للمرّة الأولى منذ 1989، ولأول مرة منذ توليه منصبه العام 2017، فعّل الأمين العام للأمم المتحدة، "أنطونيو غوتيريش"، إحدى الأدوات التي يخولها له الميثاق الأممي ممثلة في المادة، 99 منه، والتي أثارت ردود فعل معارضة من طرف الكيان وحلفائه وبين دول أوروبية رأت أن تؤيد الخطوة. صوت أعضاء مجلس الأمن أمس الجمعة بشأن مقترح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، بشأن وقف فوري لإطلاق النار في غزة لدواع إنسانية على اعتبار أن ما يقع هناك بلغ مستوى يهدد السلم والأمن الدوليين، بسبب الكارثة الإنسانية التي حلت بالقطاع منذ أكثر من شهرين من القصف المتواصل، تخللتها هدنة انسانية ضيقة لم تكن كافية للاستجابة لحاجات السكان والنازحين المتضررين من تلك الهمجية. وقد أثارت دعوة غوتيرش التي وجهها إلى مجلس الأمن نهاية الأسبوع سخطا في الوسط الصهيوني، حيث هاجم سفير الكيان لدى الأممالمتحدة، الأمين العام لتفعيله ما يخوله القانون، ودعاه للاستقالة، كعادة الصهاينة في كل مرة يندد فيها الأمين العام الأممي بهمجية العدوان. وإثر الخطوة تلك، عبرت عديد الدول عن مواقفها من تفعيل غوتيرش المادة 99، وفي السياق دعا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، "أعضاء الاتحاد الأوروبي في مجلس الأمن الدولي والشركاء الذين يشاركونهم الفكر إلى دعم الأمين العام للأمم المتحدة" وأضاف: "على مجلس الأمن التحرك فوراً لمنع الانهيار الكامل للوضع الإنساني في غزة". ودعا الكيان الصهيوني للسماح لجميع وكالات الأممالمتحدة، بما في ذلك المنسقة الأممية المقيمة للشؤون الإنسانية لين هاستينغز، بتقديم الدعم العاجل للمدنيين في قطاع غزة"، وأكد من جهة أخرى أن عنف المستوطنين ضد المجتمعات الفلسطينية يجب أن يتوقف، مشيراً إلى تدمير المستوطنين الصهاينة مدرسة زنوتا في الضفة الغربية، والتي قال إن الاتحاد الأوروبي بناها من أجل توفير فرصة تعليمية للأطفال هناك. ووصف تدمير المدرسة بأنه مخالف للقانون الدولي. حالات فعّلت فيها المادة 99 منذ سنّها العام 1945، فعلت المادة 99 من ميثاق الأممالمتحدة 11 مرة إضافة إلى هذه المرة، وتعلق الأمر بحرب الكوريتين العام 1950، وفي أزمة لاوس وفيتنام 1959، ثم الكونغو 1960، تونس 1961، عندما نشبت معارك بين المدنيين التونسيين وعساكرالاحتلال الفرنسي الذين كانوا مازالوا يحتلون مدينة بنزرت. وفعّلت المادة أيضا في اليمن العام 1963، ثم في الحرب الهندية الباكستانية 1971، والأزمة القبرصية الثانية العام 1974، وخلال الحرب الأهلية اللبنانية عامي 76 و78 ( دامت الحرب 15 عاما). وفي قضية الرهائن الأمريكيين في طهران 1979، وفي حرب العراق وإيران 1980، وفي لبنان 1989، وأخيرا في غزة بخصوص خطر انهيار النظام الإنساني. هذا، وتتيح المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية 'لفت انتباه"المجلس الدولي إلى ملف "يمكن أن يعرّض السلام والأمن الدوليين للخطر". وكتب غوتيرش في رسالته أنّه "مع القصف المستمر لقطاع غزة ومع عدم وجود ملاجئ، أو حدّ أدنى للبقاء، أتوقع انهياراً كاملاً وشيكاً للنظام العام بسبب ظروف تدعو إلى اليأس، الأمر الذي يجعل مستحيلاً (تقديم) مساعدة إنسانية حتى لو كانت محدودة"، مجدداً دعوته إلى "وقف إطلاق نار إنساني" لتفادي "تبعات لا رجعة فيها على الفلسطينيين وعلى السلام والأمن في المنطقة". اعتراض أمريكي وفي أول رد فعل من إدارة الرئيس بايدن على خطوة غوتيريش بمشروع قرار لوقف فوري لإطلاق النار، قال المندوب الأمريكي البديل لدى الأممالمتحدة، روبرت وود، إن «موقفنا لم يتغير»، مضيفاً أن «أفضل ما يمكننا فعله جميعاً فيما يتعلق بالوضع على الأرض هو السماح باستمرار الدبلوماسية الهادئة خلف الكواليس»، لأن هذا هو «الأمل الأفضل لمحاولة تحسين الوضع على الأرض فيما يتعلق بالإغاثة الإنسانية، وإخراج الاسرى، ومحاولة المضي نحو نوع ما من العملية» السياسية بين الفلسطينيين والصهاينة". وإذ أقر بأن «الوضع صعب»، أكد أنه «لهذا السبب نعمل بجهد مضاعف، من الوزير (أنتوني بلينكن) والرئيس (بايدن) وآخرين، مع الزعماء الإقليميين»، مضيفاً: «نتواصل مع سلطات الاحتلال لمحاولة حملها على تعديل نهجها في التعامل، وأن تكون أكثر دقة فيما يتعلق بهجماتها ضد منشآت (حماس) وقيادتها". وكذلك انتقد كبير السيناتورات لدى الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، جيم ريش المعروف بتأييده الشديد للكيان الصهيوني، ما سماه «استحضار» غوتيريش المادة 99 من ميثاق الأممالمتحدة فيما يتعلق بالوضع في غزة، معتبراً أن ذلك «يدل على انحياز الأممالمتحدة الصارخ ضد الاحتلال ونفاقها في التعامل مع الصراعات في جميع أنحاء العالم". تأييد عربي ودولي من جهته، رحّب رئيس البرلمان العربي، بدعوة غوتيريش، معتبراً إياها «خطوة مهمة وضرورية، تنسجم مع مطالبة البرلمان العربي، الجمعية العامة للأمم المتحدة لتفعيل مبدأ الاتحاد من أجل السلم لمواجهة إخفاق مجلس الأمن، نتيجة استخدام حق الفيتو من قبل الولاياتالمتحدة لصالح القوة القائمة بالاحتلال". كذلك، رحّب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة «تجنباً لوقوع كارثة إنسانية". وأعرب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، عن دعمه الكامل لرسالة غوتيريش إلى مجلس الأمن، للمطالبة بإرساء هدنة إنسانية في قطاع غزة.