يجمع بين جمهوريتي الجزائروالصين الشعبية علاقات تاريخية متجذرة، قائمة على أساس الاحترام والتعاون المتبادل الذي يُراعي مصالح ومكاسب البلدين، مع تطابق وجهات نظر الطرفين حول مختلف القضايا الجيو سياسية الراهنة في العالم. تكتسي زيارة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون إلى جمهورية الصين الشعبية، أهمية سياسية واقتصادية خاصة، بالنظر إلى تزامنها مع تقدم الجزائر بطلب رسمي للانضمام إلى تكتل "بريكس" و«شنغهاي"، في ضوء سريان الخطة الخماسية الثانية للتعاون الاستراتيجي الشامل الموقعة بين البلدين خلال الفترة الممتدة من سنة 2022 إلى 2026. يقول أستاذ العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير بجامعة المسيلة، البروفيسور عبد الصمد سعودي، إن الصين تعتبر الجزائر الشريك الاستراتيجي السياسي والاقتصادي رقم واحد على مستوى 54 دولة في قارة إفريقيا، وتجمعهما شراكة حقيقية في مجال الاستثمارات ضمن إطار قاعدة رابح -رابح. وأوضح سعودي، في تصريح ل«الشعب"، أن الجزائر حاولت في السنوات الأخيرة تنويع علاقاتها الاقتصادية وإيجاد شركاء جدد مثل البرتغال، وتعزيز تعاونها أكثر مع حلفائها الأساسيين، على غرار روسياوالصين وقطر وتركيا. وأبرز سعودي، أن الشراكة الجزائريةالصينية تمس كل القطاعات ولا تتوقف على التعاملات التجارية، ومنها الاستثمارات الصينية المنجمية بولايات تندوف وبجاية وتبسة، إنشاء ميناء الحمدانية بتكلفة 5 ملايير دولار على عاتق الصين الذي يندرج ضمن مشروع طريق الحرير وسيكون من أكبر الموانئ بحوض البحر المتوسط ومنطلقا لتوزيع السلع والمنتجات نحو العمق الإفريقي، فضلاً عن توجيه الاهتمام إلى المجال الطاقوي، خاصة ما تعلق بالبترول وغيرها من الاستثمارات الهامة. واعتبر المتحدث ان الشراكة مع الصين مربحة وتمنح البدائل، تساهم في نقل التكنولوجيا والخبرات والتوظيف وتأطير وتكوين وتدريب العمال، عكس ما أفضت إليه اتفاقيات اقتصادية أخرى مع أوروبا لم تحقق أيّ منافع. من جانبه، أكد الباحث المهتم بالسياسات الاقتصادية، مالكي فريد، أن العلاقات الدبلوماسية بين الجزائروالصين، عرفت تطورا سريعا ونوعيا في شتى المجالات الاقتصادية والصحية والتعليمية والثقافية والفلاحية، وأصبحت تتّسم بالموثوقية. وقال مالكي فريد ل«الشعب"، إن الصين تسعى منذ سنوات إلى تجسيد مشروع طريق الحرير الجديد العابر للقارات، من خلال اعتمادها على قدراتها الاقتصادية الكبيرة، وحرصها على ضخ استثمارات في العديد من أقاليم ودول المعمورة ومنها الجزائر، مع انتهاجها نمطا جديدا من الشراكات الاقتصادية القائم على مبدإ رابح– رابح. وأضاف، أن الجزائر انضمت إلى خطة "الحزام والطريق" الصينية، التي تصبو إلى إحياء طريق الحرير التجاري القديم العابر لقارتي آسيا وأوروبا، ويجري تحديثه وتوسيعه وتطويره بمختلف مشاريع البنى التحتية ليشمل أيضاً قارة أفريقيا. ومن هذا المنطلق، ستستفيد الجزائر كثيرا من مبادرة طريق الحرير الجديد باستقطاب استثمارات صينية، وستحظى كذلك بمكاسب اقتصادية ايجابية بانضمامها المرتقب إلى مجموعة "بريكس" بعد دعمها اللامشروط من بكين وموسكو، يضيف الباحث المهتم بالسياسات الاقتصادية مالكي فريد.