نبيل جمعة: بإمكان الجزائر التحول إلى وجهة ممتازة للاستثمار قبل أن يقرر مجلس الوزراء، أمس، فتح باب استيراد السيارات أقل من ثلاث سنوات، كان الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان أعلن عن مفاوضات متقدمة مع مصنِّعين عالميين للمركبات تنتهي نهاية الشهر. في رد على تساؤلات أعضاء المجلس الشعبي الوطني خلال مناقشة بيان السياسة العامة للحكومة، أكد الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان أنه يجري العمل على إيجاد حلول جذرية لملف السيارات. وكشف عن مفاوضات جد متقدمة مع مصنعين عالميين مهتمين بالاستثمار في صناعة السيارات بالجزائر، تنتهي نهاية الشهر الجاري. تركيز الحكومة على تحسين مناخ الأعمال، بإطار تشريعي جديد ينظم الاستثمار والتوجه أكثر نحو تشجيع التصنيع واستقطاب متعاملين كبار، هو ما ينطلق منه الخبير والمستشار في التجارة الخارجية نبيل جمعة، في تصريح ل «الشعب»، بشأن هذا الموضوع بالذات، ويربط بين تحسن بيئة الأعمال في الجزائر على ضوء حزمة من الإصلاحات، وجلب استثمارات نوعية تلبي الطلب المحلي وتستهدف أسواقا خارجية مستقبلا. ورقة الطاقة قبل التفصيل في مزايا قانون الاستثمار الجديد، يشير المتحدث إلى أنه ثمة متغيرات وعوامل كثيرة تجعل مناخ الأعمال في الجزائر أكثر استقطابا للاستثمارات، منها ما هو مرتبط بالإطار التشريعي المنظم للاستثمار، وأخرى تتعلق بتداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا وانعكاساتها على أسعار الطاقة. وفق نبيل جمعة، أسعار الطاقة (الكهرباء والغاز) المرتفعة في أوروبا بنحو 5 مرات مقارنة بالجزائر، لها دور هام من حيث التحكم في تكلفة الإنتاج في كثير من المجالات الصناعية، ويوضح قائلا: «علامات تصنيع السيارات في أوروبا تواجهها مشاكل كثيرة متعلقة بسعر الطاقة، الأمر يتعلق بارتفاع كبير لتكلفة الإنتاج وبالتالي ارتفاع السعر النهائي». في هذه الشق، يشير المتحدث إلى أن أسعار الطاقة باتت تفرض تنافسية وتدفع المصنعين إلى البحث عن وجهات بأقل تكلفة: «من تداعيات ارتفاع أسعار الطاقة، مئات وحدات الإنتاج في أوروبا تنشط في مجال المناولة وقطع غيار المركبات تواجه صعوبات إلى حد التوقف عن النشاط، ما يحتم على أصحابها البحث عن استثمارات مربحة تضمن استمراريتها». يقول المصدر، «أمام الجزائر فرص عديدة لاستقطاب استثمارات نوعية في تصنيع المركبات ونشاط المناولة في قطع الغيار»، بما يخدم اقتصاد البلاد ويجسد المقاربة الاقتصادية الجديدة، ويضيف: «الجزائر بلد طاقوي وهذا حافز كبير للمتعاملين الأجانب، خاصة أن تكلفة التصنيع ستكون منخفضة مقارنة مع دول أخرى مثل أوروبا». ويعتمد تصنيع المركبات - يضيف المتحدث - على 65٪ من الطاقة (كهرباء وغاز) بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وهو ما يفسر أزمة وفرة سيارات في العالم، ناهيك عن ارتفاع كبير في الأسعار. محفزات قانون الاستثمار الجديد يعتقد جمعة أن الحديث عن مفاوضات متقدمة مع متعاملين عالميين في تصنيع السيارات للاستثمار في الجزائر، يندرج في الإطار التشريعي الجديد لقانون الاستثمار، والذي تضمن تحفيزات عديدة لفائدة المتعاملين، سواء محليين أو أجانب. وواصل المصدر قوله: «من بين المزايا الهامة تلك المرتبطة بتحويل وحدات الإنتاج دون قيود جمركية أو ضريبية، وإعفاءات تتعلق بالتجارة الخارجية، خاصة لما يتعلق الأمر بالشراكة بين متعامل أجنبي وجزائري». ومع صدور النصوص التطبيقية المتعلقة بقانون الاستثمار، يشير المتحدث إلى أنه توجد دول كثيرة تبدي اهتماما بالسوق الجزائري، بداية من الإطلاع على تفاصيل القانون الجديد وما يوفره من ضمانات، وعليه «قد تتحول الجزائر إلى وجهة ممتازة للاستثمار في بعض الشُّعَب الصناعية في السنوات المقبلة». في المقابل، يعتقد المستشار في التجارة الخارجية، أن استقطاب مصنعين عالميين في تصنيع المركبات وقطع الغيار يمكن أن يوفر للجزائر حلولا جذرية في تغطية طلب السوق المحلي، وأيضا رفع تنافسية الجزائر في أسواق خارجية، ما يسمح برفع صادرات البلاد خارج المحروقات. من جانب آخر، يشير نبيل جمعة إلى ضرورة «تفعيل الشباك الوحيد الذي من شأنه أن يكون أحد الحلول الناجعة في معالجة الملفات وتسهيل تجسيد المشاريع». من بين الشروط التي تحرص عليها الحكومة، بحسب تصريح الوزير الأول، رفع نسبة الإدماج المحلي في السيارات المصنَّعَة بالجزائر، حيث سيتعيّن على المستثمرين العمل على إشراك المناولة المحلية في عملية التصنيع من خلال دمج المركبات والأجزاء المنتجة. ولفت بن عبد الرحمان، إلى «إجراءات يجب اتخاذها، فهناك متعاملون دوليون يريدون القدوم إلى السوق الجزائرية، لكن كل حسب شروطه، وشرطنا الوحيد والأوحد هو تمكين صناعة المركبات في الجزائر، بكل أسسها وكل شروطها وكل مدخلاتها، حتى نتمكن من إرساء هذه المناولة الصناعية التي عجز عنها البعض في السابق».