التطلع لتغطية 80٪ من احتياجات الإنتاج الوطني تفتتح، اليوم، الجلسات الوطنية للفلاحة، التي تنظم تحت شعار «من أجل أمن غذائي مستدام»، في وقت تعلق آمال كبيرة على القطاع لرفع إنتاج المواد الإستراتيجية بشكل محسوس وتغطية احتياجات البلاد بنسبة 80٪. يؤكد الرئيس تبون، في كل مرة، على ربط الإنتاج الفلاحي بالأمن الغذائي، ويشدد على أنه ضرورة حتمية، خاصة في ظل التقلبات التي تعرفها الأسواق الدولية مع تنامي مخاطر تعثر سلاسل الإمداد منذ تفشي جائحة كوفيد-19، ونشوب الأزمات الأمنية بالغة الخطورة. ومن أجل الوقوف على تنفيذ الإستراتيجية الوطنية المسطرة في المجال، أحاط رئيس الجمهورية الجلسات الوطنية للفلاحة لسنة 2023 برعايته الخاصة، وسيشرف على افتتاحها، ليسدي مزايدات من التعليمات والتوجيهات لتحقيق الأهداف المحددة بدقة. وأول هذه الأهداف، زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية وخاصة الحبوب بنسبة 30 قنطارا في الهكتار الواحد، إلى جانب تغطية احتياجات البلاد في المجال بنسبة 80٪، وكلها مقررة لهذه السنة. وسبق للرئيس تبون أن أكد، منذ سبتمبر الماضي، أن الظروف جد مهيّأة لرفع إنتاج الحبوب بنسبة جد محسوسة تصل حتى حدود 60٪، وقطع خطوات عملاقة في سبيل تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة الإستراتيجية. يأتي ذلك بعد سلسلة قرارات جد محفزة للفلاحين، خاصة ما تعلق برفع أسعار شراء الحبوب الجافة من الفلاحين، وإقرار تسهيلات كبيرة لجمع المحاصيل ومنح البذور وتوسيع المساحات الزراعية، وتوفير مياه السقي، مع تشجيع الاعتماد على الطرق العلمية والعصرية، لتكثيف الإنتاج بعيدا عن «الطابع الاجتماعي التقليدي» الذي ميز القطاع طيلة العقود الماضية. ولإزالة جميع العراقيل أو المبررات التي قد تعيق الرفع من الإنتاج الفلاح، أقر الرئيس تبون، في أكتوبر الماضي، السماح باستيراد العتاد الفلاحي بكل أنوعه وقطع غيارها والجرارات الفلاحية أقل من 05 سنوات، ما يعد استجابة لأحد الطلبات الملحة الفلاحية، لخدمة أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلاحية. ودعما للتوجه القوي، نحو تحقيق الأمن الغذائي، دشن الوزير الأول، في أوت 2022، البنك الوطني للبذور، أين أعلن عن التطلع لتغطية 80٪ من احتياجات الإنتاج الفلاحي لهذه السنة، من خلال إشراك المجهود البحثي للمراكز والمعاهد العلمية المتخصصة. اهتمام الدولة بترقية القطاع الفلاحي، شمل أدق التفاصيل، ومن ضمنها توفير المواد الضرورية لتكثيف الإنتاج بالمساحات المزروعة، حيث أمر رئيس الجمهورية، مطلع جانفي المنقضي «بتطوير إنتاج مادة اليوريا 46، محليا، لِمَا لها من أثر إيجابي في تحسين مردودية الإنتاج الفلاحي». ويعد القطاع حاليا من أهم ركائز الاقتصاد الوطني حيث يساهم في الناتج الداخلي الخام بنسبة 14,7٪، بقيمة إنتاج بلغت 4500 مليار دج خلال سنة 2022 (حسب التقديرات الاولية)، بزيادة 31٪ مقارنة بالعام 2021. ويشغّل القطاع 2.7 مليون شخص، أي أزيد من 20٪ من اليد العاملة الوطنية. كما خصصت الدولة موارد معتبرة لدعم القطاع، حيث رصدت غلافا ماليا بقيمة 130 مليار دج لسنة 2021-2022 وجه لدعم الاستثمارات الفلاحية وتعزيز الإنتاج وكذا دعم أسعار الأسمدة بنسبة قفزت إلى 50٪، مقابل 20٪ في الماضي. وسمح هذا الدعم برفع مستوى الإنتاج والإنتاجية وتقليص حجم الواردات، خاصة فيما يخص شعبة الحبوب التي ارتفع إنتاجها الى 41 مليون قنطار خلال سنة 2022 مقابل 27.6 مليون قنطار خلال 2021. ومن المتوقع إنتاج ما يعادل 55 مليون قنطار خلال سنة 2025 على مساحة 375 مليون هكتار. وتمثل هذه التدابير، نقطة انطلاق نحو جعل 2023 سنة فلاحية بامتياز، ترفع من قيمة الإنتاج الفلاحي، وتضع قواعد الصناعة التحويلية، والمساهمة في رفع قيمة الصادرات خارج قطاع المحروقات.