يُطوى ملف ندرة السيارات في الجزائر نهائيا هذا العام، بالقضاء على العجز المسجّل في السوق الوطنية، وسيجد الجزائريون خيارات عديدة لاقتناء سيارات جديدة بمعايير دولية وبأسعار تنافسية منخفضة كثيرا عن الأسعار غير المسبوقة التي عرفتها السوق الوطنية خلال السنوات الماضية، وتأتي انتعاشة السوق وفقا لإستراتيجية الدولة بداية بفتح عملية الاستيراد "المنظّم والمدروس" ومنح الإعتمادات للوكلاء للقضاء على الندرة وتغطية الطلب المستعجل، بتحقيق وفرة في السوق وطرح أنواع مختلفة من العلامات الآسياوية والأوروبية، في انتظار تجسيد برنامج التصنيع المحلّي الذي بدأ يلقي بثمراته من مصنع "فيات" بوهران. أكّد إسماعيل ريزوق زغلاش، أنّ وتيرة استيراد السيارات في الجزائر، تميّزت في البداية ب«التدريج"، وهذا راجع لعدّه عوامل، أبرزها أنّ سلسلة التوريد تتطلّب وقتا قد يمتد من ثلاثة إلى أربعة أشهر، والأمر لا يختلف مع الزبائن الأوروبيين الذين ينتظرون مدّة طويلة لاستلام سياراتهم، وهذا راجع للمواد الأولية التي تدخل في تركيب السيارة، من اللّواحق وأنصاف النواقل والشريحة الالكترونية المصنّعة في آسيا، وأبرز المتحدّث أنّ وتيرة تصنيع وتركيب السيارات في العالم، تباطأت منذ أزمة كورونا، والجزائر لم تكن بمنأى عمّا يحدث في الخارج. وأضاف محدّثنا أنّه "بعد منح الرخصة ل«فيات"، كأول شركة عالمية تقوم بتصدير السيارات إلى الجزائر، تبعها منح الرخص لمتعاملين آخرين مثل علامة "شيري"، "جاك" ثم "جيلي" و«سوزوكي"، حيث أنّ معظم هذه الاعتمادات، منحت في الثلاثي الأخير من سنه 2023، هذا ما جعل كمية السيارات التي استوردت وتم بيعها تبلغ حوالي 40% من الميزانية المخصّصة لعملية الاستيراد، حيث تم منح حصة تقدر ب180 ألف مركبة لمختلف المستوردين في إطار برنامج سنة 2023، بمبلغ إجمالي يقدر ب 1.9 مليار دولار وفق إحصائيات وزارة الصناعة". سوق حيوية وعن أهم علامات السيارات التي دخلت السوق الوطنية أو المنتظر دخولها، لفت المتحدّث إلى أنّ معظمها سيارات آسياوية وأخرى أوروبية، مبرزا أنّ عملية منح الاعتمادات للعلامات الأجنبية منذ بداية عملية الاستيراد، عرفت تحيينا في معطيات الملفات حيث كان هناك 127 ملفا مقبولا من ضمن 300 طلب، تحصل 80 منها على رخص مسبقة أو ابتدائية لجميع أنواع المركبات لكلّ وكلاء السيارات السياحية والنفعية، آليات الأشغال العمومية، دراجات وحافلات، نتج عنها منح 41 اعتمادا نهائيا لمزاولة نشاط الوكلاء، بعد استكمال كلّ الشروط المطلوبة في دفتر الشروط. وبعد أن أشار إلى أنّ هذه الإعتمادات منحت بعد تقارير رفعها ممثلون عن مختلف الوزارات، حيث كانوا قد عاينوا قاعات العرض ومستودعات قطع الغيار ومختلف الورشات، من خلال إمضاء محاضر، تؤكّد أنّ هذا الوكيل لديه كلّ ما صرح به، أبرز المتحدّث أنّه ومن ضمن 41 متعاملا الذين منحت لهم الرخصة النهائية في بداية النشاط، يوجد 12 متعاملا يمثلون السيارات السياحية والنفعية لتوريد السيارات إلى الجزائر، منها ثمانية علامات آسيوية"، وأربعة