للمرة الخامسة من أصل ست مرات كان الفيتو الأمريكي بالمرصاد لإفشال مشروع قرار أممي لوقف إطلاق النار في غزة لدواع إنسانية، وقد أثار التصويت الأمريكي تنديدا دوليا واسعا، لأنّه يعطي الضوء الأخضر لاستمرار جريمة الإبادة الإنسانية ضد المدنيين الفلسطينيين. صوتت 13 دولة لصالح مشروع القرار من أصل 15 دولة عضو في مجلس الأمن الدولي، وفي حين امتنعت بريطانيا عن التصويت، استخدمت الولاياتالمتحدة حق النقض ما أدى لإفشال مشروع القرار. وكان مجلس الأمن الدولي عقد مساء الجمعة، جلسة طارئة بشأن الوضع في قطاع غزة، بمقر الأممالمتحدة في نيويورك، تحت البند المعنون "الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية". وأعلنت الإكوادور، التي تتولى رئاسة مجلس الأمن لشهر ديسمبر الجاري، عن الجلسة بعد الرسالة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش " للمجلس يوم الأربعاء الماضي، مستندا إلى المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية التي تتيح له "لفت انتباه" المجلس إلى ملف "يمكن أن يعرّض حفظ السلام والأمن الدوليين للخطر". ودعا القرار إلى "وقف فوري لإطلاق النار لدواع إنسانية" في غزة، محذرا من "الحالة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة"، وإلى "حماية المدنيين" و«ضمان وصول المساعدات الإنسانية". موقف لا أخلاقي ولا إنساني وفي أولى ردود الفعل، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن الفيتو الذي استخدمته الولاياتالمتحدة ضد مشروع قرار بمجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة يجعلها شريكة في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تشنها قوات الاحتلال. وفي تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية، وصف عباس الموقف الأمريكي بالعدواني وغير الأخلاقي، كما عده انتهاكا صارخا لكل القيم والمبادئ الإنسانية. وحمل الرئيس الفلسطيني واشنطن مسؤولية قتل الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين في قطاع غزة على يد قوات الاحتلال نتيجة ما وصفها بسياستها المخزية المساندة للاحتلال والعدوان الهمجي على الشعب الفلسطيني. كما وصفت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" موقف واشنطن بأنه "لا أخلاقي ولا إنساني"، وقالت أن "عرقلة أمريكا صدور قرار بوقف النار، مشاركة مباشرة للاحتلال في قتل أبناء شعبنا وارتكاب المزيد من المجازر والتطهير العرقي". من جهته قال السفير الفلسطيني لدى الأممالمتحدة رياض منصور إنه "يوم حزين"، وأضاف: "نحن منزعجون مثل شعبنا الغاضب والمستاء من نظام الأممالمتحدة–الأممالمتحدة، ومجلس الأمن، والجمعية العامة – وهم محقون في الانزعاج والغضب والإحباط لأنهم يرون آلة الحرب "الصهيونية" الضخمة هذه تقتلهم بالآلاف، ومع ذلك أصيب مجلس الأمن بالشلل". كما أدان رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتية الفيتو الأمريكي، وقال، في بيان، إن "فشل مجلس الأمن في وقف العدوان وصمة عار ورخصة جديدة لاستمرار القتل والدمار والتهجير، واستخدام حق النقض يفضح نفاق الادعاء بالاهتمام بحياة المدنيين". منظمات دولية غاضبة وعلى صعيد المنظمات الدولية، نددت منظمة "هيومن رايتس ووتش "بالفيتو الأمريكي، وقال مدير مكتب الأممالمتحدة في "يومن رايتس ووتش" ويس شاربونو، في بيان عقب استخدام حق النقض: "من خلال الاستمرار في تزويد الاحتلال بالأسلحة والغطاء الدبلوماسي أثناء ارتكابه الفظائع، بما في ذلك العقاب الجماعي للسكان المدنيين الفلسطينيين في غزة، فإن الولاياتالمتحدة تخاطر بالتواطؤ في جرائم الحرب". مسمار في نعش الديمقراطية من جهته انتقد الرئيس والمدير التنفيذي لمنظمة "أوكسفام أمريكا"، آبي ماكسمان، القرار في بيان له وقال إن حق النقض "يضع مسمارا آخر في نعش مصداقية الولاياتالمتحدة في مسائل حقوق الإنسان". وأضاف: "اليوم، أتيحت لإدارة بايدن فرصة أخرى للارتقاء إلى مستوى خطابها النبيل الداعم لحقوق الإنسان والنظام الدولي القائم على القواعد، إن العالم مستعد لإنهاء المذبحة المروعة في غزة والتركيز على إطلاق سراح الرهائن ومساعدة الفلسطينيين".إلى ذلك قالت الأمينة العامة "لمنظمة العفو الدولية"، أنييس كالامار، من خلال استخدام حق النقض ضد القرار "ظهرت الولاياتالمتحدة تجاهلا قاسيا لمعاناة المدنيين في مواجهة عدد مذهل من القتلى والدمار الواسع النطاق والكارثة الإنسانية غير المسبوقة" في غزة. وانتقدت كالامارد الولاياتالمتحدة لإرسالها أسلحة إلى الاحتلال، وقالت إنها "تساهم في تدمير القطاع". وأوردت في بيان: "لقد استخدمت الولاياتالمتحدة حق النقض (الفيتو) واستخدمته كسلاح لتقويض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مما أدى إلى تقويض مصداقيته وقدرته على الوفاء بتفويضه للحفاظ على السلام والأمن الدوليين". تصويت ضد الإنسانية كما أدانت منظمة "أطباء بلا حدود "الفيتو الأمريكي، وقالت، في بيان: "باستخدام حق النقض ضد هذا القرار، تقف الولاياتالمتحدة وحدها في الإدلاء بصوتها ضد الإنسانية"، ما يجعلها "متواطئة في المذبحة" الجارية في القطاع. وأضافت: "لقد صدمنا فشل مجلس الأمن الدولي في تبني قرار يطالب بوقف إطلاق النار في غزة. وذكرت المنظمة، أن الفيتو الأمريكي يتعارض مع القيم التي تقول الولاياتالمتحدة إنها تتبناها، ويبعث رسالة فحواها أن القانون الدولي الإنساني يمكن تطبيقه بشكل انتقائي وأن حياة بعض الأشخاص أقل أهمية من حياة آخرين.