الرابطة الأولى: شباب بلوزداد ينهزم أمام شباب قسنطينة (0-2), مولودية الجزائر بطل شتوي    وزير الثقافة والفنون يبرز جهود الدولة في دعم الكتاب وترقية النشر في الجزائر    تنوع بيولوجي: برنامج لمكافحة الأنواع الغريبة الغازية    تلمسان: خطيب المسجد الأقصى المبارك يشيد بدور الجزائر في دعم القضية الفلسطينية    اللجنة الحكومية المشتركة الجزائرية-الروسية: التوقيع على 9 اتفاقيات ومذكرات تفاهم في عدة مجالات    رياضة: الطبعة الاولى للبطولة العربية لسباق التوجيه من 1 الى 5 فبراير بالجزائر    جمعية اللجان الاولمبية الافريقية: مصطفى براف المرشح الوحيد لخلافة نفسه على راس الهيئة الافريقية    إنشاء شبكة موضوعاتية جديدة حول الصحة والطب الدقيقين سنة 2025    رياح قوية على عدة ولايات من جنوب الوطن بداية من الجمعة    بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية, وزير الاتصال يستقبل من قبل رئيس جمهورية بوتسوانا    وزير الصحة يشرف على لقاء حول القوانين الأساسية والأنظمة التعويضية للأسلاك الخاصة بالقطاع    وزير الصحة يجتمع بالنقابة الوطنية للأطباء العامين للصحة العمومية    فلسطين... الأبارتيد وخطر التهجير من غزة والضفة    توقيف 9 عناصر دعم للجماعات الإرهابية    لصوص الكوابل في قبضة الشرطة    تعليمات جديدة لتطوير العاصمة    عندما تتحوّل الأمهات إلى مصدر للتنمّر!    رسالة من تبّون إلى رئيسة تنزانيا    فتح باب الترشح لجائزة أشبال الثقافة    التلفزيون الجزائري يُنتج مسلسلاً بالمزابية لأوّل مرّة    الشعب الفلسطيني مثبت للأركان وقائدها    بوغالي في أكرا    محرز يتصدّر قائمة اللاعبين الأفارقة الأعلى أجراً    صالون الشوكولاتة و القهوة: أربع مسابقات لحرفيي الشوكولاتة و الحلويات    شركة "نشاط الغذائي والزراعي": الاستثمار في الزراعات الإستراتيجية بأربع ولايات    تحديد تكلفة الحج لهذا العام ب 840 ألف دج    السيد عرقاب يجدد التزام الجزائر بتعزيز علاقاتها مع موريتانيا في قطاع الطاقة لتحقيق المصالح المشتركة    حوادث المرور: وفاة 7 أشخاص وإصابة 393 آخرين بجروح في المناطق الحضرية خلال أسبوع    الرئاسة الفلسطينية: الشعب الفلسطيني متمسك بأرضه رغم التدمير والإبادة    تحذير أممي من مخاطر الذخائر المتفجرة في غزة والضفة الغربية    مجموعة "أ3+" بمجلس الأمن تدعو إلى وقف التصعيد بالكونغو    رئيس الجمهورية يستقبل نائب رئيس الوزراء الروسي    إبراز جهود الجزائر في تعزيز المشاركة السياسية والاقتصادية للمرأة    غرة شعبان يوم الجمعة وليلة ترقب هلال شهر رمضان يوم 29 شعبان المقبل    اتفاقية تعاون بين وكالة تسيير القرض المصغّر و"جيبلي"    لجنة لدراسة اختلالات القوانين الأساسية لمستخدمي الصحة    مدرب منتخب السودان يتحدى "الخضر" في "الكان"    السلطات العمومية تطالب بتقرير مفصل    توجّه قطاع التأمينات لإنشاء بنوك خاصة دعم صريح للاستثمار    4 مطاعم مدرسية جديدة و4 أخرى في طور الإنجاز    سكان البنايات الهشة يطالبون بالترحيل    الرقمنة رفعت مداخيل الضرائب ب51 ٪    رياض محرز ينال جائزتين في السعودية    شهادات تتقاطر حزنا على فقدان بوداود عميّر    العنف ضدّ المرأة في لوحات هدى وابري    "الداي" تطلق ألبومها الثاني بعد رمضان    وهران.. افتتاح الصالون الدولي للشوكولاتة والقهوة بمشاركة 70 عارضا    هل تكون إفريقيا هي مستقبل العالم؟    