أكّد مشاركون في الملتقى الدولي حول الألعاب التراثية في الجزائر بين ضرورتي الصون والتثمين، بتلمسان على أهمية توظيف الوسائل التكنولوجية الحديثة لصون وتثمين الألعاب التراثية. وذكر الباحث من المعهد الوطني للتراث، صالح فالحي، بأن رقمنة التراث الثقافي وحفظ الموروث الثقافي عبر أحدث التقنيات التكنولوجية متعددة الوسائط تعتبر من أنجع الوسائل لصونه وحفظه والتعريف به، وجعله يواكب التحولات الكبرى فيصبح متاحا للجميع عبر الإنترنت كشكل من أشكال التوثيق الإلكتروني لما يحتويه من ثراء وأبعاد تاريخية ورمزية. وقال إن «هذا المشروع يمس العديد من المشاريع الأخرى كالبرامج التعليمية والأنشطة الموجهة للطفل، وتوظيف الألعاب التراثية وفق أسلوب وتقنيات وآليات بيداغوجية تحت إشراف مختصين، ومنهم باحثي التراث الثقافي لحماية الأجيال الناشئة ممّا ينشر في منتديات ومواقع على شبكات التواصل الاجتماعي». وأشار من جهته عميد المعهد العالي للفنون الشعبية، مصطفى جاد، أنّ «عملية صون الألعاب الشعبية تحتاج إلى الكثير من التقنيات العلمية، منها حصر هذه الألعاب وتصنيفها على المستوي الوطني والتدريب على تقنيات التصوير الفوتوغرافي والفيديو، فضلاً عن الإتاحة من خلال قواعد بيانات متخصصة». وأردف قائلا أنّ «هناك الكثير من الألعاب التي تعرضت للاندثار بحكم التطور التكنولوجي، وهذا يتطلب وضعها علي قائمه الصون العاجل باليونيسكو لأن قوائم الترشيح لعناصر التراث الثقافي غير المادي علي المستوي العربي تخلو تقريبا من تسجيل الألعاب عليها والتعريف بها للعالم». وأشار من جهته، عز الدين بوزيد، من جامعة تونس أن الجمعية التونسية للمحافظة على الألعاب والرياضات التراثية وضعت استراتيجية طويلة المدى لجرد الألعاب التراثية التونسية قصد صونها، ونشر قيمها الكونية باستعمال التكنولوجيات الحديثة للاتصال الاجتماعي وفق مقاربات متعددة ترتكز على مبدأ التوافق بين «الأصالة والحداثة» في انسجام تام مع أهداف اتفاقيات اليونسكو حول التراث الثقافي المادي واللامادي. وترى الباحثة من نفس الجامعة، عواطف منصور بن علي، أن «الألعاب الشعبية التقليدية ليست مجرد لهو وتسلية أو ترويح عن النفس بل إنها أحد مجالات الذاكرة الجماعية للشعوب، التي وجب تثمينها وصونها والكشف عنها وعن قيمتها وأنواعها، فضلا عن تثمينها واستدامتها من خلال السياحة الثقافية حتى لا تندثر باعتبارها ثقافة شعبيّة». ينظّم هذا الملتقى من طرف مركز التفسيري للباس التقليدي والفنون الشعبية لتلمسان بالتنسيق مع عدة مخابر للبحث في التراث الشعبي لجامعتي غرداية وتمنراست وبمشاركة أكاديميين من عدة جامعات جزائرية وأساتذة وباحثين من هيئات متخصصة في الانثروبولوجيا الثقافية والتراث اللامادي ومن جامعات مصر وموريتانيا وتونس وألمانيا والعراق والبحرين والسودان ولبنان. وتناولت المداخلات فيه أساليب صون وتوثيق الألعاب الشعبية، وخصائص الألعاب التراثية في الجزائر ووظائفها ووالألعاب التقليدية في المجتمع الجزائري وغيرها. ويهدف الملتقى خاصة إلى إعداد ورقة طريق لكيفيات الجمع الميداني والتوثيق المنهجي، والعمل على إرساء قاعدة مهرجان وطني للألعاب الشعبية والتسريع بعمليات جمع المادة الإثنوغرافية من كبار السن باعتبارهم الحافظ والمكنز الحقيقي لكل معطيات التراث الشعبي الجزائري، كما أشار إليه رئيس هذا الملتقى، سرقمة عاشور.