انخرطت الجزائر بمسار شفاف ووفق ترتيبات تشريعية واقتصادية متناسقة، مرتكزة في العمق على استشرافات دقيقة، تكاد تكون محسومة الأفق، فانفتحت بقوة ومرونة على بناء الشراكات المربحة والواعدة لتنويع اقتصادها، المهيأ أكثر من أي وقت مضى، للسير نحو منحنى تصاعدي وبتنافسية عالية، تعكس القدرات وجاذبية مناخ الأعمال ووفرة الموارد، ليصب كل ذلك في حتمية أهمية هذا التحول الجدي الكبير، المرتقب أن يكون قاطرة تدفع بالجزائر نحو الأمام للتموقع بثقة بالأسواق العالمية. إن استغلال الإمكانات على أكمل وجه، يعد تحديا جوهريا في منعرج استراتجي، يعبره الاقتصاد الوطني، مستفيدا من تجارب سابقة. وتعد الموارد المالية أحد الميكانزمات البارزة، ويمكن التعويل عليها لاستحداث المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكذا توسيع المؤسسات الإنتاجية الطموحة، في إطار رهان تكثيف النسيج المؤسساتي، خاصة ما تحتاجه المنظومة الاقتصادية من تنويع وتوفير احتياجات الطلب الوطني، ورصد كميات معتبرة للتدفق بأسواق عالمية، وبالتالي إعادة الاعتبار للتصدير أحد مفاتيح ترقية النمو ومواكبة التطور الاقتصادي العالمي السريع. إذن، بعد إرساء سلسلة من الإجراءات المناسبة، مثل مراجعة قانون الاستثمار، باتت إثر ذلك الآفاق الإيجابية تلوح بالمزيد من المكاسب، المنتظر جنيها على الأمدين المتوسط والطويل، ضمن جهود تطوير الآلة الإنتاجية وتنويع الاقتصاد، لكن ينبغي التعجيل بإطلاق الآليات اللازمة التي تمنح دفعا لوفرة الموارد المالية بالبنوك وعدم اللجوء إلى ميزانية التجهيز؛ بمعنى الاستناد إلى الخزينة العمومية لاقتطاع الأموال. ولأن هناك من يعكف على إثارة تجربة الدول الاسكندنافية، التي تعتمد على الادخار العائلي أو ما يطلق عليه بادخار الأجور، كآلية أولى لتمويل الاستثمارات، سواء تعلق الأمر بإنشاء المؤسسات الاقتصادية أو إنشاء البنى التحتية التي يحتاجها الاقتصاد والبلد، حيث يتم رصد 30٪ من الأجور لفائدة الاستثمارات وتمويل الاقتصاد. ولأن الجزائر مقبلة على تطوير الآلة الإنتاجية بما يتوافق والقدرات المعتبرة، يمكن في البداية الحرص على استقطاب أموال السوق الموازية، بكل ما أوتي من آليات وفرص، ومن خلال صياغة رؤية محكمة يسهر على تجسيدها على مراحل وفي كل مرحلة تقيم الخطوات الإيجابية وتشخص النقائص، إلى غاية النجاح في بناء تجربة خاصة بالجزائر لا تشبه باقي التجارب، وتتوافق مع المنظومة الاجتماعية والاقتصادية الجزائرية، ينخرط الجميع في مسعى تطوير الاقتصاد.