المواقع الإخبارية تحتاج إلى ضبط معايير العمل.. أصبح موضوع الكشف عن الأخبار الكاذبة، خاصة في الآونة الأخيرة، محل نقاشات محتدمة في كيفيات التحقق من صحتها، وإيجاد آليات محاربتها، لاسيما وأنها أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على توجهات الرأي العام الدولي والإقليمي والمحلي، أو على مستوى التأثير فيه وتغيير مساراته. وفي هذا الشأن، قالت أستاذة القانون ايرين نوال في تصريح ل»الشعب»، إن سعي البعض من الصحفيين وراء السبق الإعلامي يجعلهم يتجنبون التحقق من صحة الأخبار قبل نشرها، الأمر الذي أدى إلى رفع معدل انتشار الأخبار الكاذبة في وسائل الإعلام الجزائرية. ورغم إيجابيات شبكات التواصل الاجتماعي في تقديم المعلومة، إلا أنها مصدر غير موثوق ووسيلة لنشر الأخبار الكاذبة (فايك نيوز)، مشيرة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر إعلاما فرديا، يعتمد على آراء الأشخاص، وليس على أخبار رسمية تُستقى من مصادر موثوقة. ولفتت إيرين، أن تنافس المستخدمين عبر منصات التواصل الاجتماعي على سرعة نقل المعلومة لتسجيل السبق، رغم كونهم أفراداً وليسوا مدراء النشر أو وكالات أنباء، أفقدوا هذه المنصات مصداقيتها، وأسهموا بشكل كبير على نشر أخبار كاذبة، منها أخبار موجهة من جهات ما لتحقيق غايات معينة. ووفق الأستاذة، فان غياب مرونة الاتصال المؤسساتي في بعض القطاعات، خاصة خلال سنوات خلت، وصعوبة الوصول إلى المعلومة ومصادر الخبر من أهم أسباب انتشار هذه الأخبار، وأحد الحلقات المفقودة في عملية التحقق من صحة الخبر، ما يستدعي العمل – تقول ايرين - على هيكلة جديدة لخلايا الاتصال في كل المؤسسات والتفعيل الجدي في نشاطها، والاعتماد على مدققين لغويين في قاعات الأخبار، وفي قاعات التحرير لتجنب الانسياق وراء الأخبار الكاذبة. وتابعت المتحدثة، الإعلام يعيش في الفترة الحالية معركة حقيقية مع مواقع التواصل الاجتماعي في تقديم المعلومة الحقيقية. لقد سارع الإعلام الكلاسيكي تؤكد ايرين إلى إيجاد منابر له في هاته المنصات من أجل إعادة إحياء التفاعل عن طريق «الهشتاغات» و»التراندات» عبر منصات التواصل الاجتماعي، لاسيما، وأن أغلب الشباب الآن والطبقة المثقفة اتجهت إلى عالم التكنولوجيا الحديثة وذلك من خلال مخاطبة أكبر شريحة ممكنة عبر هذه المنصات. وقالت الأستاذة إن ما يحدث من تطورات في الإعلام التقليدي بسبب «السوشيال ميديا»، لا يمكن اعتباره مؤشرا على انتهاء الإعلام الكلاسيكي، إنما تسليم راية لإعلام البديل، وتقدم طبيعي وعادي ولكنه يحتاج - حسبها- إلى ضبط معايير للتوجه إلى قيادة الإعلام عبر وسائل التواصل، ولكن – تستدرك محدثتنا - هناك دائماً شعور بضعف القدرة على إدارة زمام هذا المورد الإعلامي الكبير، مشيرة إلى أن جعل منصات التواصل الاجتماعي شريكاً مرنا ومدعما للإعلام ليس عيبا، لكن العيب هو الانغلاق والجمود. وعن الأسباب التي جعلت هذه المواقع المصدر الرئيسي للمعلومة، قالت الأستاذة إن سهولة الولوج إلى هذه المواقع جعل الكثيرين يستعملونها ويستغلونها للترويج لأخبار كاذبة بغية تحقيق أهداف معينة، إضافة إلى هذا وفرت الشبكات الرقمية الكثير من الخيارات لدى مستخدميها أفضت إلى إشباع رغباتهم الإعلامية بطرق ميسرة، وجعلتها فضاءات للممارسة الإعلامية في إطار ما يسمى بصحافة المواطن التي أفضت إلى الكشف عن أوجه المواقع الإلكترونية الأكثر إثارة للفوضى المعلوماتية والفضاء الرئيسي لما يسمى بالأخبار الكاذبة. المصادر الرسمية لمجابهة «الفايك نيوز».. مع ارتفاع وتيرة تنامي هذه الظاهرة، وتداعياتها على مختلف الأصعدة، دعت الأستاذة ايرين إلى الاعتماد على المصادر الرسمية والموثوقة، قائلة إنها أهم سلاح لمحاربة الأخبار الكاذبة باعتبارها المصدر الرئيسي للمعلومة الصحيحة والتي يظهر من خلالها صحة الخبر المتداول من عدمه، خاصة وأن هذه المصادر تعزز الخبر بوثائق أو صور أو فيديوهات رسمية. كما شددت على أهمية سن قوانين لردع ناشري ومروجي الأخبار الزائفة وفرض رقابة على منصات التواصل الاجتماعي واعتماد إجراءات وآليات صارمة لتتحقق من الأخبار المنشورة بمواقعها، والانخراط في المبادرات التي أطلقتها بعض المنظمات والمؤسسات الإعلامية المختلفة وحتى حكومات بعض الدول، التي عملت على تشجيع وتبني مبادرات محاربة الأخبار الزائفة ومجابهة مروجيها.