الصحفي وائل الدحدوح مراسل "الجزيرة" في قطاع غزة هو من الصحفيين الذين نالوا احترام وإعجاب الجمهور الفلسطيني: الاحترام لهذه الروح المثابرة المستعدة لتقديم أفضل ما للمراسل من قدرة على العطاء، أمّا الاعجاب فلهذه الطريقة السلسة الجميلة التي تمسك مشاعر القلب وتأخذها إلى حيث المطلوب من تفاعل حيّ ومرهف وجميل دون ملل أو إسفاف أو ضيق. «وائل" نموذج لتقديم المحتوى الصادق والمنتمي فيحقق بذلك الاحتراف الصحفي بمهنيّة عالية وفي ذات الوقت ينسجم مع الروح الوطنية التي تحقّق أفضل الممكن في خدمة قضيّته الوطنية، هو نعم منحاز ولا خير فيمن يدّعون تقديم الخدمة من صحافة أو ثقافة أو فن دون الانحياز لقضيتهم المحقّة العادلة، وهم في ذات الوقت يرون الصحافة الحرّة! وهي تنحاز للباطل بكل وقاحة وصفاقة. منذ بداية هذا العدوان الذي بلغ الإجرام فيه أدنى درجات الانحطاط البشري وكما هو دأبه يواصل الليل بالنهار وهو في الخنادق المتقدّمة للمعركة، خاض غمارها وغرق في لهيب صواريخها وركام أبراجها المدمّرة وآهات وأوجاع وفواجع أهلها، يخرج للشاشة قمرا ساطعا من بين ظلماتها، ليقهر ظلامهم ويشكل منارة اعلامية تنتصر في معركة الوعي والمعرفة والصحافة الحرّة. ويأبى هذا الظلام أن يفلت هذا الصوت الحرّ من روحه الانتقامية المقيتة، يقذف عائلته بحمم الموت ليصيب عائلته في عمقها الطيّب. ويثبت بصبر جميل من عمق هذه المحنة القاسية يقول مقولته الساطعة: "معلش" ولم تمنعه المأساة من السخرية ليتابع ويقول: ليشهد العالم على أخلاق هذا الجيش وأردف: وليخسأ الاحتلال. ويعود "وائل" بعد أن أمّ في الناس بصلاة الجنازة على أحبابه، ليقف أمام الكاميرا مرة أخرى ويكمل عمله في نقل الحقيقة. لقد شكّل الدحدوح نموذجا وطنيّا رائعا للصحفي الذي يعتبر الاعلام مقاومة فيتفانى في تقديم أفضل ما عنده وبأعلى درجات العطاء، كذلك شكّل الطبيب الفلسطيني والممرض والطاقم الطبي الذين يرابطون في المشافي ويواصلون الليل بالنهار دون كلل أو ملل مع تعرّضهم لخطر القصف والموت، كذلك رجال الإسعاف والدفاع المدني، هؤلاء الجنود الذين يخدمون في أشدّ المناطق خطورة وفي عدوان يسلّطه أشدّ الناس حقدا وعداوة على رؤوس الأطفال والنساء والبيوت المدنية المفترض أن تكون آمنة فاصبحت مكانا يستقبل الصواريخ المدمّرة.