغراض البحث والدراسات والتحاليل، مع إنشاء قاعدة معاينة لجميع الممسوحات الإحصائية المستقبلية لدى الأسر المعيشية. وتشمل عملية الإحصاء العام للسكان والإسكان كل مكونات المجتمع الجزائري وجميع المؤسسات، مع العمل على تقسيم القطر الوطني إلى مقاطعات إحصائية، في إطار بذل جهود كبيرة من أجل السهر على الوصول لمعلومات دقيقة ومضبوطة. وعرفت العملية تحضيرات على كافة المستويات، كما سعت السلطات المعنية إلى إطلاق برنامج تكويني لفائدة القائمين على عملية الإحصاء باستفادة أكثر من 8 آلاف عون مراقب و53 ألف عون إحصاء عبر أقاليم 58 ولاية، حيث ستسمح هذه العملية بالوصول إلى إحصاء دقيق وشامل وتسطير برامج تنموية تساعد على تلبية مطالب المواطنين بما يكفل تحسين الإطار المعيشي وتقديم خدمات عمومية نوعية تتماشى مع مستوى تطلعاتهم.