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    حشيشي يلتقي مدير دي أن أو    صحف تندّد بسوء معاملة الجزائريين في مطارات فرنسا    المجلس الإسلامي الأعلى ينظم ندوة علمية    العاب القوى لأقل من 18 و20 سنة    الجزائر تدعو الى تحقيق مستقل في ادعاءات الكيان الصهيوني بحق الوكالة    قِطاف من بساتين الشعر العربي    عبادات مستحبة في شهر شعبان    تدشين وحدة لإنتاج أدوية السرطان بالجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على الأصالة الأمازيغية العربية الجزائرية
نشر في الجزائر نيوز يوم 11 - 11 - 2012

لكل أمة من الأمم أو شعب من الشعوب أو حضارة من الحضارات البائدة أو السائدة، إلا ولها خصلة من الخصال التاريخية تذكر أو تشتهر بها، فالروم عرفوا بالطب والحكمة والصينيون بالعلوم والصنائع والهنود بالتنجيم والحساب والفرس بالآداب والأخلاق والعرب بالشعر والنسب، الذي ارتبط بهم ارتباطا وثيقا ساد إشعارهم وأمثالهم وسيرهم، فجبلوا على حفظ الأعراق والأنساب في الصدور وقلها مشافهة بين الأبناء والأحفاد، عبر مراحل الأجيال المتلاحقة حفظا وافتخارا وتفاضلا وتوظيفا، في الهجاء والرثاء والمدح والذم والأخذ بالثأر، وغيرها من الظواهر المتعلقة بالحياة الاجتماعية التي عرفها العصر الجاهلي في مجال الأنساب والمصاهرات والأصول والتقاليد والأعراف إلى أن جاء عصر التدوين، فانتقل علم النسب من الحفظ في الصدور ألى التدوين (أفه العلم النسيان) على (الرق العضام الكاغط..) في القرن الثاني الهجري، عهد الخلافة العباسية، التي وضعت له مقاييس وشروط وأحكام (علم مستقل بذاته) للتدوين والمدونين، خاصة ما تعلق بالسلالات والأنساب، حيث عرفت تلك الفترة بازدهار وتطور علم السلالات والأنساب شمل العديد من المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإنسانية (المصاهرات المواليد الموارث القضاء القيادة...) بحيث لا يتولى شؤون الأمة والمسؤوليات والوظائف القيادية والعلمية والمالية والعسكرية إلا من كان له نسب صحيح وكفاءة عالية (دور الأصالة في سياسة الحكم).
وقد عرف العديد من العلماء والمهتمين بالسلالات والأنساب ذلك العلم بأنه (علم عظيم النفع جليل القدر، يتعرّف الناس من خلاله على أصولهم وفروعهم وأعراقهم) من أجل التعارف والتواصل والتقارب وتوثيق الروابط الأسرية، والعلاقات بين الأفراد والجماعات والقبائل والطوائف والأعراش، كما رافق علم السلالات البشرية والأنساب مختلف التطورات التي طرأت على مسار الأمم والشعوب خاصة العربية، في مختلف المجالات العلمية والثقافية والاجتماعية، حيث عرف هو الآخر تطورا دقيقا في تقديم العديد من البحوث والدراسات المتعلقة بأحوال السكان وتنقل سلالاتهم وفروعهم ومدى اختلاطهم بالأمم والشعوب الأخرى، حيث حفز النسابة والمدونين والمؤرخين والمهتمين بشؤون السلالات البشرية والأنساب، على الكتابة والتأليف والتحقيق والبحث والتصنيف، ساعد على انتشار وازدهار الكتب والمؤلفات والمدونات والمصنفات المتعلقة بالتأصيل والتفصيل والتاريخ، لأعراف وأنساب القبائل والبيوتات العربية وغير العربية بلغت أوجها خلال الفترة العباسية في عصرها الأول (750ه) عرفت فيها كتب الأنساب درجات متميزة ومتفاوتة كالطبقات والموسوعات والمعاجم والتي ظهرت على:
1) المبسوطات (وهي كتابة النسب على السطور بداية بذكر الأب ثم الابن ثم الحفيد مع إمكانية الإسهاب في ذكر تاريخ الأسرة وخصال البارزين منها مع ذكر تنقلاتهم ورحلاتهم ومصاهراتهم وعلاقاتهم بالأسر الأخرى).
