تقوم الجزائر بإصلاحات قانونية واقتصادية كبرى، لترقية مستوى أداء الاقتصاد وكبح كل ما يعرقل نموه. ويأتي الإجراء القانوني الخاص بالاستثمار في قانون العقوبات، بمعاقبة معرقلي النشاط الاستثماري بسوء نية، لردع كل من تسول له نفسه عرقلة مسار البلاد الإصلاحي في مجالات الاقتصاد، الهادفة إلى تعزيز مستوى ديناميكية مشاريع الاستثمار والنشاط الاقتصادي، خاصة وأن الحكومة قد قامت، سابقا، برفع عراقيل على الاستثمار، كانت بأسباب بيروقراطية مقيتة وواهية وسمحت لحوالي 912 مشروع استثماري كان مُجمدا جراء العرقلة الإدارية الواهية، بالانطلاق في النشاط الإنتاجي. ومن شأن هذا القانون أن يردع كل من تُسول له نفسه عرقلة الاستثمار من الذين يقومون بذلك عن عمد أو تماطل وتراخٍ، أو رغبة في الحصول على امتيازات غير مشروعة، والإضرار بالاقتصاد الوطني. يقول البروفيسور فارس هباش، أستاذ الاقتصاد بجامعة سطيف، إن مشروع قانون العقوبات الجديد وفي النص المقترح لتعديل المادة رقم 119 مكرر منه، جاء بجملة من العقوبات الصارمة، أدناها عقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وغرامة مالية من 100 ألف إلى 300 ألف دينار لكل من يقوم، بسوء نية وبأي وسيلة، بأعمال أو ممارسات تهدف إلى عرقلة الاستثمار وقد تصل إلى حدود 12 سنة سجنا وواحد مليون و200 ألف دينار كغرامة لمن ثبت في حقه استعمال وظيفته في عرقلة الاستثمار والمساس بالاقتصاد الوطني. وتأتي جملة هذه الاقتراحات في هذا المشروع الجديد، مسايرة للتوجه الاستراتيجي للاقتصاد الوطني الجزائري والقائم على الفك التدريجي للتبعية البترولية من خلال تطوير وتنويع مصادر الدخل الوطني وهذا بالارتكاز على استثمارات متنوعة وخلاقة للثروة في شتى المجالات، سواءً الصناعية أو الفلاحية أو الخدمية...إلخ. والملاحظ، أن هذا المشروع الجديد جاء ليضع حدّا للممارسات البيروقراطية المقيتة التي سادت في السنوات الماضية، أين غالبا ما كان التعسف الإداري أحد أهم الأسباب الرئيسية التي وأدت الكثير من الاستثمارات في مهدها وقتلت روح المبادرة ودفعت العديد من أصحاب المشاريع إلى التخلي عن فكرة الاستثمار والتركيز غالبا على القطاع التجاري. وبحسب هباش، فإن تبنّي وتشجيع روح المبادرة بالتوجه نحو الفكر الاستثماري المُنتج والخلاق للثروة ليكون دعامة حقيقية لتنوع الاقتصاد الوطني يجب أن تصاحبه جملة صارمة من القوانين الردعية التي بإمكانها أن تضع حدا للتعسف والتغول الإداري في وجه الاستثمار، خاصة أن الأرقام التي تم الكشف عنها من قبل الجهات الرسمية في أكثر من مناسبة، تؤكد أن أكثر من 912 مشروع تم رفع التجميد عنها بعد أن كانت متوقفة، بالرغم من استيفائها لمعظم الشروط القانونية بسبب قرارات إدارية مُجحفة وهي التي كان بإمكانها أن تخلق الآلاف من مناصب الشغل وأن تساهم في الرفع من مستوى الناتج المحلي الإجمالي ومستوى التنمية الاقتصادية، سواءً على المستويات المحلية أو الوطنية. وبحسب ذات المتحدث، فإن اعتماد القانون الجديد للاستثمار بنصوصه التطبيقية، ابتداءً من شهر أكتوبر من سنة 2022، لن يكون له ذلك الأثر المتوخى والرامي إلى تشجيع وجذب استثمارات محلية وأجنبية متنوعة في شتى المجالات، إلا إذا صاحبته جملة قوانين ردعية تجرم الفعل المعرقل للاستثمار، خاصة وأن كل المدارس المعرفية في مجال الإدارة تؤكد أن إدارة التغيير دائما ما تصاحبها مقاومة للتغيير على أساس سلوكيات سابقة ومتوارثة تحاول أن تكرس الوضع البيروقراطي السابق، وهو ما ترمي إليه الجهات المعنية بإصدار مثل هذه القوانين التي من شأنها أن تكون صمام الأمان بالنسبة لفعالية وجدوى القوانين والإجراءات الجديدة المشجعة والمحفزة على الاستثمار والانخراط في الاستراتيجية الوطنية الرامية إلى تنويع مصادر الدخل الوطني وتنويع الصادرات خارج المحروقات والفك التدريجي للتبعية للريع البترولي.