يترقّب ملاحظون اقتصاديّون أن تستمر وتيرة نمو الصادرات الجزائرية خارج قطاع المحروقات خلال العام الجاري، حيث تستعد السلطات العليا في البلاد لانطلاقة جديدة من خلال بسط كافة التسهيلات والتحفيزات لصالح المصدرين والمستثمرين الجزائريين، فضلا عن الاستمرار في اتخاذ إجراءات تحفيزية لترقية الصادرات وتشجيع المنتوج المحلي، بتجنيد كافة القطاعات المعنية لإنجاح هذا المسعى، وتحقيق استراتيجية الدولة الرامية إلى التأسيس للاقتصاد المنتج، وقد سمحت الإجراءات المتخذة في مجال تسهيل عملية التصدير، برفع عدد المصدرين الفعليين إلى 1650 متعاملا حاليا بعدما كان العدد لا يتجاوز المئات خلال العقد الماضي. كشف رئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين، طارق بولمرقة، في حديث اختصّ به "الشعب"، عن بلوغ خطوات متقدمة تخص استكمال الرؤية التي سطرتها جمعيته العام الماضي، بغية تعزيز وترقية الصادرات الجزائرية خارج قطاع المحروقات، حيث تمّ تسطير برنامج عمل بمشاركة عدة قطاعات وزارية، على غرار وزارة التجارة وترقية الصادرات، وزارة الفلاحة ووزارة الصناعة، ووزارة المالية، إذ من المنتظر أن تجتمع الجمعية مع ممثلين من الحكومة خلال الأيام القادمة لاستكمال هذه الخطة التي تهدف إلى الرفع من قيمة الصادرات الجزائرية، وتشجيع المنتوج المحلي من خلال نقل انشغالات المصدرين وتقديم مقترحاتهم للجهات المعنية. تعزيز الثّقة تحدّث المتعامل الاقتصادي بولمرقة عن توسيع دائرة اللقاءات مع وزارة الصناعة ووزارة الفلاحة، حيث من المنتظر عقد لقاءات خلال الأيام المقبلة مع الجهات المعنية، بعد اجتماع المصدرين من مختلف الشعب بحضور الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين، بوزير التجارة وترقية الصادرات، الطيب زيتوني، نهاية عام 2023، وأمر الوزير بالإسراع بالتكفل بمشاكل المصدرين الجزائريين من خلال تعزيز الثقة المتبادلة، قصد التحضير لانطلاقة جديدة خلال السنة الجارية 2024. وحول أهم انشغالات القطاعات الوزارية المعنية، أبرز بولمرقة أنّها تتمحور حول الإجراءات الخاصة بالبنوك، النقل والشحن والشهادة الصحية الخاصة بالمنتجات الفلاحية، إضافة إلى انشغالات أخرى تخص كل شعبة من الشعب، قال: "كان لقاؤنا مع ممثلي قطاع المالية، حيث أنّها ترافق المصدرين، والحرص على حل المشاكل التي تعترضهم في عمليات التصدير، بالتنسيق مع بنك الجزائر"، وكشف - في السياق - عن عقد اجتماع قادم مع وزارة الفلاحة لرفع العراقيل عن المصدرين في هذا المجال، حيث شهد القطاع الفلاحي الذي تعول عليه السلطات العليا في البلاد لتحقيق الاكتفاء الذاتي تطورا لافتا، ما يتيح فرصا أكبر لتصدير المنتجات الفلاحية التي تسجّل الجزائر بها فائضا في الإنتاج". تعزيز النّقل البحري والجوي للمصدّرين في السّياق، كشف بولمرقة عن إبرام اتفاق مع ممثلي القطاعات الحكومية لتعزيز النقل البحري والجوي، حيث أبرمت اتفاقية مع مجمع النقل البري "لوجي ترانس"، من أجل أن يصبح أسطوله تحت تصرف المصدرين الجزائريين، وتسهيل عملية التصدير، منوّها بكل هذه الإجراءات لصالح الاقتصاد الوطني في إطار تحقيق الطفرة الاقتصادية، والخروج من دائرة الاعتماد على المحروقات. ولأنّ الجزائر حرصت على المشاركة في جميع المحافل الدولية، وأقامت التظاهرات الاقتصادية والتجارية الدولية منها أو المحلية بهدف التعريف أكثر بالمنتوج الوطني، والترويج له قصد إقحامه في الأسواق العالمية، أكّد بولمرقة أنّ المنتوج الوطني منافس لا يستهان به في السوق الدولية، موضّحا أن التظاهرات والصالونات الدولية تشجّع عملية التصدير. وتطرّق محدّثنا إلى تعليمات صادرة عن وزير التجارة وترقية الصادرات، الطيب زيتوني، بالتنسيق مع المتعاملين الاقتصاديين، بغية تلبية طلبات وجهات المصدرين الجزائريين لتنظيم التظاهرات الدولية، وهي سابقة - يقول بولمرقة - فالوزير يستمع للمتعاملين الاقتصاديين، ويلبّي رغبتهم في تنظيم تظاهرات وصالونات، وهي تعرف إقبالا كبيرا سمح