التحكم في نوعية المعلومة ومصدرها ومصداقيتها وكفاءتها تسعى الجزائر إلى تحقيق تنمية رقمية عبر القيام بالعديد من الإصلاحات الملموسة في مجال رقمنة المرافق العمومية ما من شأنه تحقيق تنمية مستدامة، وذلك بتبني عدة مشاريع هامة ترمي لعصرنة الإدارة وتحسين الخدمات العمومية وتقريب الإدارة من المواطن، وهو ما جعله رئيس الجمهورية أولوية إستراتيجية لتجسيد الحوكمة الإلكترونية، في إطار مقاربة وطنية شاملة مدمِجة للرقمنة والعصرنة. انتهجت وزارة الرقمنة والإحصائيات مخطط عمل لتحقيق تحول رقمي وتحسين الاتصال، وتعميم استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال خاصة إدارة المرفق العمومي وحوكمة القطاع الاقتصادي، من خلال إستراتيجية وطنية تقوم على عناصر تضمن نجاح التحول الرقمي المنشود. وتعوّل الحكومة على إنجاح التحول الرقمي من أجل القيام بدوره في تحقيق الإنعاش الاقتصادي، تنفيذا لتعهدات رئيس الجمهورية، وذلك لن يكون إلا بتنمية وحوكمة رقمية تشمل كل القطاعات، وتعزيز الدفع الإلكتروني، ووضع إطار تنظيمي للرقمنة وترسيخ الثقافة الرقمية لدى المواطنين ما من شأنه تسريع وتيرة الرقمنة في بلادنا، وهذا لا يمنع التعاون والشراكة مع البلدان ذات الخبرة في هذا المجال، دون إهمال تأمين وحماية الشبكة الوطنية للمعطيات والبيانات عبر الأمن السيبراني. لهذا فالوتيرة غير المرضية التي أثارت حفيظة رئيس الجمهورية تفرض على وزارة الرقمنة والإحصائيات مواصلة العمل والجهد من أجل ترجمة الإرادة السياسية للسلطات العليا في البلاد، تماشيا مع الالتزام ال 25 لرئيس الجمهورية وتجسيد هذا الخيار الإستراتيجي في الميدان، الذي يهدف إلى تحسين الربط البيني وتعميم استعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال، لاسيما في إدارات الخدمة العمومية، وتحسين حوكمة القطاع الاقتصادي مع تبني مسعى شامل وجماعي وموحّد. وزارات ترقمنت وأخرى تعثرت وكانت الإدارات قد طورت في مجال الخدمات الإلكترونية، 454 خدمة عمومية دخلت الخدمة عبر الإنترنت، بالإضافة إلى 178 خدمة عمومية تجري عملية رقمنتها، في انتظار وصولها إلى ما يقارب 632 منصة، كما تم تحديد عناصر هذه الإستراتيجية بالتشاور مع المؤسسات والإدارات العمومية ومؤسسات التكوين والبحث والخبراء ومختلف المتعاملين الاقتصاديين والفاعلين الرقميين وكذا المؤسسات الناشئة. وفي إطار التحول الرقمي هناك وزارات حققت قفزة على غرار وزارة العدل، التي تتوفر على منصة للسوابق العدلية لكل الجزائريين، ووزارة الداخلية والجماعات المحلية التي نجحت في الرقمنة عبر مشروع البطاقة وجواز السفر وحتى رخصة السياقة البيومترية، ناهيك عن وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، في حين هناك قطاعات لم تتجاوب بعد مع هذا المسعى كوزارة المالية، ووزارة السياحة. تطوير منظومة وطنية للمعلومات الإحصائية ضرورة في المقابل تم إنشاء شبكة وطنية لجمع المعلومات الإحصائية من المستوى المحلي إلى المستوى الوطني لتعزيز جودة الإحصاءات والمؤشرات الاجتماعية، والاقتصادية بهدف جعل الإجراءات العمومية والإصلاحات التي يتعين القيام بها أكثر فعالية وكفاءة،التزام تعمل وزارة الرقمنة والإحصائيات على تجسيده سريعا وفق أرضية عمل تركز على توفير المعطيات الضرورية بالكمية والدقة والنوعية والمصداقية المطلوبة وفي الوقت المناسب لصياغة سياسات العمومية وتقييمها. ويشكل إدخال التكنولوجيات الرقمية عاملا رئيسيا في العملية الإحصائية باعتبارها أدوات لجمع ومعالجة البيانات لاسيما مع بروز البيانات الضخمة والبيانات المفتوحة، وكذلك الأخذ بالتزامات الجزائر الدولية فيما يخص توفير المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، من بينها أجندة 2030 الخاصة بأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة المتكونة من أكثر من 232 مؤشر إحصائي وأجندة الاتحاد الإفريقي 2063 بأكثر من 88 مؤشرا. التعميم تحدي قائم ولكن ليس بمستحيل وأكد الخبير في شؤون البيئة والتنمية المستدامة دراجي بلوم علقمة، حقيقة، أن ما جاء في تدخل رئيس الجمهورية بخصوص ضرورة السير بجدية ودون هوادة لتجسيد وتعميم الرقمنة، نقطة جد إستراتيجية وتستوجب الالتفاف حول هذا المسعى الهادف والنبيل لاسيما عندما تلمس العزيمة القوية والنية الصادقة، حول هذا الملف والقضايا الأخرى التي تناولها بصرامة وإصرار. وقال الخبير في شؤون البيئة والتنمية المستدامة، إن تعميم الرقمنة يشكل أكبر تحد أمام الدولة، غير أن الأمر ليس بالمستحيل بل على العكس هو ممكن حين تتوفر العزيمة القوية والنية الصادقة ، وهذا ما أكد عليه رئيس الجمهورية من خلال المضي قدما إلى أبعد الحدود في رقمنة كل القطاعات. وأوضح علقمة أن الرقمنة تشكل المفتاح الحقيقي للتحكم في زمام الأمور بشتى أنواعها وعلى كل الأصعدة والمستويات، وبدقة لا متناهية والقضاء كليا ولو تدريجيا على الضعف الذي تعاني منه المعلومة في وضعنا الراهن، كما أسرد رئيس الجمهورية في أبسط الأمور حول "معلومة تتعلق بمخزون المواد الأساسية الغذائية بإحدى الولايات في فترة ما.."، وما خفي أعظم وبتراكم الهفوات والفراغات في حقيقة المعلومات فعلا. في المقابل، أبرز الخبير في شؤون البيئة والتنمية المستدامة أن التحدي اليوم هو التحكم في نوعية المعلومة ومصدرها ومصداقيتها وكفاءتها وذلك من خلال الضوابط التي تتحكم فيها لإيصالها في الوقت اللازم وبالدقة المطلوبة أو استيفائها للشروط المطلوبة، قصد تمكين المسيّر للشأن العام التدخل وأخذ القرار في الوقت اللازم وبالدقة المطلوبة لبلوغ الأهداف المنشودة قصد تسهيل الحياة العامة والخدمات المقدمة للمواطنين وضبط شؤونهم وترقيتها وتبسيطها بعيدا عن البيروقراطية، و هو ما قد يشجع على الآفات التي تنخر وترهق المواطن في أبسط الأمور. وأشار المتحدث، إلى أنه في بعض الحالات يكمن الإشكال في العنصر البشري لا في غياب الإمكانيات أو الجانب المادي والمالي، الذي بالرغم من تسخيره من طرف الدولة بمبالغ باهظة، إلا أن العراقيل لا تترك مجهودات الدولة تبرز بالشكل المراد له أو أن تصل بالشكل اللائق لأبسط مواطن بطريقة براغماتية وما شابهها. وأكد المتحدث أن الرقمنة أصبحت في كل المجالات، وأن دولا عربية وغربية قطعت أشواطا كبيرة في هذا المجال، فمثلا رقمنة قطاع النقل لاسيما في تسيير ملف المرور وتسجيل المخالفات بصفة رقمية وكيفية استصدار الغرامات المالية بترك جهاز الكمبيوتر يتعامل مع كل مخالفة وكيفية سحبه الآني للغرامة المالية في لحظته من الحساب البنكي أو البريدي للشخص المرتكب للمخالفة المرورية لن يترك أي مجال للمراوغة أو التهرب أو البيروقراطية التي ترهق كاهل المواطن وتزيد في الفجوة بينه وبين الإدارة أو القائمين بتسيير شأنه من جراء الطرق القديمة والتي ما تزال تسير بها هذه الأمور، ونفس الأمر بالنسبة لرقمنة الشهادات الرمادية للسيارات وما يتبعها من إجراءات التطبيق الرقمي، من شأنه تسهيل الحياة اليومية للمواطن وتقديم أرقى الخدمات وبأقل التكلفة بعيدا عن كل أشكال البيروقراطية. واعتبر الخبير، أن تعميم الرقمنة على كل القطاعات من شأنه تمكين الجزائر من الاستغلال الأمثل لما تملكه من ثروات لاسيما فيما تعلق بتحقيق الاكتفاء الذاتي، بفضل المعلومة الآنية وسرعة معالجتها وما يرتبط بها، ونفس الأمر بالنسبة للصحة وتسيير تجهيزاتها التي كلّفت خزينة الدولة آلاف المليارات دون ان يتحسس المواطن هذه الجهود الجبارة، ونفس الشيء للأدوية، وكذا العديد من الملفات التي تتعلق بتسيير الشأن العام.