يوسف حمدان: استصدار قرار أممي يمنع التهجير بإجماع دولي يبرز ثقل الجزائر دوليا سليمان بشارات: الجزائر تحولت إلى ثقل دبلوماسي يحرك المنظومة الدولية محمد حمامي: الفلسطينيون كسبوا داعما حقيقا بمجلس الأمن وسندا لحقوقهم المشروعة كانت ولا تزال وستبقى الجزائر السند الثابت والمدافع الشرس والمنافح الأصيل على القضية الفلسطينية. جاءت هذه العبارة في خطاب رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الموجه للأمة. وفي هذا الإطار، يندرج استصدار قرار أممي مانع جامع للتصدي لمخططات الكيان الصهيوني الإرهابي القاضية بتهجير سكان غزة من أرضهم. نجحت بذلك الدبلوماسية الجزائرية في الدفاع عن أهم مبادئها الدبلوماسية الراسخة، المتعلق بالدفاع عن الشعوب المضطهدة. وتمكنت الجزائر، في إطار العمل متعدد الأطراف، من افتكاك رفض أممي لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، مؤكدة مرة أخرى أنها الحاضنة الفعلية والداعم الحقيقي للشعب الفلسطيني الأعزل. قال ممثل مكتب حركة حماس بالجزائر يوسف حمدان، في تصريح ل «الشعب»، إن نجاح الجزائر في استصدار قرار أممي يمنع التهجير القسري من غزة بإجماع دولي، يبرز ثقل الجزائر دوليا، وعدم السماح للاحتلال بفرض إرادته على الجميع والإفلات من العقاب. مشددا على ضرورة اضطلاع مجلس الأمن بمهمته التي أنشئ بموجبها وهي حفظ الأمن والسلم الدوليين. وأشار حمدان، إلى أن دور الجزائر اليوم في مجلس الأمن يكتسي بالغ الأهمية، نظرا لقدرتها السياسية والدبلوماسية العالية، التي من شأنها إيقاف الجرائم المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني، مضيفا أنها «قادرة كذلك على نيابة المجموعة العربية للدفاع عن قضايا أمتنا وعلى رأسها القضية الفلسطينية. من جانبه، قال مدير مركز يبوس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، والباحث في دراسات الشرق الأوسط سليمان بشارات، في تصريح ل»الشعب»، «إن طرح الجزائر لملف منع التهجير، واستصدار موقف دولي من مجلس الأمن، يمثل نقطة ارتكاز مهمة. فقد حاول الاحتلال الصهيوني أن يتفرّد بقراره باتجاه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من خلال عمليات الإبادة الجماعية والتدمير المنهجي». وتابع يقول في السياق، «على مدار أيام الحرب الماضية كان يطرح الملف باعتباره أمرا واقعا. ولكن في ظل الجهد الدبلوماسي الدولي الذي قادته الجزائر، يمكن القول إن الاحتلال لم يعد باستطاعته أن يذهب بخطوات في هذا المسار، فالملف تحول من مجرد طرح صهيوني إلى قرار دولي وموقف دولي موحد يؤسس لمرحلة جديدة في الرؤية الصهيونية تجاه الشعب الفلسطيني». وخلص إلى أن هذه المحطة تشكل نقطة فارقة ومهمة في تاريخ الاحتلال، الذي اعتمد سياسة التهجير منذ العام 1948 ولم يكن هناك موقف دولي رافضا لها، وهذا بالمناسبة يمكن أن يشكل مرجعية دولية رافضة، إن رغب الاحتلال بتطبيق ذات المنهجية، ليس فقط في غزة وإنما بالضفة الغربية». وأضاف بشارات، بأن الجهد الجزائري هو تتويج للموقف الجزائري المساند للقضية الفلسطينية عبر عقود طويلة. فالجزائر التي حرصت في مواقفها الرسمية والشعبية على حماية الشعب الفلسطيني أمام مخططات الاحتلال، تحولت الآن إلى ثقل سياسي دبلوماسي يحرك المنظومة الدولية التي ستحاصر من خلالها الاحتلال الصهيوني وتمنعه من التفرد بالشعب الفلسطيني. ويأتي الدور الجزائري الرائد في مساندة القضية الفلسطينية، ليضيف بحسبه مزيدا من الزخم السياسي الذي بات يتبلور في ظل هذه الحرب، وهو لا