تسهيل ولوج الشباب إلى سوق العمل عن طريق التوظيف الذاتي بعد سنوات من النشاط من دون أطر قانونية، سيستفيد عن قريب المقاولون الذاتيون من قانون خاص بهم، وهذا بعد عرض مشروع القانون الأساسي للمقاول الذاتي على البرلمان لمناقشته وإثرائه، ويهدف هذا المشروع إلى تحديد الشروط والقواعد المطبقة على ممارسة نشاط المقاول الذاتي، الذي أدرج في مخطط عمل الحكومة لسنة 2022 وذلك بعنوان قطاع اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة. يرمي مشروع هذا القانون إلى تنظيم الأنشطة الاقتصادية الجديدة التي ظهرت مع بروز اقتصاد المعرفة والاقتصاد الرقمي، والتي لا تخضع لأي إطار قانوني إلى حد اليوم بحسب ما جاء في مشروع القانون- مثل نشاط مطور تطبيقات الويب والهاتف، والمسوق الإلكتروني، وسائق سيارة النقل (VTC) ومسير منصات التواصل الاجتماعي والأنفوغراف. بحسب عرض الأسباب، فإن مشروع هذا القانون الأساسي للمقاول الذاتي، من شأنه تطوير الروح المقاولاتية وتسهيل ولوج الشباب إلى سوق العمل عن طريق التوظيف الذاتي، وبالتالي تقليص عدد الأفراد الذين ينشطون في السوق الموازية بدون تغطية الضمان الاجتماعي وكذا المساهمة في إدماج هذه الفئة في الاقتصاد الرسمي، وسيسمح مشروع القانون بعد اعتماده بتخفيض أعباء المؤسسات الناشئة من خلال تمكينهم الاستعانة بالمقاولين المستقلين وكذا الاستغلال المشترك للموارد البشرية بين المؤسسات المختلفة. كما يسهل تصدير بعض الخدمات الرقمية، مثل تطوير تطبيقات الويب والهاتف المحمول، والتسويق عبر الإنترنت، وإدارة منصات التواصل الاجتماعي والأنفوغرافيا، لاسيما في سياق اللوائح الجديدة التي أصدرها بنك الجزائر بخصوص الترخيص بتحويل كل عائدات تصدير الخدمات الرقمية من العملة الصعبة نحو الوطن. وبحسب نص المشروع التمهيدي، فإن القانون الأساسي للمقاول الذاتي معتمد في العديد من بلدان المنطقة، أين أثبت فعاليته في تنظيم الأنشطة الاقتصادية بتشكيله لإطار متعدد التخصصات يتوافق مع احتياجات كل القطاعات الاقتصادية وكذلك أداة قوية لضمان الإدماج الضريبي والمالي. ومن هذا المنظور، يحدد مشروع القانون تعريف المقاول الذاتي ب «الممارسة الفردية لنشاط مربح يندرج في قائمة الأنشطة المؤهلة المحددة عن طريق التنظيم، والذي لا يتجاوز رقم أعماله السنوي حدا يحدد طبقا للتشريع المعمول به»، ويستثني مشروع القانون من نطاق تطبيقه المهن الحرة والأنشطة المقننة والحرفيين. المقاول الذاتي في مشروع قانون المالية 2023 ومسايرة لذات النسق، جاءت المادة 16 من مشروع قانون المالية 2023 لتتمم أحكام المادة 282 مكرر 4 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة، والتي تخضع الأنشطة الممارسة تحت النظام القانوني للمقاول الذاتي إلى الضريبة الجزافية الوحيدة بمعدل 5%. وبحسب ما جاء في عرض أسباب المادة 16 من مشروع قانون المالية، فإن هذا التدبير يرمي إلى تحديد المعدل التفضيلي الواجب تطبيقه بعنوان الضريبة الجزافية الوحيدة، على الأنشطة الممارسة ضمن النظام القانوني للمقاول الذاتي، بعدما شهدت السنوات الأخيرة ظهور أنشطة جديدة في سوق الشغل، لا سيما تلك التي لها صلة بالاقتصاد الرقمي، مثل مطوري