جمعة ل «الشعب»: بإمكان الجزائر بلوغ ذروة التجارة الخارجية في غضون سنوات تُشير أرقام التجارة الخارجية للجزائر إلى تسجيل منحنى تصاعدي في صادرات البلاد خارج المحروقات في آخر 3 سنوات، ويتوقع أن تقفز من 3٪ (قبل 2020) إلى 16٪ مع نهاية السنة الحالية من مجموع الصادرات، وتصل 22٪ نهاية 2024، مثلما قال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الثلاثاء الماضي. الوتيرة المتصاعدة لصادرات الجزائر خارج قطاع المحروقات، من سنة إلى أخرى، تُترجم استراتيجية ورؤية واضحة تبنتها الجزائر قبل 3 سنوات، ترتكز على التحول نحو اقتصاد منتج يخلص البلاد من تبعية «الريع». أرقام الجزائر في التجارة الخارجية تمثل قفزة حقيقة، بعد أن بلغت الصادرات خارج المحروقات 11%، ويتوقع أن تصل 16% نهاية السنة الجارية، بينما لم تتجاوز طيلة عقود نسبة 3%. جهود متواصلة عقب حزمة إصلاحات تشريعية وهيكلية (قوانين، مؤسسات وهيئات، تدابير جديدة)، وتفعيل دور بعثات وممثليات دبلوماسية، ثم التركيز على عقد شراكات والشروع في استثمارات ضخمة، مثل مشروع غار جبيلات بتندوف ومشروع الفوسفات بتبسة، تتجه الجزائر إلى استحداث المجلس الأعلى لترقية الصادرات. وينتظر أن يكون لهذه الهيئة الجديدة مهام عديدة، على رأسها تشخيص وضع الاستثمار وواقع التصدير، ورصد المشاكل والعراقيل التي تواجه المستثمرين، مثلما يقول الخبير في ملف التجارة الخارجية نبيل جمعة، في تصريح ل «الشعب». ويتحدث جمعة عن جوانب كثيرة بحاجة إلى تسهيلات أكثر لمواصلة المنحنى التصاعدي المسجل في التصدير. ويقول إنه ثمة جوانب تخص الجمركة، الإمكانات اللوجيستيكية، التعاملات البنكية وتحصيل الأموال، الموانئ.. إلخ، تقتضي الإسراع في تسويتها. جودة وتنافسية.. ويواصل المتحدث قوله: «الجزائر تتجه نحو بلوغ 13 مليار دولار صادرات خارج المحروقات، مثلما أشار رئيس الجمهورية. لذلك، نحن بحاجة أكثر إلى تذليل عراقيل، وتوفير البيئة اللازمة للمستثمرين الجزائريين للرفع من تنافسية منتجاتهم والتوسع أكثر في الأسواق الخارجية». ويضيف: «لدينا جودة وتنافسية أسعار في منتجات كثيرة وبإمكاننا تحقيق أرقام أكبر. التبادل التجاري بين الجزائر ودول إفريقية لا يتعدى حاليا 4٪، وهناك مساع لتحقيق 15٪». وبالحديث عن توسيع التبادل التجاري في إفريقيا، يُشير المصدر إلى أهمية تركيز السلطات العليا في البلاد على الإسراع في تجسيد مشروع المناطق الحرة «هذه الأخيرة لها دور هام في تنشيط التجارة الخارجية للبلاد». ويوضح جمعة: «بإمكان الجزائر الاستثمار في المناطق الحرة وتطويرها مستقبلا لتتحول إلى فضاءات تجارية تسيل لعاب المتعاملين الأجانب داخل القارة وخارجها. ينتظر من هذا المشروع تبسيط التبادل التجاري ورفعه بين الجزائر والأفارقة إلى مستويات لم نسجلها من قبل». من هذا المنظور، يرى المتحدث أنه من الضروري التفكير في آليات تسريع الاستثمار في مشاريع ضخمة وفي مجالات تملك