دهاء في السياسة والدبلوماسية.. براعة في قيادة الجيوش ومهارة في تنظيم الدولة رئيس الجمهورية يولي عناية خاصة لكل المسائل المرتبطة بالذاكرة وصف وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة، الأمير عبد القادر برائد الجهاد والمقاومة، ورمز الفكر والأدب وقطب التصوف والعلم. أكد ربيقة، في ندوة تاريخية، بعنوان «مبايعة الأمير عبد القادر الجزائري، حيثياتها ومرجعيتها القانونية» نظمها أمس المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954، أن الأمير عبد القادر بن محي الدين جمع كل المكارم والشمائل بفضل ما منحه الله إياه من قوة إيمانية وإرادة فولاذية وعزة نفس وسداد البصيرة. وقال الوزير: «هذا القائد الذي طبقت شهرته الآفاق، بمقاومته وإنسانيته وإمارته التي لم يطلبها بل فرضت عليه، من أجل تثبيت مكونات هويتنا وتنظيم مواجهة الاستعمار الفرنسي «. وأضاف ربيقة أن الأمير عبد القادر حمل الأمانة ناكرا للذات وهو لم يتجاوز ال 25 من عمره، وراح يدافع عن حق شعبه في الحياة الحرة الكريمة ويواصل الجهاد بالسلاح، وبلسان الحكمة والسداد وبالعمل الدؤوب رغم شح الوسائل وتفوق العدو عدة وعددا وخذلان المناصر، جاهد وصمد في وجه الغزاة. وقال : «تشبث المناضلون والمجاهدون بمبادئه وساروا على نهجه في التضحية والفداء من أجل الحرية والاستقلال إلى أن بزغ فجر نوفمبر، فأنجب ثورة استشهادية مباركة حررت الشعب من أغلال الظلم والاستبداد، واسترجعت السيادة الوطنية كاملة «. وأكد الوزير أن شخصية الأمير عبد القادر تميزت بصفات قلما اجتمعت في رجل واحد، دهاء في السياسة والدبلوماسية وبراعة في قيادة الجيوش ومهارة في تنظيم الدولة وحنكة في الإستراتيجية الحربية. ودعا وزير المجاهدين إلى تعزيز العمل على حماية مآثر الأمير عبد القادر الجزائري وأمثاله من عظماء الجزائر، والحفاظ على ذاكرتهم والسهر على إيصال رسالتهم إلى الأجيال الصاعدة. وقال :»لن يتأتى لنا ذلك إلا بإحياء ذكراهم في كل مناسبة ونشر أعمالهم، ودحض مزاعم أعداء التاريخ الوطني عبر الدراسات العلمية الأكاديمية العميقة، وتجسيد أعمال كبرى حول هذه الشخصيات «. وأضاف :» مبادرة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بإنجاز عمل سينمائي بمواصفات عالمية حول الأمير من خلال إنشاء مؤسسة الجزائري لإنتاج وتوزيع واستغلال فيلم سينمائي عن الأمير يندرج في إطار العناية الخاصة التي يوليها رئيس الجمهورية لكل المسائل المرتبطة بذاكرتنا الوطنية». باحثون: الأمير أسس للقانون الدولي وحقوق الإنسان استعرض باحثون في ندوة تاريخية امس، بمناسبة الذكرى ال 190 لمبايعة الأمير عبد القادر، مشروع الدولة وحقوق الإنسان عند هذه الشخصية الوطنية، ومبايعته على أسس الشريعة الإسلامية وتزكية شعبية وهي قمة الديمقراطية. قدم الأستاذ الدكتور ودان بوغفالة من جامعة ابن خلدون تيارت، مداخلة حول مبايعة الأمير عبد القادر وحيثياتها ومرجعيتها العقائدية والقانونية، ركز على مشروع الدولة والوطن وحقوق الإنسان عند الأمير عبد القادر من خلال محطات عديدة أولا محطة المبايعة الرائدة للأمير، ليس فقط في الجزائر، بل أيضا في العالم الإسلامي. أبرز في مداخلته أن الأمير عبد القادر أسس لنظام سياسي جديد قائم على المشاركة الشعبية الموسعة بحكم الأقليات والمجموعات والفئات، مثلما هو الشأن بالنسبة لباقي بلدان العالم العربي والإسلامي في تلك الفترة خاصة خلال النصف الأول من القرن 19. وتحدث الدكتور بوغفالة أيضا عن البعد الإنساني في مقاومة الأمير عبد القادر، وكيف أسس للقانون الدولي وحقوق الإنسان خاصة وأنه ركز على نقاط كثيرة يراعي فيها حقوق الإنسان حتى وهو في زمن الحرب، حيث كان يوصي بالأسرى خيرا ومنع العادة التي كانت متداولة بين المتحاربين وهي قطع الرأس، انفتح على الآخر واعترف بثقافة الآخر وحضارته. وقال الدكتور بيتور علال أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة الجزائر 02، أن الأمير عبد القادر رائد المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي في شقها الغربي حتى التيطري والجنوب الشرقي، وباعث الدولة الجزائرية بعد سقوطها في 5 جويلية 1830، على أسس الشرعية الشعبية بحيث بايعه معظم شيوخ القبائل بأغريس بيعة شرعية بالمصافحة كبيعة الخلفاء رضي الله عنهم. وبالمناسبة كُرمت ممثلة مؤسسة الأمير عبد القادر زهور بوطالب، وعائلة المرحوم المجاهد والمؤرخ يحيى بوعزيز، وعدد من الباحثين.