يظلّ عيد الأضحى مناسبة لها عادات كثيرة تبرز خلال الأيام التي تسبق يوم العيد، أكثرها عادات توارثتها الأجيال، وتشمل الاستعداد لنحر الأضحية، وتأدية الشعائر، وهي تزيد من التماسك وتدخل الفرحة إلى قلوب الأفراد. تبدأ التحضيرات بتنظيف البيوت وتزيينها لاستقبال المناسبة السعيدة، فللعيد مقام رفيع لدى الجزائريين، ليس فقط لكونه شعيرة دينية، ولتزامنه مع مشاهد الحجّ الروحية، بل لكونه أيضاً فرصة للفرح وإسعاد الأطفال، وصلة الأرحام وزيارة الأقارب. تقول زهرة-م: "بحكم أنّني موظفة في مؤسّسة عمومية، خاضعة لدوام عمل صارم، إلا أنّني أحرص على إتمام الاستعدادات من خلال شراء الأغراض الخاصة التي تستخدم في أيام العيد الكبير، وتتعلّق أساساً بالأضحية، ما يجعل الأسر تلتزم بشراء مختلف الأواني والوسائل الضرورية للذبح، ولوازم التقطيع، فضلاً عن أدوات الطبخ والشواء، وكذا اقتناء مجموعة متنوّعة من التوابل أو الفّواحات كما يسميها الناس في بعض المناطق، فالتوابل تضيف نكهة إلى أطباق العيد، وعلى الرغم من اختلاف عيد الأضحى من حيث رمزيّته عن عيد الفطر، إلا أنّ العائلات تحرص أيضاً على إعداد بعض أنواع الحلويات". وتنتشر روائح عيد الأضحى المميّزة وأجواؤه اللافتة قبل أسابيع من حلوله لعدّة اعتبارات مرتبطة بشراء الأضحية، فضلاً عن المظاهر والأجواء الاحتفالية في الشوارع، في حين تتسم الأسواق بانتشار الباعة الذين يعرضون سلعهم المتنوّعة، خصوصاً أدوات الذبح والأكياس البلاستيكية، مع انتشار باعة الفحم الذي يعتبر من الضروريات لارتباطه بالشواء. وينظر إليها البعض على أنّها فرصة للربح، إذ يحجز الباعة الموسميون أماكنهم في الأسواق الشعبية، أو على أرصفة الأحياء، مثلما فعل هشام (25 سنة)، والذي يبيع الفحم ولوازم ذبح الأضاحي، وقد تعوّد على هذا سنوياً لأنّ الإقبال يكون كبيراً، ويقول: "كلفة بعض اللوازم تزيد عن 10 آلاف دينار جزائري. أبيع أكياس الفحم وأدوات تقطيع الأضحية والسكاكين الكبيرة والصغيرة كحرفة موسمية لأنّها تستقطب الزبائن وتدرّ الربح الوفير". ولا ينسى الجزائريون الاستعداد لأداء صلاة العيد، وتبدأ الاستعدادات بتنظيف المساجد قبل أيام من عيد الأضحى لاستقبال المصلين، وإن كان سكان بعض المناطق يؤدّون صلاة العيد في أماكن مفتوحة، خاصة في مناطق الجنوب، وتلك أيضاً يتم تجهيزها قبل يومين من حلول العيد وفرشها إذا أمكن بسجّادات من البلاستيك. وتنتهز الأسر الجزائرية عيد الأضحى لتستعيد التواصل، خصوصاً أنّ الحياة الاجتماعية باتت أكثر مشقّة. تقول وسيلة إنّ "العيد فرصة لا تعوّضها احتفالات أخرى، وخاصة عيد الأضحى الذي يعني اجتماع شمل العائلات، واللمة التي نفتقدها كثيرا في هذا الزمن. بعض الطقوس بدأت تعرف انحساراً، وبعض العائلات ما زالت تحافظ على عادة التجمّع لذبح الأضحية في وسط منزل العائلة الكبير، لكن ظروف المعيشة وطبيعة السكن جعلت بعض الأسر تلجأ إلى الذبح في المسالخ المخصّصة لهذه المناسبة بعيداً عن المسكن العائلي، خصوصاً أصحاب الشقق في العمارات السكنية. تجتمع نساء العائلة لتنظيف الأضحية وغسلها، ثم يقمن بتقطيعها وتحضير وجبة أول أيام العيد. وما كان يميّز عادات العيد أنّها تتم في وسط عائلي كبير، أو بين الجيران، لكن تقلّصت تلك العادات".