انتهى اجتماع مجلس الوزراء، المنعقد، أمس، برئاسة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إلى وضع آليات عمل للحكومة تختلف كليا عما كان عليه الحال في السنوات الثلاث المقبلة، تقوم على عناصر الفعالية الميدانية والتنسيق بين هياكل الجهاز التنفيذي، وتركيز الجهد كله على خدمة حاجيات المواطنين. «..أمر رئيس الجمهورية، الوزير الأول، بتقليص الاجتماعات الحكومية، إلا للضرورة، وتوجيه كل الجهود إلى الميدان»، تبرز هذه العبارة في أعلى البيان الذي توج أشغال المجلس، لتؤكد تغيير «المقاربات والمنهجيات»، في تنفيذ السياسة العمومية للدولة. ومنذ قرابة 03 سنوات، تجتمع الحكومة، كل يوم أربعاء من كل أسبوع، لتدرس وتصادق على مشاريع قوانين أو مشاريع مراسيم تنفيذي قطاعية ترفع في وقت لاحق إلى مجلس الوزراء. من تغيير النصوص إلى تغيير الواقع على الأرض غير أن رئيس الجمهورية، رأى بأن الوقت قد حان للانتقال من تغيير النصوص، إلى تغيير الواقع على الأرض وكسر الجمود الذي أصاب مشاريع حيوية تهم الملايين من المواطنين، وإيجاد حلول للعراقيل التي تسببت فيها دهاليز البيروقراطية. التوجيهات الرئاسية، خلال الاجتماع لا تعني أبدا، التخلي عن الاجتماعات الحكومية، فهي ستقتصر على الحالات الضرورية، والتي تعنى بدراسة «مشاريع تمهيدية لمشاريع قوانين هامة»، على اعتبار انتهاء الحكومة تقريبا من تكييف الترسانة القانونية مع دستور 2020، واستكمال ورشات إعادة البناء المؤسساتي، بتنصيب جميع الهيئات المستحدثة بموجب الدستور. التحلي بالواقعية ومصارحة المواطنين نزول وزراء الحكومة إلى الميدان، لن يكون استعراضيا أو تسجيل حضور، بل سيكون وفق خطة منسقة بين مختلف هياكل الجهاز التنفيذي، مع التحلي بالواقعية ومصارحة المواطنين وعدم إعطائهم وعودا كاذبة، خاصة ما تعلق بتقديم آجال زمنية لاستلام مشاريع، ثم لا يتم احترام هذه الآجال. وفي السياق، وجه الرئيس تبون، بتعزيز التنسيق بين مدير ديوان رئاسة الجمهورية والأمين العام للحكومة «للمتابعة الحثيثة، والتنفيذ الصارم لقرارات مجلس الوزراء». وسبق لرئيس الجمهورية، أن طلب، العام الماضي، إعداد تقرير مفصل عن مدى تنفيذ القرارات المتخذة على مستوى مجلس الوزراء، والتي فاق عددها حسب تقديرات أولية 500 قرار. ويشدد بذلك، على أنه لا تسامح أبدا مع إبقاء القرارات المتخذة على هذا المستوى حبرا على ورق. ليقدم في الوقت ذاته توجيها بتبني منهجية عمل جديدة بين أعضاء الحكومة، يكون رأسها وزير الداخلية، وتحت الإشراف المباشر للوزير الأول. هذه المنهجية، تتعلق بالزيارات الميدانية، حيث «أمر وزير الداخلية، تحت إشراف الوزير الأول، بوضع رزنامة لها، يقوم بها أعضاء الحكومة للولايات، بناء على الأولوية، في التنمية والانشغالات الحيوية للمواطنين». وينسجم هذا الأمر، مع مخرجات اجتماع الحكومة والولاة، على اعتبار أن وزارة الداخلية، هي الدائرة الوزارية الوحيدة التي تملك أدق التفاصيل بوضعية جميع المشاريع ذات الطابع القطاعي أو الوطني أو المحلي في كل ولاية أو دائرة أو بلدية. تحرير المبادرة لضمان الفعالية وبناء على تقارير ولاة الجمهورية، سيقوم وزير الداخلية بإعداد ورقة عمل تخص المشاريع ذات الأولوية في كل ولاية، وحسب كل قطاع، ليقوم الوزير المعني مباشرة بالنزول إلى الميدان وتفقد المشاريع وإيجاد حلول لتلك المتوقفة لأسباب تتعلق أساسا بالإجراءات الإدارية المعقدة. وتوخيا لضمان الفعالية وتحرير المبادرة لدى أعضاء الحكومة، شدد رئيس الجمهورية، على «الامتناع النهائي عن الاستعمال المبالغ فيه للعبارات السياسية النمطية التي تمجد الشخصيات وتقدسهم، عبر أية وسيلة إعلامية، توحي بأن كل نشاط حكومي، مهما كان نوعه، بتوجيه من رئيس الجمهورية».