توقع الدكتور رضوان بوهيدل الخبير في الشؤون السياسية والدولية، أن تكون نتائج قمة نوفمبر علامة فارقة في مسار القمم العربية، بالنظر إلى رفعها لرهان لم الشمل العربي وتسخير جهود دبلوماسيتها لتعميق الحوار العربي-العربي حول مختلف القضايا التي من شأنها أن ترفع من سقف التنسيق والتعاون المشترك، وقال إن الجزائر تسعى لإذابة الجليد مابين عدد من الدول في علاقاتهم البينية. - الشعب: في البداية كيف يمكن اختزال القرارات الجوهرية والهامة التي أسفرت عنها ثلاث قمم احتضنتها الجزائر؟ د.رضوان بوهيدل: الأكيد أن تاريخ قمم الجزائر الثلاث، يبقى نقطة تحول مهمة وجوهرية في تاريخ القمم العربية، علما أن قمة عام 1973 تزامنت مع الحرب العربية الصهيونية وتداعياتها، حيث اتخذت الدول العربية قرار قطع الإمداد بالبترول على الدول الغربية، مما أحدث صدمة عالمية وأزمة اقتصادية بالنسبة للكثير من الدول، وأثبت العالم العربي أنه يمكنه الخروج بموقف موحد، وأما قمة 2005 كانت علامة فارقة بالنظر إلى الحضور القوي للقادة العرب، بالإضافة إلى ما يعرف بمبادرة السلام المطروحة آنذاك، كما تم طرح مبادرة جزائرية وتتمثل في إصلاح الجامعة العربية، ولا يخفى أن الجزائر بسمعتها وخبرتها الدبلوماسية لديها كل مفاتيح التحكم وإنجاح القمم والتظاهرات الكبرى، وأعتقد أن قمة الفاتح من نوفمبر ستكون أقوى وأنجح من القمم السابقة. - ما هي أهم الملفات التي ستحظى بالأولوية خلال اجتماع القادة العرب؟ هناك العديد من الملفات على المستوى المحلي والإقليمي وكذا الدول التي ستحظى باهتمام القادة العرب خلال القمة العربية، وأعتقد أن هناك بعض المناطق التي تعيش حالة من الأزمات وتبحث عن حلول لها، من خلال قمة الجزائر، ودون شك سيتم المبادرة بعدد من الحلول التي تقوم على العمل العربي المشترك وليس الحلول الفردية، فهناك الأزمة في ليبيا وسوريا واليمن والسودان، ويضاف إلى كل ذلك القضية الأم التي ستعود على رأس أولويات الجامعة العربية والمتمثلة في القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى ملفات إقليمية وتداعيات جدية، ومن بينها تهديدات ومخاطر الأمن الغذائي، وكذلك ينبغي الإشارة أن الشق الاقتصادي مهم بالنسبة للدول العربية، بالإضافة إلى الأزمة العالمية وتداعياتها على العالم العربي وعلى الدول العربية والمتمثلة في الحرب الروسية الأوكرانية، ولا أعتقد أنها ستخرج من ضمن الملفات التي ستناقش بالقمة العربية بالجزائر. ينتظر من قمة نوفمبر أن تكون بالدرجة الأولى قمة لم الشمل العربي وتقريب وجهات النظر، إلى جانب تعزيز التعاون البيني المشترك..كيف ذلك؟ في هذه النقطة يمكن القول كذلك إن الجزائر تسعى لإذابة الجليد مابين عدد من الدول في علاقاتهم البينية، لأن هناك بعض الخلافات في وجهات النظر لا ترقى إلى الصراعات لكنها تؤثر على العمل العربي المشترك، لذا الجزائر سعت طيلة أسابيع حتى لا أقول أشهر لرأب الصدع مابين بعض الدول العربية فيما بينها حتى تكون قمة للمّ الشمل وقمة لموقف عربي واحد. - المجال الاقتصادي يعد تحديا حقيقيا للقادة العرب خاصة ما تعلق بإيجاد حلول لإرساء الأمن الغذائي في إطار التضامن العربي؟ إن الاقتصاد جد مهم بالنسبة للدول العربية في التعاون والتبادل المشترك خاصة ما تعلق بالجمركة وتنقل البضائع والأشخاص، أي بعد تأسيس الجامعة العربية في منتصف عقد الأربعينيات من القرن الماضي مازال هناك تأشيرة تفرض، كل هذا سيكون ضمن نقاش القمة، بالإضافة إلى ما يعرف بمنطقة التبادل الحر العربية والتي سيدفع بها مجددا في قمة الجزائر حتى لا تبقى حبرا على ورق. - القمة العربية ستنظر في قضايا أمنية وبؤر توتر ومكافحة الإرهاب بالمنطقة في ظل تحول جيو استراتيجي عالمي..هل تتوقعون أن يتم التوصل إلى قرار يفعّل التنسيق المشترك؟ كل شيء وارد في قمة الجزائر، أي تفعيل العمل العربي في جميع المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية وحتى الرياضية، لكن أكيد التهديدات والمخاطر التي يعيشها العالم في الوقت الحالي تحتاج إلى تنسيق أمني أكبر، ولِمَ لا الذهاب إلى تنسيق عسكري، واستحداث جيش عربي يدافع عن الأمة العربية مثلما يحدث مع تكتلات أخرى بالعالم. ولعل الأكيد أنّ بوادر نجاح قمة الجزائر بدأت تظهر على أرض الواقع لأنه يكفي أنها قمة الفاتح نوفمبر، أي تحمل اسما وتاريخا يحملان رمزية ودلالة من شأنها أن تعبد المسار ويمهد الطريق لنجاح القمة.