أوروبية، على سبيل المثال هناك "أوبل"، "فيات"، "دي أف أس كا"، "شيري"، "جيلي" و«جاك"، فيما يبرز الاهتمام بعلامة "هونداي" وعلامات أخرى سيكشف عنها لاحقا، ليبقي 12 متعاملا يمثلون بقية أنواع المركبات الأخرى من شاحنات وآلات الأشغال العمومية، الدراجات والحافلات. انخفاض تدريجي للأسعار وفي هذا الإطار، أبرز المتحدّث أنّ عملية فتح استيراد السيارات كان لها الأثر الإيجابي والمباشر والسريع على السوق الوطنية للسيارات، خاصة ما تعلّق بالأسعار بعدما كانت الندرة هي سيدة الموقف والتي تسبّبت في ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، باعتبار أنّ السوق يخضع لقانون العرض والطلب، معتبرا أنّ دخول علامات جديدة لسوق السيارات، من شأنه أن يجعل الأسعار مستقرّة وأن تواصل انخفاضها، حسب مستويات ومؤشّرات مستوى السوق العالمي، خاصة إذا استمرت استراتيجية الدولة على نفس الوتيرة بخصوص ملف الاستيراد خلال السنة الجارية، بالنظر لحجم الاعتمادات التي منحتها وزارة الصناعة للعلامات الأسياوية والأوروبية، ما يؤدّي إلى انتعاش حقيقي لسوق السيارات، وسيقلّص العجز إلى النصف بدخول حوالي 500 ألف سيارة في غضون سنة 2024 إذا استمرت نفس الشروط. سوق الجزائر، سوق الربح وقال الخبير إنّ ملف السيارات عرف فتح الاستيراد للمواطنين من خلال استيراد مركبات مستعملة أقل من 3 سنوات، حيث اقترح خيارات عديدة أمام الجزائريين، علما أنّ السوق الجزائرية فيما يخص السيارات، هي سوق مربحة للمصنّعين الأجانب، لأنّ الحظيرة الوطنية للسيارات تهيمن عليها المركبات " القديمة" التي يفوق سنها 15 سنة بنسبة تترواح ما بين 70 إلى 75%، ومع تزايد الطلب لتجديد الحظيرة، ما يجعل من السوق الجزائرية سوقا مربحة. وحول أثر دخول السيارات الجديدة على السوق، تحدّث الخبير عن مكاسب إيجابية جدّا، وقال: "لاحظنا عوده إقلاع النشاط الاقتصادي، فيما يخص استيراد أو صناعة السيارات، من خلال خلق مناصب الشغل، وتنشيط عملية نقل السيارات من الميناء إلى المستودعات، ممّا يخلق ديناميكية كبيرة وينعش الاقتصاد الوطني، خاصة فيما يخص نقل التكنولوجيا، والهدف المهم جدّا - في نظر زغلاش - هو إمكانية التصدير للخارج لجلب العملة الصعبة، خاصّة وأنّ الهدف الاستراتيجي للدولة هو إقامة صناعة حقيقية للسيارات، لأنّ العودة للاستيراد هو حلّ مؤقّت ومستعجل لتغطية حاجيات السوق وامتصاص الطلب، بينما يتمثل الحلّ النهائي في تحويل الجزائر إلى قطب صناعي وقاعدة لتصدير السيارات نحو الأسواق الدولية. وخلص المتحدّث إلى التأكيد على أنّ السياسة المنتهجة للدولة اليوم، تكمن في عدم جعل الجزائر سوقا استهلاكية فقط، حيث اشترطت على العلامات أو الشركات التي كانت تريد أن تروّج لمنتجاتها أن تقوم بالتصنيع، كما ورد في دفتر الشروط، وتحقيق نسبة إدماج تصل إلى 30% في غضون خمس سنوات، وهذا حلّ واقعي يمكّن المصنّعين من جلب شركات المناولات العالمية أو المحلية، للوصول إلى هذه النسبة، ما من شأنه أن يبعث صناعة قطع غيار وصناعة اللّواحق والمعدّات.