للمنتوج الوطني بأن يصبح مطلوبا. وقال بولمرقة إنّ "مثل هذه الإجراءات سيكون لها أثر إيجابي في الترويج للمنتوج الوطني بالأسواق الدولية، خاصة المواد الغذائية، مثل العصائر والمشروبات الغازية، الزبدة الجزائرية، الخل، العسل الحر، العسل المشكل من السكر والماء، وغيرها من المواد الفلاحية الأخرى، إلى جانب مواد في شعب أخرى، ومن أهم الصّالونات التي شهدت إقبالا لافتا على المنتوجات الجزائرية، نجد صالون كندا، فرنسا، إسبانيا، بلجيكا، ودول في قارة آسيا، على غرار البلدان العربية التي تصدّر إليها "دقلة نور". معارض دائمة لتقوية الصّادرات ولأنّ سنة 2023 تميّزت بتسجيل الجزائر حضورها في العديد من المعارض الدولية، على غرار مشاركتها في الطبعة 29 للمعرض الدولي بداكار، إضافة إلى المعرض الدولي للصناعات الغذائية بموسكو، فضلا عن فتح معارض دائمة للترويج للمنتجات الجزائرية في كل من موريتانياوالسنغال كمرحلة أولى، فقد دعا رئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين إلى فتح مرافق لبيع المنتجات الجزائرية هناك، وهو ما سيمكّن الشركات الجزائرية المنتجة والناشطة في المجالات خارج المحروقات من تصدير منتجاتها والبيع المباشر. وأبرز بولمرقة أنّ "افتتاح المعارض الدائمة بكل السنغالوموريتانيا سيعطي قيمة مضافة للمصدّرين، إذ يعتبر حافزا لتقوية الصادرات وتحفيز المصدّرين، كما ستعمل هذه المعارض على إقحام المنتوج الجزائري ذي الجودة العالية في الأسواق الدولية، وجعله حاضرا على طول العام، ما يمنح الصّادرات الوطنية تنافسية في الأسواق الدولية ". وأشاد - في السّياق - بالفروع البنكية الجزائرية التي افتتحت بالخارج، وقال: "انتقلت إلى بنك السنغال الذي سيكون عمليا خلال الشهر الداخل، وهذا ما يستوجب ضرورة منح رخصة للمصدر لفتح فرع بيع للمنتوجات الجزائرية بكل من موريتانياوالسنغال من خلال فتح حساب بنكي لحماية منتوجاته هناك ." بالمقابل، نوّه رئيس جمعية المصدّرين الجزائريّين باستحداث المجلس الأعلى للتصدير، الذي يهدف إلي تشجيع وتنمية الصادرات الجزائرية بما يحقق زيادة حجمها وتوسعة مجالاتها في مختلف الشعب، وتحقيق التكامل بين السياسات الصناعية والتجارية لرفع الصادرات الوطنية. كل التّسهيلات توفّرها الجمارك وسمحت الإجراءات المتّخذة من قبل السلطات العمومية، في مجال تسهيل عملية التصدير برفع عدد المصدرين الفعليين إلى 1650 متعامل حاليا، وفق ما كشف عنه محدّثنا الذي أكّد أن هذا الارتفاع يرجع إلى التدابير المتخذة لتشجيع الصادرات خارج المحروقات ومرافقة المصدرين الجزائريين، وبالأخص ما يتعلق بتبسيط إجراءات التصدير، خاصة وأنّ جمعيته ترافق المصدرين لمساعدتهم على حل المشاكل التي قد تعترضهم، بالتنسيق مع مصالح الجمارك وبنك الجزائر، مبرزا أنّه تمّ رفع العديد من العراقيل لحد الآن عن عمليات التصدير، على غرار مشكل الجمركة من خلال توفير كل التسهيلات من طرف الجمارك، حيث أنّ المصدرين بإمكانهم التصدير دون وثائق، وقال بولمرقة: "نصدّر في انتظار إصدارها خلال أسبوع واحد فقط، في إطار تقديم تسهيلات تعزّزت حلال الفترة الأخيرة لصالح المصدرين ". استمرار وتيرة النّمو بشكل مشجّع وحول الرفع من حجم قيمة الصادرات خارج قطاع المحروقات التي بلغت أرقاما قياسية خلال السنوات الأخيرة، توقّع بولمرقة استمرار وتيرة النمو الإيجابية في ظل وجود كل التحفيزات للمصدرين والتسهيلات، لافتا إلى المجهودات الكبيرة المبذولة من طرف الدولة الجزائرية من أجل ترقية الصادرات، في إطار حرصها على تسوية كافة العراقيل وتبسيط إجراءات التصدير مثل التأمين والنقل، وهو ما من شأنه أن يمنح ثقة أكبر للمصدر. وخلص المتعامل الاقتصادي إلى التّأكيد على أهمية الإجراءات المتخذة في مجال ترقية الصادرات خارج قطاع المحروقات، التي تسمح بتحقيق نتائج إيجابية، حسب الأرقام التي تقدّمها السلطات المعنية في البلاد، ما رفع من عدد المصدّرين موازاة مع الآليات المستحدثة لتعزيز الصادرات خارج المحروقات.