تقديم عدة مشاريع قرارات تهدف إلى تجريم الكيان الصهيوني ووقف العدوان الغاشم منذ بداية عهدتها في مجلس الأمن في جانفي الماضي، نشطت الدبلوماسية الجزائرية بفاعلية كبيرة دعماً للقضية الفلسطينية، من خلال تقديم عدة مشاريع قرارات، تهدف بالأساس إلى تجريم الكيان الصهيوني ووقف العدوان المتواصل على قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي، إذ أسفر هذا العدوان عن سقوط عشرات الآلاف من الشهداء، معظمهم من الأطفال والنساء. بتعليمات من رئيس الجمهورية، قدمت الجزائر، خلال الشهرين الماضيين، العديد من المشاريع لدفع مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته تجاه الفلسطينيين، لعل أبرز تلك القرارات، مشروع قرار يدعو إلى الإيقاف الفوري والإنساني لإطلاق النار في غزة في شهر فيفري الماضي، وصوتت عليه بالموافقة 13 دولة، فيما عارضته الولاياتالمتحدةالأمريكية وامتنعت المملكة المتحدة عن التصويت. وبعد استخدام الولاياتالمتحدة حق النقض (الفيتو) ضد القرار الجزائري، قدم ممثل الجزائر الدائم في الأممالمتحدة عمار بن جامع كلمة تاريخية، معتبرا أن الوقوف ضد مشروع القرار الجزائري، يمثل موافقة على التجويع كوسيلة حرب ضد الفلسطينيين وتأييدا للعدوان عليهم، وعلى كل من يعترض على وقف إطلاق النار أن يسائل ضميره ويراجع إنسانيته. وفي نفس السياق، أكد السفير عمار بن جامع، يوم الثلاثاء الماضي، إلى ضرورة إجراء تحقيقات شاملة حول الاعتداءات الجنسية التي ترتكبها قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، داعيا مجددًا إلى فرض وقف فوري لإطلاق النار في غزة، بهدف وقف هذه الانتهاكات البشعة. كما دعا إلى تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية، واتخاذ جميع التدابير الضرورية دون تأخير من قبل مجلس الأمن، بهدف تعزيز صوت العدالة وضمان تنفيذ قرارات المحكمة الدولية بفعالية وفورية. ويرى الدكتور أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية صدوقي عبد الكريم، أن نشاط الدبلوماسية الجزائرية في مجلس الأمن قد أربك الصهاينة بشكل كبير، لاسيما وأن الدور الذي تقوم به الجزائر أخذ صيتا عالميا، وافتك دعما منقطع النظير، وإشادة عربية وغربية ومن الأممالمتحدة وأعضاء مجلس الأمن. الجزائر ستواصل في نفس النهج علاوة على ذلك، يرى أستاذ الدراسات الأمنية الدكتور عبد القادر منصوري في تصريح ل«الشعب"، أن الجزائر ستواصل "النضال" في مجلس الأمن، وهذا ما تؤكده كل تصريحات المسؤولين الجزائريين، بداية من الخطاب التاريخي لرئيس الجمهورية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر من العام الماضي، حينما أكد أن قيام دولة فلسطين أمر ضروري وتدعمه الجزائري بكل الوسائل. بدوره، أكد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف من القاهرة، في كلمة له خلال أشغال الدورة 161 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، أن الجزائر التي جعلت من القضية الفلسطينية شغلها الشاغل وعنوان جميع تحركاتها منذ انضمامها لمجلس الأمن، ستواصل جهودها ومساعيها، وستكرر المحاولة تلو المحاولة، حتى يقوم هذا المجلس بتحمل المسؤوليات المنوطة به تجاه الشعب الفلسطيني كاملة غير محتشمة، وغير مترددة، وغير مبتورة.ويضيف الدكتور منصوري، أن هذه التصريحات جاءت متوافقة مع النشاط غير المسبوق للدبلوماسية الجزائرية في مجلس الأمن خلال الشهرين الماضيين، وتقديمها للعديد من مشاريع القرارات التي تدين الكيان الصهيوني وتدعم الفلسطينيين، وحتى على المستوى الفردي برزت الدبلوماسية الجزائرية بشكل مميز من خلال التدخلات التي يقدمها الدبلوماسي المحنك وممثل الجزائر الدائم في الأممالمتحدة السيد عمار بن جامع. ويرى العديد من المتابعين أن عودة الجزائر إلى مجلس الأمن الدولي، خاصة في هذا السياق، ستلقي بظلالها على التصعيد الصهيوني المتزايد في فلسطين. ومن المتوقع أن تؤدي هذه العودة إلى نتائج سياسية حاسمة ومهمة بالنسبة لفلسطين، منها تحولها إلى دولة عضو كامل في الأممالمتحدة بدلاً من وضعها الحالي كدولة عضو مراقب غير عضو. وأشار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى هذا الأمر أكثر من مرة، خاصة خلال القمة العربية التي استضافتها الجزائر في عام 2022. وقد أسفرت هذه القمة عن تشكيل اللجنة الوزارية العربية، التي تعتبر فرعية مفتوحة العضوية، لدعم دولة فلسطين في جهودها لنيل الاعتراف والحصول على العضوية الكاملة في الأممالمتحدة.