الزائر لقرية الساحل ببوزقان في تيزي وزو خلال شهر رمضان، يقف على مشهد الطابور الطويل الذي يؤدي الى منزل «النا فطة» لاقتناء الزلابية التي تجيد هذه الاخيرة صناعتها منذ أزيد من 35 سنة، حيث اتخذتها مهنة لإعانة عائلتها لعدة سنوات عرفت خلالها الفقر والعوز، لتأخذ «النا فطة» على عاتقها مسؤولية إعانة عائلتها التي تحتاج الى مصدر رزق يقيها مذلة السؤال والطلب. استقبلتنا «النا فطة» داخل منزلها بعد ان قامت بتحضير العجينة وكل المستلزمات لطهي الزلابية التي اصطبغ اسمها بها، حيث صرحت ل «الشعب» أنها تعلمتها من عمها في صغرها، وقد كانت بدايتها مع هذه المهنة صعبة جدا، حيث كانت تخطئ في المقادير ولكنها مع مرور الوقت تفننت وأتقنت هذه الصناعة التي تحولت الى مهنة ومصدر رزق لها ولعائلتها. «النا فطة» تمتهن صناعة الزلابية على مدار السنة حيث لا تخلو قرية الساحل من رائحة الزلابية التي يقبلون على شرائها كمساعدة لابنة قريتهم، الى جانب تفننها واتقانها لعملها ناهيك عن ذوقها الفريد من نوعه والذي لا يمكن ايجاده في المحلات الاخرى ببوزقان، الامر الذي زاد من شهرة «النا فطة» لدرجة ان الزلابية التي تصنعها أصبحت مطلوبة من المناطق المجاورة وحتى المغتربين الذين يقصدونها خصيصا من أجل شرائها وتذوقها. «النا فطة» البالغة من العمر العقد السابع، لا تستطيع التخلي على مهنتها رغم تعب السنين والكبر الذي يبدو على ملامحها، إلا أن روح المرح والمثابرة بادية على وجهها، وهي تستيقظ في الساعات الاولى من صبيحة كل يوم، خاصة في الشهر الفضيل لإعداد الزلابية وتوزيعها على المحلات التي قدمت طلبياتها، الى جانب توفيرها لساكنة قريتها الذين ينتظرون بشغف ان تفتح «النا فطة» أبواب منزلها للبيع بعد أن وصلت رائحة الزلابية الى مدخل القرية. يمكن القول ان «النا فطة» مثال المرأة المكافحة التي وجدت في صناعة الزلابية مهنة تقتات منها وتعيل بها عائلتها، ورغم تقدم سنها فإنها لا تستطيع التخلي عن نشاطها الذي رافقها طيلة 35 سنة واشتهرت به لتكون الاولى في منطقة القبائل التي نافست الرجال على صناعة الزلابية حيث كانت في الماضي مقتصرة عليهم فقط، إلا ان «النا فطة» كسرت القاعدة وزاحمت الرجال في صناعة الزلابية التي يكثر عليها الطلب خاصة في شهر رمضان الكريم.