تطبيقات المواقع الالكترونية وسائقي سيارات النقل والانفوغرافيين، حيث أضحى من الضروري استحداث إطار قانوني يتلاءم مع خصوصيات هذه الأنشطة وهذا بهدف تطوير روح المقاولاتية، ولغرض تكييف النظام الضريبي مع هذه التطورات، اقترح المشروع إخضاع أرقام الأعمال المتأتية من ممارسة هذه الأنشطة إلى الضريبة الجزافية الوحيدة، بمعدل 5%، وذلك عندما لا يتعدى المبلغ السنوي لرقم الأعمال خمسة ملايين دينار. رأي الناشطين في مجال المقاولاتية في هذا الصدد يرى رئيس المركز الجزائري للاستشراف الاقتصادي وتطوير الاستثمار والمقاولاتية أكرم زيدي، في تصريح ل «الشعب» أن مشروع القانون الأساسي للمقاول الذاتي الذي قدمه وزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، مشروع بالغ الأهمية، حيث ينتظر أن ينظم الأنشطة الاقتصادية التي برزت مع اقتصاد المعرفة والاقتصاد الرقمي مع التحولات التكنولوجية العالمية في هذا المجال وانفتاح الشباب الجزائري على العالم الخارجي للتكنولوجيا الحديثة وولوجه عالم الابتكار، من خلال ممارسته لأنشطة اقتصادية حديثة، على غرار التسويق الالكتروني وتطوير تطبيقات الويب والهاتف النقال بالإضافة إلى نشاط مسير منصات التواصل الاجتماعي والأنفوغراف وكذا نشاط سائق سيارة النقل (VTC)، وكلها نشاطات اقتصادية فردية لها مردودية وقيمة مضافة للاقتصاد الوطني، ناهيك عن دورها في تمتين النسيج الاقتصادي الوطني الذي يحتاج في تكامله للأنشطة الاقتصادية الفردية والجماعية، علاوة على هذا، سيوفر مشروع القانون، بيئة الأعمال الملائمة لاستقرار مزاولة النشاط الاقتصادي للمؤسسات الاقتصادية المصغرة والناشئة منها أو حتى الكبرى. ومن شأن وضع الأطر القانونية للنشاطات الاقتصادية الفردية، أن يساهم في تعزيز الاقتصاد الرسمي وكبح تمدد السوق الموازية، وهو ما تضعه الحكومة اليوم ضمن اهتماماتها الكبرى، سعيا لتعزيز اندماج القطاع الموازي ضمن القنوات الرسمية بالإضافة إلى ترقية وتطوير المؤسسات والمقاولاتية، والمساهمة في ترقية التشغيل ومكافحة البطالة وكذا تصدير بعض الخدمات الرقمية خاصة بعد صدور اللوائح الجديدة لبنك الجزائر، التي تعتبر دافعاً كبيراً يطمئن متعاملي هذه النشاطات الاقتصادية، وهو جهد كبير تعكف الطبقة الاقتصادية بمعية الحكومة والسلطات العمومية على تجسيده بهدف تقوية الاقتصاد الوطني. ويؤكد رئيس المركز الجزائري للاستشراف الاقتصادي وتطوير الاستثمار والمقاولاتية، أن مقترح الوزارة الوصية بإنشاء سجل وطني للمقاول الذاتي بهدف مراقبة الأنشطة ذات الصلة وكذا إصدار بطاقة المقاول الذاتي والمرافقة العملية لتجسيد النشاطات الاقتصادية الفردية، باستثناء المهن الحرة والحرف والنشاطات المقننة في السجل التجاري، يجب أن يتبعه تفكير في إنشاء صندوق لتمويل هذه النشاطات الاقتصادية ووضع الإطار القانونية للاستفادة من تمويل أجهزة دعم الدولة المخصصة لإنشاء المؤسسات المصغرة والمؤسسات الناشئة، ويبقى المطلوب في الأخير حسب ذات المتحدث، إثراء ومناقشة مشروع القانون هذا مع المختصين على كل المستويات التنفيذية والتشريعية والاستشارية وكذا المنظمات الاقتصادية، ضماناً لتكامل المشروع والإلمام بكل جوانبه.