تصعيد جديد ضد فرنسا في النيجر عقب رفض باريس طلب المجلس العسكري بطرد سفيرها في نيامي، حيث أكدت أنه "لا سلطة للانقلابيين تخولهم مطالبة السفير بالمغادرة". ويرى البعض بأن واقعة رفض السفير الفرنسي مُغادرة النيجر، هي فخ سيكون لإعلان التدخّل العسكري، خاصّةً إذا تعرّضت حياة السفير للخطر. التصعيد جاء هذه المرة عبر آلاف من النيجريين، الذين تجمعوا قرب القاعدة العسكرية الفرنسية في العاصمة نيامي، رافعين لافتات تطالب برحيل القوات الفرنسية، ما يكرّس محطة جديدة في العلاقة المتردية بين المجلس العسكري في نيامي والإليزيه. ويعمّق متاعب باريس في المنطقة، حيث يتصاعد الشعور المعادي لها، والذي امتد من مالي وبوركينافاسو، وها هو يصل إلى النيجر. ويطالب المجلس العسكري في النيجرباريس بعدم التدخل في سياساته الداخلية، ويتهم حكومة الرئيس المطاح به، بازوم بأنها تابعة سياسياً للإرادة الفرنسية، التي تمثل القوة الاستعمارية السابقة في البلاد. وانطلقت تظاهرة الأحد التي جاءت تأييدا للمجلس العسكري الذي يحكم البلاد، وقبل ساعات قليلة من مهلة نهائية منحت للسفير الفرنسي لمغادرة البلاد، من مستديرة قرب مطار نيامي بجوار القاعدة الجوية النيجرية حيث تتمركز القوة الفرنسية، وذلك بدعوة من منظمات تدعم الحكام الجدد للبلاد. ولا يزال 1500 عسكري فرنسي يتمركزون في النيجر. وقال أحد المتظاهرين ويدعى أبو كونتشي: "لا نريد الجيش الفرنسي في النيجر"، مضيفا "ليغادر الفرنسيون". وقال أداما أساني وهو صاحب مطعم "يقول الفرنسيون إن النيجر بلد فقير، لكن عندما نطلب منهم العودة إلى ديارهم يرفضون". وأعلنت وزارة خارجية النيجر الجمعة أن أمام السفير الفرنسي سيلفان إيتي 48 ساعة لمغادرة البلاد، قائلة إنه رفض الاجتماع مع الحكام الجدد، مشيرة إلى تصرفات الحكومة الفرنسية باعتبارها "تتعارض مع مصالح النيجر". ورفضت باريس الطلب وقالت إن "الانقلابيين لا يملكون صلاحية تقديم هذا الطلب"، مؤكدة أن حكومة بازوم التي أطاحوا بها تبقى السلطة الشرعية. والسبت أيضا احتشد نحو 20 ألف شخص في ملعب سينيي كونتشي لدعم الحكام العسكريين الجدد في البلاد والدعوة إلى رحيل العساكر الفرنسيين. عداء متنامٍ هذا، وتردّد الأنباء أن السفير الفرنسي سيلفان إيتي ما زال موجودا في السفارة الفرنسية بنيامي، رغم انتهاء المهلة رفقة ما يقارب عشرين شخصا بين دبلوماسيين وموظفين إضافة إلى عناصر من القوات الفرنسية الخاصة. يأتي ذلك، فيما أضحى الوجود العسكري الفرنسي منذ العام 2020، هشاً في غرب إفريقيا، بشكل متزايد وسط موجة من الانقلابات في منطقة الساحل. فقد تمّ طرد القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو وتزايدت المشاعر العدائية تجاه باريسفي كلّ منطقة غرب إفريقيا. بعثة أوروبية إلى غرب إفريقيا قالت مصادر ألمانية إن الاتحاد الأوروبي يعتزم إطلاق "بعثة عسكرية مدنية" في غرب أفريقيا، ستضم أفرادا من الشرطة والعسكريين من دون تحديد عددهم. وحسب المصادر، فإن المهمة تنبع من "مخاوف الاتحاد الأوروبي من أن الجماعات الارهابية يمكن أن توسع أنشطتها في غرب أفريقيا إلى البلدان الساحلية الجنوبية قبالة خليج غينيا". وتشمل الأهداف حسب المصادر التدريب على مكافحة الإرهاب والمساعدة التقنية وبناء الثقة في القطاعات الأمنية المحلية. وحسب تصريحات مراقبين سياسيين، فإنّ الاتحاد الأوروبي تعلم الدرس سريعا مما حدث في النيجر، وسارع بإنفاذ ما برمجه سابقا من بعثات "عسكرية مدنية" في دول غرب أفريقيا.