عاد الدكتور محي الدين عميمور وزير الثقافة والاتصال الأسبق بذاكرته إلى 39 سنة خلت، ليتوقف عند حادثة سقوط الطائرة التي كانت تقل 15 إعلاميا بالفيتنام، مؤكدا على التأثر البالغ الذي تركته الحادثة في نفوسهم، وفي نفسية الرئيس الراحل هواري بومدين، الذي طالب في بادئ الأمر عدم إذاعة النبأ، إلا بعد إخبار عائلات الضحايا للتقليل من وقع الصدمة. أشار محي الدين عميمور خلال وقفة تذكر وعرفان لشهداء مهنة الصحافة نظمها «منتدى الشعب» بالتعاون مع جمعية مشعل الشهيد، إلى أن الرئيس الراحل هواري بومدين أصر على استقبال جثامين الإعلاميين، مؤكدا على اهتمام القيادة آنذاك برجل الإعلام، وبكل من يسقط شهيد الواجب الوطني. وقال إن الرئيس الراحل بقي يؤمن بهذه القضية إلى غاية وفاته. وآثر المستشار الأسبق للرئيس هواري بومدين العودة إلى الوضع الذي كان يعيشه الصحفي في تلك الفترة، لا سيما فيما يخص المنحة المالية الهزيلة التي كان يتلقاها خلال أدائه لمهام خارج الوطن، مشيرا إلى أنه سعى إلى التحسين من وضعيته، حيث قرر منحهم مبلغ 10 آلاف بالعملة الأجنبية داخل مغلف، إلا أن هواري بومدين يضيف رفض هذه الفكرة، قائلا بأنه لا يجب التعامل بأسلوب الرشوة احتراما للصحفيين، حيث كانت للرئيس الراحل عاطفة تجاه الإعلاميين ويسعى دائما للحفاظ على كرامتهم. وقال عميمور إن هذه الميزة جعلت من هواري بومدين يتعامل بكل تحفظ وأمانة مع حادثة سقوط الطائرة، لذلك قرر إبلاغ عائلات الضحايا شخصيا قبل نشر البلاغ، الذي كُلف بكتابته. من جهة أخرى أكد عميمور أن ثلاثة من الوفد الصحفي قُدر لهم النجاة من الحادث، بسبب أنهم كانوا يفضلون أثناء الوفود الرئاسية الاحتفاظ في أخر لحظة بثلاثة أشخاص هم مصور المحافظة السياسية للجيش، مصور التلفزيون ومصور صحفي، للاستقبال أو توديع الشخصيات. تساؤلات طرحها محي الدين عميمور من «منتدى الشعب» حول المناسبة من الاحتفاء بهذه الذكرى، داعيا إلى ضرورة جعلها مناسبة لاستذكار تفاصيل التاريخ وتحليل أحداثه للخروج بفكرة ترتبط بالتضحيات التي مات لأجلها هؤلاء. وأعاب عميمور على عدم إطلاق أسماء شهداء المهنة على أي شارع أو مؤسسة بالجزائر، إلا مدرسة جيلالي جدار بالمرادية، لأن هذا الأخير حسبه كان تابعا لرئاسة الجمهورية، ويشتغل في مديرية الإعلام، وبالتالي كان عليهم التكفل بالقضية. كما تساءل عميمور إن كانت ساحة الصحافة تحمل أسماء ال15 شهيدا، مشيرا إلى أن اللوحة كان من المفروض أن تحمل شهداء المهنة دون استثناء الذين غادروا الحياة وهم يؤدون أمانتهم، أولهم شهيد القلم رضا حوحو. من جهة أخرى تحدث محي الدين عميمور عن التداعيات التي عرفتها الجزائر بعد سقوط الطائرة في الثامن مارس، مؤكدا بأنها واصلت مسيرتها، حيث أنه وبعد شهور وفي الذكرى العاشرة لتصحيح جوان، أعلن الرئيس بومدين عن الوفاق الوطني الذي نوقش عبر مختلف التراب الوطني من قبل الإعلاميين وغيرهم، مؤكدا أنه من هذا المنطلق جاء الدستور الثالث، لكنه الأول والوحيد في تاريخ الجزائر، نتيجة استفتاء شعبي واسع وحوار منقطع النظير، وهو الدستور الذي ضمن الانتقال السلمي بعد وفاة بومدين إلى الحالة الجديدة التي تولى فيها الرئيس رابح بيطاط المهام احتراما للدستور. إلى جانب ذلك وحسب «ضيف الفوروم» فإن الوفاق الوطني الذي يسير وضعية البلاد، جعل من الرئيس الراحل بومدين، يفكر في تأسيس حزب واحد على اعتبار أن الفرد لا يمكن أن يعتمد عليه بمفرده، ومن هنا اختار مجاهدا وعقيدا في الجيش، على أساس تكوين مؤسسة سياسية تحقق التكامل مع المؤسسة العسكرية، وقال إن الرئيس كان يريد أن يخلص البلاد من وضعية القرار الفردي، وأصر عميمور على أن بومدين لم يأخذ إطلاقا أي قرار بمفرده، ومن قال إنه كان أسير قراره فقد أخطأ .