وقّعت لجنة 6+6 الليبية الأربعاء اتفاقاً حول قانون الانتخابات البرلمانية والرئاسية، غير أنّ هذا الاتفاق لا يزال يفتقد لضمانات تطبيقه، بعد تجدد خلاف الأطراف السياسية بشكل يهدد بانهياره وعرقلة "الفرصة" الأخيرة للانتخابات. رغم أن البعض هلّل للاتفاق الذي وقّعته لجنة 6+6 الليبية بشأن مشاريع القوانين الانتخابية، واعتبروه انفراجة هامة ستقود إلى إجراء الاستحقاقات قبل نهاية السنة، فإن كثيرين، على العكس تماما اعتبروا أن الاتفاق زاد من حدّة الشرخ ووسّع الخلافات بشأن القوانين الانتخابية. فقد عاد أعضاء لجنة «6+6» المكلفة من مجلسي النواب والدولة إلى ليبيا ومعهم قائمة خلافاتهم، وتحديداً ما يتعلق بشروط الترشح للانتخابات، وسط ردود فعل وطنية ودولية متباينة، كان أكثرها وضوحاً رفض الأممالمتحدة المشاركة في الجلسة الختامية، ورسائل أمريكية مفادها «لا حصول على شرعية السلطة» إلا عبر صناديق الاقتراع، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول الخطوات المقبلة لتجاوز الانسداد شبه المزمن في العملية السياسية. الانسداد الذي يقول البعض أنه يدقّ آخر مسمار في نعش الموعد الانتخابي، تجلى واضحا بين رئيسي مجلسي النواب والدولة عقيلة صالح وخالد المشري، حول قضية مزدوجي الجنسية وترشح العسكريين من جديد، مع تمسك الأول بتعديل محتوى الشرط دون قيود، غير أن المشري اعترض رغم أن لجنة «6+6» حسمت هذه النقاط الخلافية. مسودة قوانين الانتخابات واستناداً إلى النسخة النهائية للاتفاق، فهي تنص على إجراء الانتخابات الرئاسية من جولتين بغض النظر عن نسبة كل مترشح، ويتأهل للثانية الفائز الأول والثاني بأعلى الأصوات، بشرط أن يقدم المترشح للجولة الثانية للمفوضية إقراراً كتابياً مصدقاً عليه بعدم حمله جنسية دولة أجنبية، أو إفادة مصدّقة من سفارة الدولة المانحة بتنازله عن الجنسية الثانية، كما يعد المترشح للانتخابات الرئاسية مستقيلاً من وظيفته أو منصبه بقوة القانون سواء أكان مدنياً أو عسكرياً بعد قبوله الترشح، كما يتعين انتخاب مجلس الأمة ورئيس الدولة خلال 240 يوم من تاريخ صدور قوانين الانتخابات. وسبق ذلك، معارضة سياسية واسعة لتوافق لجنة «6+6» على زيادة مقاعد مجلس النواب والذي عدّ تجاوزاً لعمل اللجنة والدستور بسبب عدم مراعاة معايير التوزيع الجغرافي، إذ اعترض 61 عضواً بمجلس النواب و54 عضواً من المجلس الأعلى للدولة على الطريقة التي تفاوض بها رئيسا المجلسين على بنود الاتفاق، وفي غرب ليبيا كان الموقف عينه، بعدما أعربت قيادات عسكرية من طرابلس والزاوية عن رفضهم تشكيل حكومة جديدة. باتيلي غاب عن الاجتماع وكان لافتاً غياب المبعوث الأممي عبدالله باتيلي عن بوزنيقة، فيما يقول مراقبون إنه لم يرغب في أن يكون شاهداً على تفاهمات ملغمة أو يمنح «سلطات الأمر الواقع» الشرعية لاستغلال الانتخابات بهدف تقاسم السلطة، موجهاً أول رسالة إليهم خلال اجتماعه في طرابلس مع المندوبة الدائمة لبريطانيا لدى الأممالمتحدة باربرا وودوارد، وسفيرة بريطانيا في ليبيا كارولاين هورندال، بالتأكيد على «توافق الآراء على ضرورة أن يعمل جميع الفرقاء من أجل وضع قوانين انتخابية قابلة للتنفيذ، وتحسين الوضع الأمني، وخلق بيئة مواتية لإجراء انتخابات حرة وشاملة وشفافة وذات مصداقية». لكن أبرز رد فعل للبعثة الأممية كان يوم الخميس، حين أكدت بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا في بيان بشأن نتائج اجتماعات «6+6»، إنها ستواصل العمل مع جميع المؤسسات الليبية المعنية، بما في ذلك المجلس الرئاسي، لتيسير مشاورات بين جميع الأطراف الفاعلة لمعالجة المواد الخلافية في القوانين الانتخابية، وتأمين الاتفاق السياسي اللازم لوضع البلاد على طريق الانتخابات، وتوفير بيئة متكافئة للتنافس الانتخابي بين جميع المرشحين. وأكدت البعثة أن العناصر الأساسية في القوانين الانتخابية والقضايا المرتبطة بها تتطلب قبولًا ودعماً من مجموعة واسعة من المؤسسات الليبية، وممثلي المجتمع المدني والأطراف السياسية والأمنية الفاعلة، كما حثت جميعَ الفاعلين على الامتناع عن أساليب المماطلة الهادفة إلى إطالة أمد الأزمة السياسية التي سببت الكثير من المعاناة للشعب الليبي. رسالة نورلاند وأعرب مبعوث الولاياتالمتحدة الخاص إلى ليبيا وسفيرها ريتشارد نورلاند، الخميس، عن تأييده دعوة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا عبدالله باتيلي للقادة الليبيين لإنجاز الخطوات اللازمة نحو إجراء انتخابات عامة. أيضا خاطب نورلاند أطرافاً ليبية لم يسمها حين أوضح أنهم «سيحصلون على الشرعية من خلال الانتخابات فقط»، وحذّر من جهود غير محددة ل «استغلال الانقسامات الداخلية، وإحباط جهود الأممالمتحدة لإجراء الانتخابات». ولم يغير اجتماع لجنة 6+6 ونتائجه قناعة فريق كبير من الليبيين بأن البعض يسعى إلى كسب مزيد الوقت لاستمرار بقائهم في صدارة المشهد، وترحيل الموعد الانتخابي خشية أن يقصيهم الصندوق.