الغاز الطبيعي معبر آمن نحو تحوّل يتكامل مع الطاقات المتجدّدة تتوجّه أنظار العالم اليوم نحو قصر المؤتمرات، أين تنعقد القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز وعددها 19 مقسمة بين 12 عضوا دائما و7 أعضاء مراقبين، حيث من المنتظر أن تتوج القمة التي تم التحضير لها من الجانبين التنظيمي والإعلامي منذ وقت طويل من طرف الجزائر، حرصا منها على ضمان حسن ضيافة لا يشوبه أي تقصير من خلال التأطير المحكم لأشغالها، منذ انطلقت الخميس المنصرم، باجتماع مغلق لفريق العمل رفيع المستوى لإعداد الوثيقة التمهيدية لإعلان الجزائر، وتقديم تقرير حول أسعار الغاز إضافة إلى احتمال طرح توسيع عدد الأعضاء لمنتدى الغاز، بحسب تسريبات بلغت «الشعب» من كواليس الأشغال التحضيرية لقمة الغاز. صرّح المستشار الموريتاني المكلف بالمحروقات، مصطفى بشير، وهو أحد المشاركين في اجتماع أشغال اجتماع فريق العمل، أنه تم التحضير لمسودة الإعلان الذي سيتم التوقيع عليه من طرف الدول الأعضاء، إضافة الى جملة من القرارات المهمة التي سيتخذها المنتدى من أجل مستقبل صناعة الغاز في ظل التحدّيات الجديدة للتحوّل الطاقوي. وأضاف أن الرؤى كانت متوافقة لحد كبير بين الأعضاء المجتمعين حول ما جاء في مسودة الإعلان الذي ستتم المصادقة عنه اليوم، خاصة ما تعلق عن حقوق الدول في استخدام الغاز. الغاز أهم مورد طاقوي آفاق 2050 وهي نفس التوقّعات التي رصدتها «الشعب» من عدد من الخبراء الدوليين المهتمين بالشأن الطاقوي ممن حضروا المنتدى، حيث أوضح الخبير الجزائري في العلاقات الجيو- استراتيجية، مصطفى صايج، في إجابة عن سؤالنا حول محتوى التقرير التمهيدي للجنة رفيعة المستوى، ان هذا الأخير سيتضمن إضافة الى عرضه لحصيلة المنتدى منذ إنشائه سنة 2001 الى اليوم، 4 محاور أساسية أولها، التركيز على الغاز كمورد حيوي متحكم في مستقبل الخارطة الطاقوية العالمية، ثانيا مساهمة الغاز في التنمية المستدامة من خلال تحقيق الأهداف البيئية التي يعتبر الانسان فاعلها ومحركها الأساسي، خاصة وأن مليار نسمة من سكان المعمورة يحتاجون الى الغاز والوقود، ثالثا التركيز على المعطيات التكنولوجية كأداة لتطوير إنتاج الغاز من حيث استكشافه، استخراجه ومعالجته من خلال عملية عزله من الكربونات. أما المحور الرابع فيتعلق بتوسيع المنتدى الى أعضاء جدد من أجل مكانة أقوى لمنتجي الغاز وخلق توازنات استراتيجية بينهم وبين مستهلكيها والتخلص من المنطق التجاري الذي ساد سوق الطاقة طويلا المبني على المقايضة بين الحصول على طاقة بأقل أسعار بالنسبة للمستهلك، مقابل تغطية تكلفة الإنتاج والبنى التحتية عن طريق شراكات غالبها غير متكافئة الطرفين، خاصة في ظل وضع مستهلكي الطاقة بالمنطقة الأوربيين خاصة، لميكانيزمات مشتركة أو ما يعرف بآلية «الشراء الجماعي» أو التخزين، يقول المتحدث، وهو ما يؤثر سلبا على أسعار الغاز بالنسبة لمنتجيه. توافق الرؤى يبشر بميلاد تكتل غازي فاعل.. يعرف المشهد الطاقوي حاليا، تنافسا حادا بين الطاقات التقليدية والطاقات المتجددة، ويتموقع الغاز الطبيعي بعد تجريده من الكربونات كمعبر يربط بين النوعين الطاقويين، وينتظر مصطفى صايج، أن يتضمن إعلان الجزائر بين سطوره، استمرارية للقمم السادسة السابقة فيما تعلق بالغاز الطبيعي والتنمية المستدامة، ومدى مساهمة الغاز في بناء اقتصاد الدول المنتجة له وتحقيقه للتنمية المستدامة، انطلاقا من تجسيد أجندة الأممالمتحدة 2030 وتقديرات 2050. من ناحية أخرى، أكد محدثنا على ضرورة تواجد توافق في الرؤى بين منتجي الغاز، بخصوص السوق الغازي التي باتت منطقة منقسمة لعدة مناطق، شرق أوسطية، اسيوية وأوروبية، وضرورة تبادل الخبرات بخصوص استغلال الغاز الطبيعي المسال الذي أصبح يشكل في السنوات الأخيرة نسبة مرتفعة جدا من الاحتياجات الطاقوية العالمية، مما جعل جميع دول منتدى الغاز الى التوافق حول ضرورة التوصل الى توازنات استراتيجية بين المنتج والمستهلك. وبخصوص انضمام موريتانا لأوّل مرّة، كعضو مراقب، يشكل قوّة إضافية للجانب الافريقي الذي سيساهم مستقبلا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، فيما يخصّ توسيع استعمال الكهرباء، وتحقيق المخطط الإنمائي الذي التزمت به الدول الافريقية. كما ان القوة الطاقوية لموريتانيا ستشكل، قيمة مضافة لمنتدى الدول المصدرة للغاز، الذي سيتعزّز بانضمام أعضاء جدد، سيتقاطعون عند نقطة الحوار والتشاركية وتبادل الخبرات، ستمكن من تحقيق وثبة تنموية نوعية من خلال حسن استغلال المورد الطاقوي. انعكاس إيجابي مسبق لإعلان الجزائر.. وعن مستقبل أسعار الغاز، كتداعيات منطقية للمتغيرات الجيو-استراتيجية وتغير معطيات أسواق البورصة، استوقفت «الشعب» المحلل الطاقوي ببورصة السويد، نور الدين لغليل، الذي أدلى لنا بتوضيحات حول مستقبل الأسعار بعد إعلان الجزائر، موضحا أن انعقاد القمة اليوم كان له تأثير مباشر ومسبق غير متوقع على سوق الغاز خلال الأيام القليلة الماضية، أين ارتفعت الأسعار بعد انخفاض دام طويلا، كاد أن يكون مزمنا، مما يدفعنا إلى الجزم أن قمة الجزائر قد ساهمت بشكل مباشر في رفع أسعار الغاز حيث لقيت إشادة واسعة من طرف مختلف فواعل وممثلي سوق الغاز في أمريكا وأوروبا، ممن أبدوا تفاؤلهم بمخرجات القمة. رد فعل وصفه نور الدين لغليل بالإيجابي،متوقعا من جهة أخرى، ان بتم طرح فكرة إنشاء منظمة أوبك للغاز، بمشاركة كبرى الدول المنتجة والمصدرة للغاز على غرار الجزائر، قطر، روسيا السعودية، ايران ونيجيريا، معتبرا ان نجاح مثل هذه المبادرة، سيكون له انعكاس كبير، ولو على المدى البعيد، يقول لغليل.