المساعد "ظلفي فاروق"، أصغر رجل حماية مدنية على المستوى القطر الوطني خلال سنة 1984، بعمر لا يتجاوز 18 سنة، وفي الوقت الراهن، أقدم عنصر على المستوى الولائي ب 40 سنة خدمة بجهاز الحماية المدنية، وعلى مشارف التقاعد. الانضمام إلى سلك الحماية المدنية كانت بالنسبة له أمر جدّ حساس، فقد تخلى عن عدّة وظائف منها التعليم والدرك الوطني، بعد استدعائه من قبل جهاز الحماية المدنية، أواخر سنة 1983، ولم يتردّد للحظة في ذلك، كيف لا وهو الذي ترعرع في صفوف الجهاز، مند نعومة أظفاره، وعمره 06 سنوات، حيث كان يجتمع مع أبناء خاله المنتمين لجهاز الحماية المدنية، بثكنة الحروش، ليزرعوا فيه حب هذه المهنة النبيلة أساسها حماية وإنقاذ الأشخاص، وكان في 14 سنة، خلال السبعينيات، دائم المشاركة في الحملات التطوّعية لإطفاء حرائق الحقول. وانضمّ فاروق للتربّص خلال سبتمبر من تلك السنة، على مستوى وحدة الميناء للحماية المدنية، لمدة 03 أشهر، وخلال تلك الفترة، أيّ سنة 1984، حلت بولاية سكيكدة، فيضانات كارثية أغرقت الضاحية الجنوبية من عاصمة الولاية، وكان محدّثنا، في فترة التربّص، إلا أنه تم الاستعانة به وبقية المتربّصين في مراقبة وحماية المواطنين، من خطر الفيضانات، وهي أول مشاركة فعلية لفاروق ضمن صفوف الحماية المدنية. وعن ظروف العمل سابقا ومقارنتها في الوقت الحالي، يقول المساعد ظلفي، أنّه خلال الأيام الماضية كنا أسرة واحدة، لا يوجد فرق بين هذا وذاك، تربينا مع مجاهدين ترعرعوا في الثورة، وعشنا كأسرة واحدة، وكنا لا نرجع إلى منازلنا خلال انتهاء مهامنا، لانعدام وسائل النقل في تلك الفترة، مع أنّ ظروف العمل كانت جدّ قاسية من حيث وسائل العمل، أما اليوم فقد تغيرت جذريا، وتوجد أريحية في العمل، لتوفّر الوسائل الحديثة من عتاد ومعدات يشهد لها عالميا. وكان أول تدخل لفاروق في الإسعافات، هو القيام بالولادة المفاجئة 03 مرات، خلال سنة 1989، والثانية سنة 1996، إنقاذ بعد الدخول من النافدة، وآخر ولادة مفاجئة وأصعبها قام بها، برمضان جمال سنة 2009 في يوم ممطر وفيضانات عمت أرجاء الولاية، حيث تم ولادة الطفل برجليه، وساعدته حينها عجوز، وتكللت العملية بالنجاح، وكانت أصعب عملية للإنقاذ لمحدّثنا، انتشال 05 جثث ببئر ببلدية حمادي كرومة، لخطورة البئر وعدم توفر الوسائل والمعدات، ومع هذا نجح في انتشالهم من البئر. ومن بين الحوادث التي أثرت كثيرا في فاروق وتركت له جرحا عميقا، إلى حدّ أنه إلى الآن يتردّد لدخول مدينة سكيكدة، للصور الأليمة التي عاشها أثناء عمليات الإنقاذ إثر حادث ببرج حمام في بداية مسيرته المهنية، من انهيار بناية قديمة على بيت قصديري، أدّت إلى وفاة عائلة ولم تنج إلا طفلة فقط، ففاروق يعيش لحظات ممارسه مهنته، كأنه فرد من تلك الأسرة، والكثير من التدخلات جعلته يعاني تراكمات هذه الأحداث الأليمة التي عاشها بكلّ تفاصيلها، على غرار الحادث الذي أدّى بحياة طفل صغير وهو ذاهب للمدرسة بسبع بيار أعالي سكيكدة، وبيده قطعة خبز. ويصدح فاروق ظلفي، بحبّه للحماية المدنية، وجعله يفوق حبّ الأب والأم، وأنه لا يردّ لها طلبا إن نادته، فهو واجب، ويكون من السباقين، حيث أنه في مرحلة كوفيد 19 تخلى عن عطلته من أجل التحسيس والتوعية، والتدخل في أيّ لحظة من أجل المواطنين، وقد شارك في أغلب الحوادث والكوارث التي لحقت ولاية سكيكدة، في فيضانات 1984 و1985، 1989، وحوادث الانفجارات بالمنطقة الصناعية سنتي2004، و2006، وكذا زلزال عين بوزيان، والحرائق التي عرفتها الولاية في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى إنقاذ البواخر الجانحة أو التي تعرضت إلى الانفجارات والاشتعال، بالإضافة إلى مشاركته في الإنقاذ في فيضانات باب الواد بالعاصمة، وفي زلزال بومرداس الذي كانت فيه عدة عمليات ومارسنا البحث تحت الردوم وكانت أوقات صعبة مرّت علينا. ومن هوايات، فاروق، ممارسة رياضة الكارتي والسباحة، ومتعلّق بالأرض والشجرة، أين يقضي الكثير من الوقت بين أحضان الطبيعة، وأجمل اللحظات المفرحة، ذهابه إلى البقاع المقدسة في إطار العمل ضمن صفوف الحماية المدنية، لحماية ومرافقة حجاج بيت الله الحرام، وذلك في مناسبتين، الأولى من طرف المديرية الولائية للحماية المدنية بسكيكدة سنة 1012، والثانية من قبل المديرية العامة للحماية المدنية سنة 2017. وختامها مسك، يقول، المساعد ظلفي فاروق، شاركت برحلة رفقة زميلتي المكلّفة بالإعلام والاتصال، كمكافأة أقدم عون بالحماية المدنية، سنة 2021، لزيارة المتحف الوطني للمديرية العامة للحماية المدنية بالعاصمة، وزيارة متحف جهوي بولاية مستغانم في نفس الرحلة التي دامت أسبوعا كاملا، وكانت أحسن فرصة لتغيير الجو، والتخفيف من التراكمات التي عشتها، لاسيما أنّى تعرّضت إلى حريق ببلدية الحروش، إثر حرائق الغابات، التي عرفتها الولاية سنة 2021، إلى درجة المكوث في المستشفى.