يقل أهمية عن الدعوة الدولية التي أقامتها دولة جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية. وقال في هذا الشأن، «باعتقادي هذا يشجع باقي الدول على اتخاذ ذات المنحى والتعبير عن وقوفها التام إلى جانب الشعب الفلسطيني، بعد أن حاول الاحتلال تغييب القضية الفلسطينية على مدار السنوات الماضية. فقد عمد الاحتلال وبغطاء سياسي أمريكي، إلى إبعاد القضية الفلسطينية عن المنصات الدولية، واليوم يمكن القول إن القضية الفلسطينية عادت إلى مكانتها الدولية وعاد الاهتمام بها إلى سلم أولويات المجتمع الدولي». بالمقابل، أوضح محمد حمامي، عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية وممثلها بالجزائر، في تصريح ل «الشعب»، أن الجزائر سند وداعم للشعب الفلسطيني، مؤكدا أن «للجزائر مكانة في قلوب جميع الفلسطينيين، لأن ما يعنيها هو القضية الفلسطينية وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وهي الدولة العظيمة التي واجهت أبشع استعمار». وبعدما ذكر مواقف الجزائر المشرفة والداعمة، بقيادة السيد الرئيس عبد المجيد تبون، أشار إلى أنه بدخول الجزائر لمجلس الأمن، كسب الفلسطينيون داعما حقيقا وسندا لنا ولحقوقنا الوطنية المشروعة قد تجلى في مجلس الأمن، بحيث أن الجزائر تعي جيدا أن الشعب الفلسطيني يواجه مشروعا صهيونيا مبنيا على؛ إما قتل الشعب الفلسطيني وإبادته، أو تهجيره عن أرضه. ونبه إلى أن المعركة لم تبدأ في 7 أكتوبر، بل بدأت حرب الإجرام والإعدام والمجازر منذ قيام الاحتلال الصهيوني. وأضاف حمامي، نشعر بالفخر والاعتزاز عندما نسمع رئيسا عربيا ومسلما وإفريقيا، يقول إن ما يحدث في غزة هو وصمة عار على جبين الإنسانية، وهو ما يجعلنا نتوقع بأنه سيكون للجزائر دور هام ومهم من أجل دعم حقوق شعبنا الفلسطيني. في سياق متصل، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور أحمد أبو الهيجا، إن الموقف الجزائري يشكل موقفا متقدما عن كثير من الدول فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وفي الحرب الأخيرة على قطاع غزة، موضحا أنه يتميز عن مواقف كثير من الدول في أنه لم يتسم بالضبابية في دعم الحق الفلسطيني، ولم يتنكر لحق الشعب الفلسطيني في المقاومة. واستطرد يقول، فبينما تبدي بعض الدول التي تتعاطف مع الحق الفلسطيني مواقف غير واضحة أحيانا في بعض القضايا، لكي لا تخسر الموقف الغربي، خاصة فيما يتعلق بالمقاومة؛ لكن الموقف الجزائري بوضوحه وكذا موقف الدول التي تنحو منحاها، يعطي شرعية للعمل الفلسطيني المقاوم في مقابل محاولات أمريكا والغرب شيطنته دوليا. وأضاف أبو الهيجا، أنه فيما يتعلق بقضية التهجير، فإن هذه المواقف العربية الواضحة التي عبرت عنها الجزائر، تقطع الطريق أمام المخططات الصهيو-أمريكية لتصفية القضية الفلسطينية، وأي محاولات لفرض أمر واقع من خلال التهجير الطوعي أو القسري. وخلص إلى أن الشعب الفلسطيني يعول كثيرا على مواقف الدول التي يثق بها وبثبات موقفها، وهذه ميزة في الموقف الجزائري في أن الفلسطينيين يثقون في ثبات مواقفها وأنها لا تتغير ولا تخضع للضغوطات فيما يتعلق بالملف الفلسطيني. هذه الثقة وهذا الثبات في المواقف وعدم التذبذب، يجعل الجزائر طرفا موثوقا. بالتالي، فإننا وباستشراف المستقبل وتحدياته، نعتقد أن هذه الدول الموثوقة لابد وأن تلتقي مع بعضها من أجل أن تشكل سدّا أمام مخططات ما بعد الحرب، كما هو الحال خلال الحرب، وهذا ما نتطلع إليه، خاصة بعد المعركة القانونية المشرفة التي بدأتها جنوب إفريقيا.