تتوفر مدينة تيزي وزو على 48 مدرسة ابتدائية ، متواجدة بكل من وسط المدينة والقرى التابعة لها ، وقد توقفت «الشعب» في دورة استطلاعية على واقع وضعية هذه المؤسسات التي يسيرها رؤساء البلديات ، ورغم أن الميزانية تمنح سنويا لمعالجة كافة المشاكل التي تتخبط فيها هذه المنشآت التربوية، إلا أن أغلبها يستحيل التدريس فيها، والمسؤولية تقع على عاتق المنتخبين، كونهم مطالبون بالتدخل لضمان ظروف تمدرس لائقة، من خلال التجهيز والترميم، وتوفير وجبات غذائية للمتمدرسين. انها وضعية رصدتها «الشعب» في جولة ميدانية أخذت عينات من المعاناة تستدعي العلاج السريع. تجولنا بالعديد من المدارس الإبتدائية المسيرة من طرف بلدية تيزي وزو ، وقد استوقفتنا وضعيتها الصعبة ، نتيجة نقائص ومشاكل بالجملة ، جعلت الأطفال يدرسون في ظروف جد سيئة ، وبالتأكيد لها إنعكاس سلبي على التحصيل العلمي، فبعض المؤسسات تنعدم فيها الكهرباء ،وبعضها الآخر تشكل خطرا على حياتهم، كونها مهددة بالإنهيار بين لحظة وأخرى، فمدرسة الأخوة مولى بثالة عثمان تنبئ بكارثة صحية خطيرة بسبب تساقط الغبار الذي يحوي مادة سامة في صحون التلاميذ، من أسقف المطعم المدرسي.. ولايتوقف الوضع عند هذا الحد بل المفاجأة كانت أثناء تنقلنا لمدرسة بركاني 1 التي لا تحوي حتى على «البلاط» ، فأرضية الأقسام بالأسمنت ما يجعل الغبار يغمر الأقسام ، وهو الذي يؤثر على صحة التلاميذ والمعلمين على حد سواء ، فأغلبهم يعانون حاليا من مرض الحساسية ، خاصة في فصل الربيع ، ورفعنا استفسارنا عن الوضع الى مسؤول بقطاع التربية ،الذي أكد لنا أنه بعد الشكاوي المتكررة من أولياء التلاميذ خصصت المديرية ميزانية 350 مليون سنتيم لترميمها ووضع تحت تصرف البلدية، إلا أن هذا الوضع ما يزال على حاله . مدرسة موح أرزقي استوقفتنا هي الأخرى، فرغم الإعلان السنة المنصرمة عن استفادتها من 100 ئمليون سنتيم لإعادة تهيئتها، بعد ظهور تشققات على مستواها أدى بالوضع إلى حد إجلاء التلاميذ منها، نتيجة خطورة الوضع الذي سببه تساقط كميات كبيرة من الثلوج، ولم يتم معالجة المشكل خاصة بعد رحيل رئيس البلدية السابق الذي لم يقم بأي مبادرة . أما ساحات بعض المدارس حدث ولا حرج، فوضعها يشكل خطرا على الأطفال خاصة أثناء فترات الاستراحة ، وأنهم يفضلون الجري واللعب بفناء المدرسة، ولكن للأسف فهي مهترئة وهو ما استوقفنا بمدرسة ميمون، ومدرسة تمزيرت عبد السلام بمنطقة حسناوة، ومدرسة معمر ببوخالفة التي تعاني حتى من مشكل الكهرباء. ونتيجة جملة هذه المشاكل، استفادت هذه المؤسسات من ميزانية قدرت حسب مصادرنا ب 27 مليار دينار لترميمها و25 مليار سنتيم لشراء مختلف التجهيزات والمعدات ليصل المبلغ الإجمالي، إلى 57 سنتيم دينار إلى جانب ذلك منح 600 مليون، لتحسين الوجبات الغذائية ناهيك عن أموال أخرى مخصصة لإعادة ترميمها بعد تعرضها للانهيار، وظهور تشققات على مستواها بسبب موجة الثلوج التي إجتاحت الولاية السنة المنصرمة والتي تسببت في خسائر كبيرة، لكن لم يتم صرف هذه الميزانيات لإصلاح الوضع، ليبقى الضحية الوحيدة هم الأطفال الأبرياء الذين يدفعون ثمن ذلك. تبخر ميزانيات وأقسام وهمية نقلنا هذه الانشغالات للمنتخبين المحليين، وقد تعمد مسؤول الأمانة العامة لقطاع التربية والمكلف بمتابعة أوضاع المدارس الإبتدائية بولاية تيزي وزو، استضافتنا في جلسة عمل بحضور المنتخبين المحليين والأمين العام لبلدية تيزي وزو، وكانت المفاجأة أكثر مما استقيناه في أرض الواقع في جولتنا الميدانية، حيث كشف مسؤول قطاع التربية، عن عدد من المدارس استفادت من ميزانيات بهدف توسيعها أي بناء أقسام جديدة للتخفيف من الضغط الذي يعاني منه التلاميذ، لكن هذه الأموال تبخرت في الهواء، وما يزال يكتنفها الغموض، مستدلا بذلك بمدرسة اوطالب حمد المتواجدة بمنطقة مزداتة، فبعد الشكاوي المتكررة لأولياء التلاميذ الذين يعاني أبناءهم من ضغط الأقسام، استفادت هذه المنشأة من بناء قسم آخر ومنحت وزارة التربية ميزانية قدرت ب90 مليون سنة 1999، ولكن الأشغال ما تزال صفر بالمائة ، وهوما أثار استغراب الحضور متسائلين عن مصير هذه الأموال . كما كشف ذات المتحدث عن تبخر مشروع بناء مؤسسة تربوية