اختتم المعرض الفردي للفنون التشكيلية الموسوم «ألوان وذاكرة»، الذي جسده الفنان المخضرم عبد الرحمن كحلان، وذلك في رواق فرانس فانون بديوان رياض الفتح، والذي عرف خلال الأيام الثلاثة الأخيرة توافدا للجمهور الذي استمتع باللوحات التي روجت للموروث الثقافي الجزائري، إلى جانب بعض الأواني التقليدية التي اختارها الفنان بعناية لتضفي على المكان لمسة من نوع آخر، تعكس جمال وسحر الجزائر. ضمّ المعرض نحو 30 لوحة مصممة بمختلف التقنيات وبلمسات فنية متميزة، عالج الفنان التشكيلي عبد الرحمن كحلان من خلالها عدة مواضيع ذات دلالة بالموروث الثقافي الجزائري، ويعتبر هذا المعرض حصادا إبداعيا للفنان عبد الرحمن كحلان، حيث لخصّ مسيرته العصامية بين الريشة والألوان، الممتدة تقريبا من 1993، حيث قدّم ما جادت به قريحته الفنية من جمال وأصالة القصبة التي مازالت تسحر العيون بزينتها العتيقة العميقة الأصيلة. وعلى غرار الأعمال التي حاكت في تقاسيمها التراث الجزائري، وضّف صاحب المعرض التشكيلي في أعماله التي اعتمد فيها على الأكريليك والألوان المائية والزيوت، وبعض من والوسائط المختلطة جانبا من فيوض الروحانيات التي استقطبت عشاق الطلاسم الفنية. حاول الفنان عبد الرحمن كحلان من خلال أعماله التي زينت رواق فرانس فانون الترويج للسياحة الوطنية، كما اعتمد على توثيق عناوين بارزة في لوحاته، من بينها لوحة «سيدي عبد الرحمان»، «قصور الجزائر»، «أبواب القصبة السبع»، «الدويرات» ولوحة تمثل «الهندسة المعمارية للقصبة»، التي ركّز فيها الفنان التشكيلي على التلاحم الطاغي على بنية المنازل المتراصة بشكل خرافي جميل، إضافة إلى الحضور القوي في لوحة «نوافذ القصبة المطلة على الواجهة البحرية»، الباعثة على الهدوء والأمل، ولوحة «الزرابي» و»أسماء الله الحسنى»، وإلى جانب اللوحات عرف المعرض ترويج للأواني الفخارية التقليدية التي كانت منتشرة لدى العائلات الجزائرية خاصة سكان القصبة، حيث اعتمد الفنان في صناعتها على الألوان الترابية وصمم رسوماتها ونقوشها المبثوثة بكل دقة على حواف كل قطعة على طريقة الأجداد، وتمثلت الأواني في كل من «الطاجين» و»الڤصعة»، إضافة إلى بعض الآلات الموسيقية مثل البندير المزخرف.. وعلى غرار اللوحات التي ترجم فيها صاحبها أحاسيسه وخياله، وما بقي عالقا في ذاكرته من عبق الماضي وريحة زمان ومن مسقط رأسه المسيلة، وما ترسب من أعمال خالته صانعة الزرابي وجده الذي كان يعمل خياطا وطرازا ماهرا، اقتبس من ملهمه الفنان محمد راسم لوحة كان قد رسمها قبل 20 عاما، مزج فيها بين الزخرفة والمنمنمات، والتي اعتبرها من بين أجمل ما رسمه في حياته، حيث قدمها بلمسته الخاصة. وفي ذات السياق، قدّم الفنان تكريما خاصا لشقيقته المتوفية، التي طالما كانت تشجعه على مواصلة تحقيق حلمه في عالم الفن التشكيلي، ولقد خصّها بلوحة تمثل امرأة على هيئة شجرة خضراء كرمز للعطاء والكرم والاحتواء. ومن خلال اللوحات التي طغى عليها الجانب الروحي والصوفي، حاول ايصال رسالة مفادها أن كل فنان يبدع وفق فطرته التي جُبل بها، ودائما ما يكون الجانب الديني هو بوصلة الأعمال التي ستبقى حاضرة وبقوة في كل زمان ومكان. للإشارة، عبد الرحمن كحلان فنان تشكيلي عصامي، بدأ مشواره مع عالم الفنون التشكيلية منذ 30 عاما، أغلب أعماله انصبت حول قصبة الجزائر وما تحويه من زخم فني رائع من موروث تناقلته الأجيال عبر الزمن، شارك في عدة معارض فردية وجماعية، أبرزها ما كان في قصر الثقافة ومتحف الباردو وخداوج العمياء وغيرها من الفضاءات الثقافية، ومن بين أهم المشاريع التي يفكر في تجسيدها مستقبلا، تتمثل في مجموعة أعمال فنية تحمل الهندسة المعمارية لقصور الجزائر، وأخرى حول معالم قسنطينة وبعض مناطق من الصحراء الجزائرية، وعلى غرار تحضيره لمعرض خاص في شهر ماي المقبل من السنة الجارية، يستعد كحلان لاحتضان مسابقة للفنانين العصامين ستجرى بقصر الثقافة مفدي زكرياء خلال الأشهر القليلة القادمة.