تراهن الجزائر على التبادل التجاري بين دول الجوار لرفع حجم صادراتها خارج المحروقات، وتتوجه صوب سياسة اقتصادية رشيدة، تقوم على تشجيع الصادرات والترويج للمنتوج الوطني، بإقامة شراكات استراتيجية مع بلدان إفريقية مجاورة، وفتح مناطق تجارة حرة بهدف تعزيز سبل التعاون الاقتصادي والتجاري والأمني. تنتهج الدولة سياسة جديدة ترمي إلى تطوير التبادلات التجارية في إطار منطقة التجارة القارية الإفريقية، وتسعى إلى تشجيع الاستثمار المنتج وترقية الصادرات باستغلال كل ما هو متاح من موارد وإمكانات، والانطلاق نحو توجه اقتصادي جديد ومتنوع، وبلوغ الأهداف الاستراتيجية، والتأسيس لجزائر جديدة منفتحة ومزدهرة اقتصاديا، قادرة على مواجهة التحديات المشتركة التي يفرضها السياق الإقليمي الراهن. من أهم تجليات السياسة الوطنية في مجال تنمية الصادرات، حرص رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، على تفعيل العلاقات والمبادلات التجارية مع دول الجوار، ودخول الأسواق الإفريقية، بغرض الإفادة من فرص التصدير خارج قطاع المحروقات، عن طريق إقامة شراكات مربحة في إطار تحسين مناخ الأعمال، وفق ما يسمح بتشجيع وتحفيز الاستثمار المحلي وجذب أكبر قدر ممكن من الاستثمار الأجنبي المباشر. وتتجسد إرادة الدولة في تفعيل دور الجزائر اقتصاديا في إفريقيا، من خلال التوجهات الإستراتيجية التي تبنتها الدّولة لتطوير الصادرات خارج المحروقات، بطرح المناطق التجارية الحرة كخيار استراتيجي من أجل تحفيز الإنتاج الوطني المتنوع، وتطوير القدرات التنافسية للمؤسسات بهذه المناطق الحرة، بما يساعد على تحقيق مرونة اقتصادية ويتيح آفاقا واعدة للاستثمار بالجزائر، والتوجه بقوة إلى التصدير نحو إفريقيا. في هذا الصدد، وجه رئيس الجمهورية الحكومة خلال ترؤّسه اجتماع مجلس الوزراء الأخير، بتسريع عملية فتح المناطق التجارية الحرة على مستوى عدد من الولايات الحدودية مع كل من موريتانيا ومالي والنيجر، خاصة وأن هذه البلدان تربطها بالجزائر علاقة تاريخية في التبادل الحر في المواد الفلاحية، بالإضافة إلى حرص رئيس الجمهورية على فتح المجال من أجل تبادل تجاري يخص منتجات ومواد مختلفة، ولا يتوقف عند المنتجات الزراعية، مع تسريع وتيرة المعاملات التجارية. وتضمنت خطة الانتقال الاقتصادي التي أقرها رئيس الجمهورية، ضرورة إعطاء أهمية خاصة للتصدير نحو الدول الإفريقية من أجل بناء صناعة تنافسية وفلاحة متنوعة وقطاع خدماتي متطور يكون بديلا حقيقيا ومستداما للخروج من التبعية المفرطة لعائدات المحروقات، ما من شأنه أن يحقق للجزائر - خلال السنوات القادمة - مكانتها المستحقة على مختلف الأصعدة. ويمثل انضمام الجزائر، قبل سنتين، إلى اتفاقية تأسيس منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، خطوة إيجابية بالنسبة للاقتصاد الوطني، نظرا لمساهمتها في زيادة حجم التبادل التجاري، وتنشيط الحركة التجارية، وإنشاء القواعد اللوجيستية التي تخص التخزين والنقل والخدمات للمرافقة، ويجسد أيضا إرادة الدولة في بناء اقتصاد حقيقي بعيدا عن ريع المحروقات، إذ تطمح الجزائر ببلوغ 20% كقيمة للصادرات خارج قطاع المحروقات، وذلك بداية 2024. ويتحقق هذا الهدف من خلال البحث عن فرص جديدة لدخول أسواق الجوار، وتنمية الصادرات وترقيتها في إطار تفعيل المبادلات التجارية عبر المناطق الحدودية، بالإضافة إلى تنفيذ تعليمات رئيس الجمهورية والتزاماته، من بينها وضع سياسة تجارية متماسكة ومضبوطة للانفتاح على الاقتصاد العالمي من خلال منطقة التجارة الحرة الإفريقية.