جديدة بمنطقة أرجاونة، والذي سجل منذ سنة 2006 وخصصت له ميزانية 700 مليون سنتيم ، لكن لا معلومات حولها، سواء من حيث الدراسة أو انطلاق الأشغال، رغم أن وزارة التربية قد منحت هذه الميزانية لرئيس البلدية المتواجد على رأس البلدية آنذاك، حيث تبخرت هذه الأموال أيضا ومصير بناء هذه المدرسة مجهول . وفي الشأن ذاته فإن مدرسة 350 مسكن المتواجدة ببوخالفة ، تتواجد هي الأخرى في وضعية جد حرجة فأسقف الأقسام تتساقط منها الأمطار، ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى استعمال الأطفال المظلة أو تغيير الأماكن تفاديا لتبللهم وإتلافئكراريسهم ، وبسبب هذا الوضع منحت الوزارة سنة 2001 ميزانية لوضع حد لهذه المعضلة ، وبعد مرور 10 سنوات مايزال يطرح المشكل ذاته، في الوقت الذي تبخرت هذه الميزانية . الوضع ذاته بمدرسة على بلقاسم ببوخالفة التي استفادت سنة 2009 من بناء مطعم جديد، ولم يتم إنجازه إلى غاية اليوم، في الوقت الذي يضطر التلاميذ إلى تناول وجبات غذائية باردة في فصل الشتاء، أو قطع مسافات طويلة للالتحاق بمنازلهم لتناول وجبة ساخنة والعودة مرة ثانية لمزاولة دروس الفترة المسائية، ما أرهقهم وجعلهم في معاناة يومية أمام إنعدام ضمير ومسؤولية المنتخبين . 25 مليار سنتيم لشراء مستلزمات تصرف سنويا ميزانيات كبيرة لشراء مختلف مستلزمات المؤسسات التربوية على غرار الأقلام الطبشور، الأوراق ، إلا أن العديد من المعلمين يجبرون بالإستعانة بأموالهم الخاصة لشراء الكتب والأقلامئ للكتابة على الصبورة، في الوقت الذي يخصص سنويا ما عدده 25 مليار سنتم ، لشراء مختلف المستلزمات الخاصة، ومواد التنظيف والأوراق ،إلا أن الوضع جد حرج فحتى طاولات المدارس لا تصلح للجلوس، وتم شراء ما عدده 2 ألف طاولة جديدة خاصة بأطفال أقسام التحضيري، لكن لم يتم تسليمها للمؤسسات، بحجة عدم وجود الأمن والخوف من تعرضها للسرقة من طرف اللصوص الذين سيقومون بإعادة بيعها، حيث قال الأمين العام لبلدية تيزي وزو، أن هذه الطاولات الخاصة بالأطفال ما تزال بمخزن البلدية، ما يجعل أولياء التلاميذ يتساءلون عن جدوى صرف أزيد من 36 سنتيما لشراء وتخزين طاولات التدريس في الوقت الذي يتعلم الأطفال في وضعية كارثية. كما أن مشكل النفايات مطروح بدوره، فالعديد من المدارس محاطة بالقمامات التي تنبعث منها روائح كريهة ،ويضطر الأطفال يوميا لاجتيازها لدخول باب المدارس ، وهو الوضع المسجل بمدرسة رجاونة بتاشت، والمشكل لا يتوقف عند هذا الحد، بل إنتشار الجرذان هو أكبر خطر محدق بالتلاميذ، خاصة وأنها تحمل فيروسات خطيرة، ما ينبئ بأوبئة خطيرة تقع مسؤوليتها على عاتق البلدية ،التي لم تأخذ مطالب أولياء التلاميذ بعين الاعتبار رغم شكاويهم المتكررة، بجمع هذه القمامات يوميا وتخصيص شاحنة لذلك أو وضع حاويات النفايات لترمى بداخلها بدل تواجدها بطريقة عشوائية بمدخل المدرسة ، والتي تتوسع إلى مطاعم المدرسة . وبمدرسة الإخوة مولى المتواجدة بثالة عثمان، التي دخلنا رفقة بعض المنتخبين للمطعم المدرسي بها، الوضع كان جد مقلق بسبب سقف المطعم الذي يتساقط منه الغبار في وجبات الأطفال، ورغم إستفادة هذه المنشأة من 230 مليون سنتيم السنة الجارية لإعادة تهيئتها، الا أن الوضع على حاله، ولعل ما زاد الوضع سوءا بناء العصافير لأعشاش ،أما ساحة المؤسسة فحدث ولا حرج فهي، في وضعية جد مهترئة وقد استفادت من 1 مليار لإعادة الهيئة وبناء جدار وقائي، لكن لم تنطلق بعد الأشغال لأسباب مجهولة . مطاعم تحولت لشقق بتصريح من البلدية ولعل أكبر مشكل سجلناه في بعض المؤسسات، عدم إحتوائها على إدارات ومكتب للمدير، فقد أضحت بعضها شقق يقطنها الأساتذة أو المدراء ، بعد منح البلدية تصريحا لهم بتحويل هذا الجناح إلى مسكن عائلي، وهو الوضع الذي استوقفنا بمدرسة أحداشن الكائنة بمنطقة تميزار لغبار، حيث عمدت المديرة إلى بناء مطبخ وصالون كما قامت بتوسيع الشقة ، واستغلت حتى قسما أخر بالمؤسسة ، وذلك بموافقة المدير، وأصبحت المديرية مسكن عائلي في الوقت الذي لا تحوي المؤسسة على مكتب للمدير، ما خلق فوضى عارمة داخل المنشأة التربية . وقد ندد المسؤولون بهذا الوضع في عدة مرات ورفعوا شكاويهم لمديرية التربية.