خبراء ل «الشعب»: تكريس قواعد الاحترافية التي تطبع الدبلوماسية الجزائرية عين الدبلوماسي عمار بن جامع سفيرا للجزائر وممثلا دائما لدى هيئة الأممالمتحدة بنيويورك بموجب مرسوم رئاسي، حسب ما جاء في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، ويعوض بن جامع في هذا المنصب، محمد النذير العرباوي الذي عين مديرا لديوان رئاسة الجمهورية بموجب التعديل الحكومي لمارس الفارط، وسبق لعمار بن جامع أن شغل عدة مناصب بوزارة الشؤون الخارجية، منها أمينا عاما، كما كان سفيرا للجزائر بباريس وأديس أبابا ولندن وطوكيو وبروكسل. وتنتظر بن جامع مجموعة من القضايا والملفات ذات الأولوية، بينها القضية الفلسطينية والصحراوية ومسعى الجزائر للظفر بمقعد غير دائم في مجلس الأمن في الفترة الممتدة ما بين عامي 2024 و2025. وفي هذا الصدد، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، الدكتور حمزة حسام ، في إفادة ل»الشعب»، أن هناك أولويات خاصة بالجزائر ممثلة في سفيرها الدائم الجديد لدى الأممالمتحدة، وهذا بالنظر إلى مجموعة من المتغيرات العالمية والإقليمية، وهي كثيرة، غير أن متابعة الحركية الدبلوماسية الجزائرية في الفترة الأخيرة، توضح أن هناك مسائل جوهرية تضعها على رأس قائمة اهتماماتها، وتتصدرها القضية الفلسطينية والدفاع عن منح العضوية الكاملة لفلسطين في الأممالمتحدة، وكانت الجزائر قد عبرت عن هذا المطلب في آخر قمة عربية انعقدت على أرضها شهر نوفمبر المنصرم، وكان هناك تعهدا من طرفها بالدفاع عن هذا الحق وجمع التأييد الدولي من أجل تحقيقه. على المستوى الإقليمي، تُطرح الأزمة الليبية وضرورة إجراء الانتخابات، وهي قضية حيوية بأبعادها الأمنية بالنسبة للجزائر، حيث ينتظر أن تكون إحدى الملفات التي سيتم التركيز عليها من طرف السفير الجديد وممثل الجزائر الدائم لدى الأممالمتحدة، وهذا بالنظر إلى تبعاتها وتعقيداتها طيلة السنوات الماضية، وبروز نية تسوية للنزاع خاصة داخل مجموعة القوى الكبرى المؤثرة في مجلس الأمن، وعليه، ستكون إحدى أولويات أجندة عمار بن جامع بهدف التعجيل بحلها، والمقاربة الجزائرية واضحة ومعروفة في هذا الشأن – يؤكد الدكتور حسام - والتي لطالما نادت بتنظيم انتخابات والعودة إلى الشرعية الدستورية، وهي المقاربة ذاتها التي باتت متبناة على المستوى الدولي. وعلاوة على ذلك، ترافع الجزائر أيضا في المحافل الدولية من أجل بناء نظام اقتصادي عالمي جديد يكون أكثر عدالة، يراعي مصالح القارة الإفريقية والدول النامية عموما، ويبتعد بالعالم عن منطق الهيمنة الذي يسوده، وهي الفكرة التي ستكرر الجزائر الدفاع عنها في حال ظفرها بمقعد غير دائم بمجلس الأمن. ويفيد الدكتور حسام أن المقعد غير الدائم في مجلس الأمن الذي تسعى الجزائر للحصول عليه، هو أهم منبر في المؤسسات العالمية، والذي يستغل من أجل التعبير عن وجهات النظر، والدفاع عن مصالح الدول، والجزائر - بطبيعة الحال - ستستغل هذا المنبر في حال ظفرها به، من أجل الدفاع عن مصالحها والتعبير عن مقاربتها ورؤاها بخصوص مختلف الأزمات والقضايا التي لا تكتسي الطبيعة النزاعية. من جهته، يؤكد الباحث والمختص في العلوم السياسية، حسان بلحسن، في تصريح ل»الشعب»، أن تعيين الدبلوماسي عمار بن جامع في منصب الممثل الدائم للجزائر لدى هيئة الأممالمتحدة، يُعتبر تكريسا لقواعد الاحترافية التي تطبع الدبلوماسية الجزائرية على اعتبار المؤهلات التي يحظى بها، وذلك من خلال مساره في السلك الدبلوماسي المتنوع، سواء كمسؤول في وزارة الخارجية، أو كسفير في عدة دول مثل فرنسا وبريطانيا، اليابان، أثيوبيا، وهي اعتبارات لها علاقة بطبيعة المهمة، خاصة ما تعلق بالعمل على تعزيز مكانة الجزائر على مستوى أجهزة الهيئة الأممية، وعلى رأسها ملف العضوية بمجلس الأمن الدولي، الذي تسعى إليه الجزائر لإحداث التوازن داخل هذه الهيئة الهامة، والتصدي لمحاولة اختراق المؤسسات الإقليمية المتمثلة أساساً في الاتحاد الإفريقي، من طرف جهات غير شرعية، خاصة مع ترؤّس الجزائر لدورة الجامعة العربية، وبالنظر إلى مواقفها المحترمة من مختلف القضايا الدولية والإقليمية. ولعل أهم القضايا التي تحظى بالأهمية من طرف الجزائر يضيف بلحسن- قضية الصحراء الغربية، خاصة مع تقديم المبعوث الخاص دي ميستورا تقريره للأمين العام للأمم المتحدة، وهو ما يدعم موقف الجزائر الذي يؤكد أنّ القضية تخضع لتدبير الأممالمتحدة. كما تعتبر القضية الفلسطينية من أهم أولويات الجزائر، لاسيما في ظل موجة التطبيع المنتهجة من عدة دول، إضافة إلى الوضع في ليبيا، ومالي، والسودان، واليمن. والواضح، يؤكد المتحدث، أنّ الوضع في سوريا سيحظى باهتمام خاص، نظراً للتطورات الإيجابية المسجلة مؤخرا بالعودة التدريجية للتفاعلات التعاونية بين عدد من الدول العربية وسوريا، وهو تعزيز لموقف الجزائر منذ بداية الأزمة السورية. في حين أن الأزمة الروسية الأوكرانية هي الأخرى ستكون في مقدمة الاهتمامات، نظراً لانعكاساتها المتنوعة على التوازنات الدولية والإقليمية، وهو ما يتجلى من خلال الاهتمام المتزايد بدور الجزائر في تخفيف أزمة الوقود والمواد الطاقوية بالنسبة إلى أوروبا.