بلادنا أخذت العبرة من عواقب وتجارب السنوات الفارطة أبرز الخبير الاستشاري في شؤون البيئة والتنمية المستدامة دراجي بلوم علقمة، أنّ الجزائر من الدول السبّاقة التي اتخذت قرارات "حاسمة"، وأكثر "جرأة" لمواجهة هاجس حرائق الغابات الذي يعد من الأخطار الكبرى والكوارث الطبيعية التي صنّفها قانون تسيير الكوارث الطبيعية والمخاطر الكبرى 04-20، ونصّ على ضرورة إنجاز مخطط شامل للوقاية منها، ضف إلى ذلك صدور مطلع شهر مارس 2024 القانون الجديد رقم 24-04 المتضمن قواعد الوقاية والتدخل، والحد من أخطار الكوارث في إطار التنمية المستدامة، والذي صنّف حرائق الغابات من أخطار الكوارث وكيفية الوقاية منها كإجراء جديد لما له من أهمية قصوى لتطوير آليات التدخل والوقاية. أوضح الخبير الاستشاري دراجي بلوم علقمة ل "الشعب"، أنّ الجزائر أخذت العبرة من عواقب السنوات الفارطة كأحد أخطر سنتين عرفتهما جراء الحصيلة الثقيلة لأول مرة في تاريخها والمسجلة من أخطار حرائق الغابات، حيث تمّ أخذ العديد من الاحتياطات الاستباقية الاحترازات والوقائية من أهمها تسخير أقصى الإمكانيات على مستوى الولايات المعنية بمكافحة حرائق الغابات، من خلال عدة عمليات تشمل عدة قطاعات التقنية محليا ووطنيا، مشيرا إلى أنّ إدخال تقنيات جديدة ذكية في مكافحة الحرائق للإنذار المبكر أو الحيني طبقا للمعايير ومقاييس المعمول بها دوليا من شأنه تعزيز منظومة مكافحة الحرائق، وتلقي تبليغات إلكترونية ومباشرة عن بداية اندلاع النيران في المناطق التي قد تكون أعلى خطورة. وأبرز بلوم علقمة أنّ تأثير الحرائق لا يقتصر على اقتصاد الدول فقط، بل يمتد ليحدث تلوثا في الهواء، ويؤثر سلبا على قطاعات الغابات، الصحة والسياحة، وخسارة الممتلكات، والهياكل الأساسية للمناطق المعنية بالحرائق عبر التراب الوطني، وأضرارا كبيرة في البنى التحتية، ووفقا لدراسة اقتصادية دولية، فإن الحرائق تنذر بتأثير مباشرة لاقتصاد أي دولة متضررة بنسب متفاوت تقارب 0.04 % في اليوم الواحد. وأشار إلى أنّ الأضرار التي تلحقها حرائق الغابات لا تعد ولا تحصى من عدة جوانب حيوية، بحيث لا تقتصر الآثار السلبية لموسم الحرائق على التهام مساحات شاسعة من الأراضي والمحاصيل الزراعية فقط، بل يمتد تأثيره السلبي على القطاع الصحي، حيث تمّ تسجيل حالات وفاة للأشخاص، إضافة إلى أكثر من آلاف الإصابات ما بين خطيرة ومتوسطة، وإصابات بالصدمة والهلع، ومعظم المصابين بحاجة لفترة طويلة للتعافي والعودة لروتين الحياة العادية، بينما قد يكون البعض منهم غير قادر على ممارسة حياته الطبيعية، أو العودة لعمله بشكل دائم ما قد يؤدّي إلى عملية تكفل الدولة بهم، وما لذلك من عواقب على خزينة العمومية في إطار التضامن الوطني. وذكر أنّ الجزائر تبقى معرّضة لعوامل التغيرات المناخية كونها تقع في حوض البحر الأبيض المتوسط، وهي منطقة تعتبرها اللجنة الحكومية الدولية للخبراء الدوليين حول تغير المناخ واحدة من 24 "بقعة ساخنة " الأكثر عرضة لتغير المناخ، متأثرة بالظواهر المناخية المتطرفة المتكررة (الفيضانات والجفاف وحرائق الغابات وما إلى ذلك...)، وهي أضرار جد وخيمة وآثار أكثر حدة على الاقتصاد الوطني والبيئة على الخصوص من اهمها الحرائق المتكررة بشدة في السنوات الأخيرة. وعلى هذا الأساس، أكّد المتحدّث أن جهود الوقاية والحماية تبقى غير كافية إذا لم يتبنّ السكان هذه آليات وتفعيل التدريبات بشأنها ميدانيا، ونفس الشيء بالنسبة التجهيزات والعتاد كالطائرات وغيرها، والتي تمّ توفيرها هذه السنة وما يستلزمها من أرضيات ومنصات مواقع لتدويدها بالماء، وغيرها من ترتيبات قد تحد بشكل ملموس من حرائق الغابات.