أحيا الثلاثي "سان جيرمان" من فرنسا و"أوركسترا الغرفة سيمون بوليفار" من فنزويلا, اليوم السبت بأوبرا الجزائر بوعلام بسايح, حفلا موسيقيا راقيا قدموا خلاله مجموعة من الوصلات المستوحاة من التراث الأوروبي والأمريكو-لاتيني, الكلاسيكي منه والمعاصر.وكانت بداية الحفل، الذي استمر لحوالي الساعتين من الزمن بحضور جمهور كبير وعدد من ممثلي السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر, مع الثلاثي "سان جيرمان", ممثلا في كل من الفرنسية كارولين دوبون على الفلوت والتركي أوغوز كاراكاش على الكلارينيت والروماني يونيل ستريبا على البيانو, حيث قدموا مجموعة من المقاطع التي افتتحاها بمقطوعة للموسيقار الفرنسي كامي سان صونز (1835- 1921) الذي "عاش لفترة في الجزائر العاصمة وأحبها وتأثر بأجوائها", حسب ما صرحت به العازفة كارولين دوبون. وبالإضافة إلى كامي سان صونز, قدم أيضا هذا الثلاثي الذي بدأ العمل معا منذ أكثر من عشر سنوات وشاركوا في العديد من التظاهرات الدولية, وصلات كلاسيكية أخرى لموسيقارات فرنسيين آخرين تركوا بصماتهم في المرجع الموسيقي الفرنسي وهم كل من فلورون شميت, غابريال فوريه, جورج بيزيه وجاك إيبير. وكان الجزء الثاني من الحفل مع أوركسترا الغرفة سيمون بوليفار الفنزويلية, التي تحضر لأول مرة للجزائر, بقيادة الموسيقار جوشوا دوس سانتوس, حيث قدمت حفلا فنيا أبدعت من خلاله في تقديم مجموعة من المقاطع جمعت بين الموسيقى السيمفونية العالمية والتراث الأمريكو-لاتيني, بقيادة المايسترو جوشوا دوس سانتوس. وافتتح بهذه المناسبة أعضاء الأوركسترا فقرتهم بمقاطع من السمفونية السابعة للموسيقار الألماني لودفيج فان بيتهوفن (1770- 1827) قبل أن يتبعوها بفقرات أخرى من التراث الأمريكو-لاتيني المعاصر على غرار "مامبو بيريز برادو" للموسيقار المكسيكي يوخينيو توسان أوثوف والمعروف بموسيقاه في الجاز و"أيرس دي فنزويلا" للمؤلف الموسيقي الفنزويلي خوسيه تيرينزيو. وقد تفاعل الحضور كثيرا مع النغمات والألحان الأمريكو-لاتينية بطابعها الاحتفالي الراقص والتي قدمتها الأوركسترا بإبداع مستوحية إياها من موسيقى "الصالصا" الشهيرة وأيضا من أنواع موسيقية أخرى على غرار موسيقى ال "خوروبو" الشعبية التي تعرف بها فنزويلا بتأثيراتها الإفريقية والأوروبية وتلك التي تخص الأمريكيين الأصليين, مستعملة في ذلك العديد من الآلات الموسيقية المحلية على غرار "ماراكاس". وأعرب دوس سانتوس, وهو موسيقار شاب بتجربة دولية ومن مواليد العاصمة كاراكاس, عن "سعادته الكبيرة بالحضور للجزائر لأول مرة والمشاركة في هذا المهرجان", مضيفا أن برنامجه "عكس الموسيقى الأوروبية وسلط الضوء في نفس الوقت على التراث الأمريكو-لاتيني وخصوصا فنزويلا". وعاد المتحدث الى حضور الموسيقى السيمفونية في بلاده قائلا أنها "تحضى باهتمام كبير ومن جميع فئات المجتمع وهي تدخل في صلب اهتمام الدولة, حيث توجد بفنزويلا 250 اوركسترا خاصة بالأطفال و150 خاصة بالشباب و50 أوركسترا احترافية". وسميت "أوركسترا الغرفة سيمون بوليفار", التي تأسست في السبعينيات من القرن الماضي وتضم أحيانا أكثر من 150 عضوا, باسم القائد السياسي والعسكري الفنزويلي سيمون بوليفار (1783- 1830) الذي قاد بلاده والعديد من دول أمريكا اللاتينية للتحرر من الاستعمار الإسباني, وهي واحدة من الأوركسترات السيمفونية الأكثر شهرة في أمريكا اللاتينية. وأعرب سفير فنزويلابالجزائر, خوان أرياس, عن "سعادته الكبيرة" بمشاركة بلاده في هذا المهرجان لأول مرة, معتبرا أن هذا "يدل على قوة وعمق العلاقات بين بلاده والجزائر وبين أيضا أمريكا اللاتينية وإفريقيا", آملا في أن تشارك فرق أخرى من بلاده في هذه التظاهرة الدولية مستقبلا. المناسبة كانت أيضا فرصة عبر من خلالها السفير الفنزويلي عن دعم بلاده للقضية الفلسطينية. وينظم المهرجان الثقافي الدولي ال13 للموسيقى السمفونية إلى غاية 22 مايو الجاري بأوبرا الجزائر بوعلام بسايح بحضور فرق ومجموعات موسيقية من عدة بلدان منها الصين "ضيف شرف", وكذا إيطاليا والنمسا ومصر وسوريا وتونس وأنغولا وروسيا وكذا فنزويلا. وعلاوة عن الحفلات المقدمة بأوبرا الجزائر ستنشط بعض الفرق الموسيقية المشاركة بالمهرجان برامجها الموسيقية بالمسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي وأيضا بمسارح وهران وبجاية وتيزي وزو, كما سينشط محترفون مهنيون جزائريون وأجانب ندوات ودروس تكوينية مخصصة للأغاني وإصلاح الآلات الموسيقية.