الدبلوماسية الثقافية.. الوجهُ المكمّل لنجاح الدبلوماسية السياسية تتواصل نجاحات الدبلوماسية الجزائرية، في تحقيق أهداف السياسة الخارجية الجديدة، خاصة في العمل المتعدد الأطراف، ولعل من أقوى انتصاراتها الأخيرة، تسجيل أغنية الراي ضمن التراث العالمي غير المادي من الجزائر، بعد محاولات مفضوحة للسطو على كل ما هو جزائري. فازت الجزائر، بأغلب ترشيحاتها على مستوى اللجان أو الهيئات الدولية الحكومية، في السنتين الأخيرتين، رغم المنافسة الشرسة، وآخر ما حققته انتخابها الخميس، نائبا لرئيس الدورة ال 27 لندوة الدول الأطراف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. وقبل ذلك، نالت عن جدارة واستحقاق عضوية مجلس حقوق الإنسان وبأغلبية ساحقة من الأصوات، فيما أعيد انتخاب السفير الجزائري، للمرة الثانية تواليا رئيسا للجنة الخدمة المدنية للأمم المتحدة، ب 121 صوتا مقابل 64 صوتا لمنافسه المغربي. ومن أبرز المحطات التي ستضاف لنجاحات الدبلوماسية الجزائرية، وتحديدا الدبلوماسية الثقافية، تسجيل أغنية الراي، ضمن التراث العالمي غير المادي للإنسانية من قبل اليونيسكو، أول أمس، بالرباط. وجاء ذلك، في الاجتماع ال17 للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، بعد مرور الملف على لجنة تقييم صون التراث التابعة لذات المنظمة. ومنذ الخميس، 01 ديسمبر الجاري، أصبح الراي، أغنية شعبية من الجزائر تتقاسمها مع الإنسانية جمعاء، ليوضع حد نهائي لمحاولات السطو على هذا الفن العريق من قبل المغرب الذي شن حملات إعلامية دون توقف على الجزائر، وعلى الملف الجزائري الذي تم تقديمه لليونيسكو. ولم يأت الاعتراف العالمي، بالسهولة التي قد يتخيلها البعض، إذ الظروف الإقليمية المستعرة بفعل دبلوماسية القرصنة والاستقطاب التي تمارسه الأطراف التوسعية، أخرجت كل شيء عن سياقها سواء تعلق الأمر بالرياضة أو بالثقافة. وعملت وزارة الشؤون الخارجية، على مدار 08 أشهر كاملة، من أجل تهيئة الطريق أمام ملف أغنية الراي، الذي اشتغلت على إعداده مصالح وزارة الثقافة، ونجحت عبر إستراتيجية هادئة في تحقيق الهدف النهائي، دون إتاحة المجال لأدنى اعتراض أو تحفظ أو تشويش من قبل أعضاء اللجنة. وسبق لوزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج رمطان لعمامرة، أن أكد بأن الجزائر « لا تمارس سياسة مكبرات الصوت»، ومقابل ذلك تثبت جدارتها في الميدان من خلال قوة الإقناع بملفات محكمة، في وقت لم يجرأ الطرف الذي زعم نسبة أغنية الراي، على تشكيل ملف من وثيقة واحدة، رغم الضجيج الذي أثاره منذ 2001. الانتصار المحقق، الخميس، وبعاصمة المغرب، يبرز قدرة الجزائر على التصدي لمحاولات سرقة ممتلكاتها الثقافية، ويؤشر أيضا على دبلوماسية ثقافية بعيدة الأمد تعزز مقومات الشخصية العالمية للجزائر. وضمن السياق، يندرج الالتزام ال 50 لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي ينص على «تجسيد دبلوماسية ثقافية ودينية في خدمة الإشعاع الثقافي للجزائر».