أعطى الشيخ عمر ديارا، مستشار حزب التجمع من أجل مالي في ندوة صحفية بيومية "الشعب" أمس، صورة دقيقة عن الوضع المضطرب الذي يعيشه البلد الواقع في قلب الساحل، وتداعيات الحرب الفرنسية والتحضيرات الجارية للخروج من المرحلة الانتقالية بإجراء انتخابات رئاسية يعوّل عليها في الاستقرار الوطني. وذكر الشيخ ديارا الذي يقود الوفد المالي في زيارته للجزائر ومباحثاته مع مختلف المسؤولين السياسيين وأطياف المجتمع المدني منذ 10 أيام بالمقاربة السياسية التي تعد خارطة طريق لترسيخ دولة المؤسسات في مالي التي تبنى بالمصالحة وتدابير السلم ويشترك فيها عبر مشاورات مفتوحة مع من يضع الوحدة الوطنية فوق كل اعتبار ويرى في السيادة خطًا أحمر لا يقبل المساس والتجاوز. وقال الشيخ ديارا أن المشاورات تخص كل الحساسيات بما فيها الحركة الوطنية للأزواد شريطة التخلي عن فكرة الانفصال ونزع السلاح لحساب جيش مالي النظامي الذي يستدعي بدوره الخروج من الانقسام وكسب صفة المؤسسة الدستورية القوية المؤمّنة للاستقرار والديمقراطية التعددية. ويتخذ مالي من التجربة الجزائرية منهاجا في طي أزمة طالت وفتحت فجوات عميقة في المجتمع وتركت المؤسسات في هشاشة لا تقوى على إدارة شؤون الرعية والتكفل بمشاكل المواطنين المعقدة المتراكمة. وأفرزت تداعيات أمنية خطيرة وشروخ تسلّلت منها الجماعات الإرهابية وانتشرت وفرضت نفسها في ظل تواطؤ مسؤولين سبقوا مصالحهم الذاتية على الوطن. وذكر بهذه المقاربة الوفد المالي طيلة محادثاته مع مختلف مكونات المجتمع المدني الجزائري. وجدد التأكيد عليها في الندوة الصحفية بمقر جريدة »الشعب« بالقول أن تجربة الجزائر في محاربة الإرهاب والمصالحة والإصلاحات جديرة بأن تكون مرجعية ليس فقط لمالي بل لدول الساحل التي تعيش هشاشة تستدعي تدابير عاجلة للخروج بأسرع ما يمكن منها. وهي تدابير توجد ضمن أجندة دول الميدان التي تحتل فيها الجزائر حلقة مركزية وترافع عن طروحات تعطي الأولوية للحوار السياسي الذي يعالج الأزمة من أساسها برؤية بعيدة واستقرائية لا تكتفي بالمسكنات وما تحملها من تداعيات ترهن الأمن والاستقرار وتضع البلد مجددا في عين الإعصار.