يمثل ال25 ماي من كل سنة «يوم إفريقيا» الموافق لإعلان قيام منظمة الوحدة الإفريقية، الاتحاد الإفريقي حاليا عام 1963. وتعد المناسبة محطة لتقييم مسار التنمية والتطور والتقارب بين شعوب القارة ذات الأهداف والطموحات المشتركة رغم اختلاف الأعراق والأنساب. انتقلت إفريقيا غداة ائتلاف دولها في اتحاد جامع لأفكارها وأملها، من مجرد مساحة جغرافية ترقد على ثروات طبيعية هائلة، يقطنها شعب غارق في التخلف والفقر والجهل، إلى كيان سياسي حامل لخطاب واضح ومنسجم ينقل للعالم الرؤى المستقبلية ونضالات السعي نحو التقدم والرقي، ومعاملة عادلة مع نظرائها من دول الشمال التي بنت ازدهارها على حساب القارة السمراء ثروة وشعبا. لقد مرت 50 سنة على تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية بعد استرجاع أغلب الدول لاستقلالها من الاستعمار، وشرعت في وضع الأسس الأولى بوسائل بسيطة وبدائية لتشييد بلدان قوية ذات سيادة كاملة حاضنة لكافة الأطياف ذات الانتماءات الإثنية والعرقية المختلفة رغم الصعوبات والعراقيل التي واجهتها ولازالت الى غاية اليوم. وتفطن رواد القارة الأوائل إلى أن شتات البلدان في مراحل البناء والسعي نحو تغيير طبيعة الظروف المعيشية القاهرة ونيل أبسط الحقوق الإنسانية لن يزيد القارة إلا ضعفا ومطية لرموز الاستعمار لمواصلة استغلالهم الفاحش، لذلك كانت الضرورة ملحة في الالتحام وتوحيد المطامح والمطالب أمام المجموعة الدولية التي تعتبرها مخيم لجوء يثقل كاهلها باحتياجاته من الغذاء والدواء والتعليم. ورغم الحروب الأهلية، والنزاعات الإثنية وفوضى الانقلابات العسكرية وما ينجم عنها من مآسي للسكان الا ان الدول الافريقية اليوم باتت مدركة اكثر من اي وقت مضى لمصالحها وكيفية الحفاظ عليها والتعامل بمبدأ ''الرابح-رابح'' مع نظرئها من الدول الغربية، وهذا ليس على مستوى النخب السياسية فقط وانما على مستوى الشعب البسيط، بدليل الارتفاع الهائل لنشطاء المجتمع المدني والنضال من اجل الديمقراطية والحرية. لم يعد اليوم خافيا على افريقيا انها مركز نهضة مزدهرة، كما لم يكن خفيا على القوى الكبرى منذ عقود انها مستقبل العالم بعد ان كانت مهدا للانسانية. ولا يجد مسؤولها اليوم حرجا أو شعورا بالنقص في الوقوف على المنابر الدولية للمطالبة بمعاملة ندية قائمة على الاحترام المتبادل والكف عن نمط التعامل الدوني الذي يأبى الا النظر من زاوية سلوكات الاقتتال والفوضى والحط من قيمة النفس البشرية. وعلى الرغم من المظالم والمشاهد المرعبة التي مرت بها أغلب الدول الا انها صمدت ونجحت في تجاوز اغلب التحديات، وهو مؤشر هام على استمرارها في التقدم نحو الامام، ولا تفصلها الا خطوات قليلة تتطلب تعاونا جديا وإرادة سياسية فولاذية من طرف الرؤساء والقادة. وتكشف الأرقام التي يسجلها نموها الاقتصادي كل سنة ان دورة التقدم حطت رحالها بافريقيا لأن حركية التنمية تسير بوتيرة أسرع من اي وقت وتتشابه وتلك التي مرت بها كبرى الدول الآسياوية قبل 3 عقود. ولاشك ان العيد العالمي ال50 الموافق لهذا اليوم سيكون مرحلة مفصلية من تاريخ افريقيا.