فيها الجزائر مؤهلات كبيرة تسمح لها ببلوغ ذروة التجارة الخارجية، مشيرا في هذا الجانب إلى دور التحول الرقمي في الوصول إلى نجاعة اقتصادية، وهو ما يفسر إصرار الرئيس تبون في كل مرة على ضرورة تعميم الرقمنة في مجالات كثيرة. نقاط القوة.. نمو الصادرات خارج المحروقات يمكن أن يتواصل في السنوات المقبلة وبوتيرة أسرع، إذ يمكن للجزائر أن تستثمر في نقاط قوة، مثل الزراعة والصناعات الغذائية للتوغل في أسواق إفريقية وحتى أوروبية، إلى جانب الاستثمارات الضخمة لشركتي «سونلغاز» و»سوناطراك» في سوق الطاقة، ومجالات أخرى مثل الحديد والصلب، مواد البناء، وصناعة الأدوية. وكمثال عن نمو لافت لصادرات جزائرية في شعبة مواد البناء، بلغت هذه الأخيرة نحو 1.3 مليار دولار سنة 2022، بنسبة ارتفاع تقارب 56٪ مقارنة بسنة 2021، إذ صدرت الجزائر 12.18 مليون طن من مواد البناء بقيمة تقارب 1.3 مليار دولار، مقابل 567 مليون سنة 2021، بحسب أرقام قدمها وزير التجارة في صالون باتيميتاك لهذه السنة. وتأتي مشتقات الحديد والصلب في مقدمة مواد البناء المصدرة، بقيمة 547.8 مليون دولار في 2022، مقابل 334.4 مليون دولار عام 2021. والإسمنت في المرتبة الثانية بقيمة 424 مليون دولار في 2022، مقابل 215 مليون دولار عام 2021 و68.8 مليون دولار في 2020. ويتوقع الخبير في التجارة الخارجية نبيل جمعة، أن يتواصل تسجيل أرقام تصاعدية في صادرات البلاد خارج المحروقات، بالنظر إلى تحسّن مناخ الاستثمار تدريجيا والشروع في تجسيد مشاريع نوعية (مثل مشروعي غار جبيلات بتندوف، واستغلال الفوسفات وتحويله بتبسة). ترقية الصادرات.. وتتطلع الجزائر لمواصلة هذه الديناميكية باتخاذ مزيد من الخطوات، حيث أمر رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الوزير الأول بتنصيب المجلس الأعلى لترقية الصادرات «في أقرب وقت»، للمساهمة في تحسين التكفل بانشغالات المصدرين وتحفيزهم. وجدد حرص الدولة على الدعم المستمر ومرافقة المتعاملين الاقتصاديين الخلاقين للثروة، خاصا بالذكر المصدرين الذي «نعتبرهم سفراء الاقتصاد الوطني». من جانب آخر، حثّ رئيس الجمهورية، وزير التجارة على تسريع عملية فتح المناطق التجارية الحرة بعدد من الولايات الحدودية مع كل من موريتانيا ومالي والنيجر. ولتفعيل التبادل التجاري بين الجزائر والدول الإفريقية، تعمل السلطات العليا على فتح خطوط بحرية مع موريتانيا والسنغال لدعم التبادل التجاري القاري، ومواصلة فتح البنوك وطنية في عدد من العواصم الإفريقية. وأكد الرئيس تبون، في ذات المناسبة، أن صادرات البلاد خارج المحروقات بإمكانها أن ترتفع في غضون سنة إلى أكثر من 22٪ من مجموع الصادرات، مقابل 3٪ فقط قبل سنوات قليلة، وأوضح أن الجزائر «التي لم تتجاوز صادراتها خارج المحروقات في 2018 و2019 ما نسبته 3٪ من إجمالي الصادرات تحقق اليوم 11٪، وبنهاية 2023 أو بداية 2024 ستصل هذه النسبة إلى 16٪ بل إلى 22٪».