انعقد المؤتمر الخامس لجبهة القوى الاشتراكية، في ظرف وصفه زعيمه حسين آيت أحمد الغائب «الحاضر» ب«الاستثنائي»، وصنع الاستثناء مناضلو الأفافاس من الجيل الجديد، حينما أحبطوا دعوات ارتفعت من مسؤول حزب مغربي، استغل وجوده لحشد الدعم للمقترح المغربي لحل قضية الصحراء الغربية، وردوا بكل قوة «إرحل، الصحراء للصحراويين»، في وقت أحدثت تلك التصريحات استنفارا وسط قيادة الجبهة، حيث اضطر السكرتير الأول علي العسكري إلى معاودة التدخل في نهاية افتتاح الجلسة الأولى لتوضيح موقف حزبه من هذه القضية، مؤكدا أن الأفافاس «دافعت وتدافع دائما من أجل حق شعوب كل المنطقة في تقرير مصيرها». سارت الجلسة الافتتاحية لأشغال المؤتمر ال5 لجبهة القوى الاشتراكية المنظم بفندق السفير مازفران غرب العاصمة، والتي غاب عنها زعيم الأفافاس حسين آيت أحمد، بطريقة عادية حيث انطلقت الأشغال في حدود الساعة الخامسة و10 دقائق، بسماع النشيد الوطني، تلاها شعر قرأته الشاعرة مريم بن دياب بعنوان «أرض الجزائر»، ثم عرض شريط مصور تضمن شهادات مواطنين حول رئيس الحزب حسين آيت أحمد، وبعدها تم عرض رسالة مصورة لهذا الأخير دعا فيه مناضلي الجبهة إلى إنجاح المؤتمر، كما قم اعتذاراته لعدم تمكنه من الحضور لأسباب صحية. واستمرت الأشغال على هذا المنوال، إلى غاية تدخل ممثل حزب الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية المغربي سعود الأطلسي، والذي حاول في كلمته إيهام المشاركين وحتى الرأي العام بأن جبهة القوى الإشتراكية تدعم الطرح المغربي في حل القضية الصحراوية، وهو ما رفضه مناضلو الجبهة الذين كانوا جالسين في الصفوف الخلفية، حيث انتفضوا صوتا واحدا «الصحراء للصحراويين» و«إرحل»، في إشارة إلى دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وغادر البعض منهم القاعة بعدما أعلنوا رفضهم تصريحات المسؤول المغربي. وقد اضطر السكرتير الأول للجبهة علي العسكري، إلى التدخل عقب اختتام أشغال الجلسة الأولى لتوضيح موقف الأفافاس في كل ما أثار، حيث أكد أن الأفافاس «مع الأممالمتحدة في حل هذه القضية، وأنها مع مغرب كبير موحد يبنى بحق تقرير المصير»، في حين رفض التعليق على استغلال المسؤول المغربي منبر الجبهة للدفاع عن مصالحه بلاده واكتفى بالقول «أنه مسؤول عن تصريحاته». ولعل أهم ما ميز أشغال المؤتمر الخامس لجبهة القوى الإشتراكية، الرسالة المكتوبة التي بعث بها زعيم الجبهة حسين آيت أحمد للمشاركين والتي سلمتها نجله يوغرطة، وقد أعلن فيها رسميا انسحابه من رئاسة الحزب، غير أن ذلك لم يمنعه من دعوة الجزائريين إلى البقاء متحدين من أجل تشييد دولة القانون والديمقراطية، مؤكدا أن كفاح حزبه هو كفاح من أجل الديمقراطية والحرية ومن أجل سيادة الجزائر من خلال مؤسسات شرعية ودولة الحق والقانون التي تضمن احترامها وسيرها الحسن وديمومتها. وتأسف آيت أحمد، أنه بعد 50 سنة «مازلنا نتصارع من أجل الدفاع عن الحق في الوجود نحن مناضلو جبهة القوى الاشتراكية وبشكل أشمل نحن الجزائريون» مذكرا أن جبهة القوى الاشتراكية نشأت في سياق الحركة التحررية الوطنية كما تضرب جذورها السياسية والأخلاقية في مناهضة الاستعمار عن قناعة وليس بالمناسبات». وفي سياق تبريره لما يحدث على الصعيد الدولي، قال آيت أحمد أن «الفوضى العالمية الحالية تسعى بلا وازع لاستعباد الشعوب ونهب ثرواتهم، مضيفا «أن من يقولون لنا أنه يمكننا الاستغناء عن النظر إلى ما يجري في العالم واستخلاص العبر لم يفهموا شيئا من تاريخ الجزائر». وأعلن السكرتير الأول علي العسكري، أن أشغال المؤتمر الخامس لجبهة القوى الاشتراكية حضره 1044 مندوب يمثلون 40 ولاية، منهم 213 إمرأة، و40 بالمائة شباب. ومن المنتظر أن ينتخب المؤتمر الذي تختم أشغاله اليوم «قيادة جماعية» تتكون من 5 أعضاء لتعويض آيت أحمد الذي قرر عدم الترشح لعهدة أخرى، والمصادقة على القوانين الداخلية للحزب، وانتخاب أعضاء المجلس الوطني.