2) المشجرات (وهي كتابة النسب على شكل شجرة متفرعة كالساق والأغصان والأوراق، بداية بذكر الابن ثم الأب ثم الجد مع ذكر السنة والشهر واليوم (ميلاد أو وفاة...).
3) كما هناك نسب خاص بالعائلات المنسية المقطعة (وهي تلك العائلات التي ترجع أسبابها إلى اعتبارات اجتماعية قبلية أو طائفية عنصرية أو سياسية، حيث ينسب أصحابها إلى المهنة أو الحرفة أو الصنعة أو المنطقة) بخلاف النسب إلى الزعامة والقيادة والشهرة العلمية التي غالبا ما تعود إلى شجرة الأصول، هذه الأخيرة التي عرفت تطورا في مناهجها واختلافاتها بين التأريخ للقبيلة والعرش والتأريخ للأسر السياسية والعلمية والقيادية الحاكمة أو المالكة، باعتبار أعمالها ونشاطاتها، حافزا قويا يساعد على التماسك الحضاري والأخلاقي والاجتماعي، تبرز من خلاله خصائل وحدة التماسك والترابط بين الأقوياء والأثرياء والأعيان والشرفاء، واعتبار النسب حصنا واقيا وسياجا منيعا تضبط فيه العلاقات الاجتماعية النوعية دون الخوف من الانصهار والذوبان في قوة ومدنية وتحضر الآخر، مما ساعد على فتح مجال واسع أمام الباحثين والمدونين والمترجمين في تطوير البحث للسلالات البشرية وأصول نسب الأفراد والجماعات، كل حسب انتمائه فرديا ثم جماعيا، مما جعل الكتابة والتدوين في هذا المجال الأرستقراطي المتعلق بالأصول والأنساب يأخذ صفة الاحترافية والمكانة الاجتماعية العالية للمدونين والنسابة والكتاب في كسب الشرف والمال طيلة عشرة قرون (750 ه إلى 1300 ه) تاريخ عصر الانحطاط والتفكك، الذي فتح فيه المجال للأميين والمتطفلين بالتزوير في شجرة الأنساب والأصول، كانت أغلبها عن طريق العائلات المنسية أو المقطعة والدخيلة، حيث غابت الدراسات والبحوث الأصيلة وتضاءل علم الأنساب واختلطت أسسه وقواعده وتعددت مصادره، ولم يطرأ عليه جديد أو تجديد إلا مع نهاية القرن الثامن عشر الميلادي (18 م) حيث اهتم به المستشرقون الأوربيون قبل العروبيون بالبحث والدراسة والتحقيق والمقارنة والترجمة وإعادة طبع ونشر أمهات الكتب الخاصة بالأصول والأنساب العربية، حيث برز ذلك الاهتمام وظهر مع نهضة الحضارة الغربية بنهاية القرن ال 19 وبداية القرن ال 20 حيث قام المستشرق الألماني، فرديناند بطبع كتاب “الاشتقاق" لابن بريد عام 1854، كما قام مستشرق ألماني آخر وليام اهلور، بطبع كتاب “مختلف القبائل العربية" لمحمد حسيب عام 1883م، كما قامت الجامعة العبرية اليهودية بطبع العديد من أجزاء “أنساب الإشراف" للبلاذري عام 1938 من تحقيق ماكس شتوسنجر. كما قام الفرنسي ليفى بروفنسال بطبع كتاب “جهرة أنساب العرب" لابن حزم عام 1948، كما طبع أيضا في عام 1951 كتاب “نسب قريش" لمصعب بن عبد الله الزبيري. بالرغم من تلك النهضة التي أحدثها المستشرقون بهدف تقويض علم النسب والتشكيك فيه، إلا أنها ساعدت بعض علماء الأنساب العرب، أن يعيدون النظر في دراسة السلالات والأنساب، للعوائل العربية الحاكمة التي أصبحت تحوم حولها العديد من الشكوك، في أصولها وانتماءاتها، خاصة ما تعلق بتلك الدراسات والبحوث التي أقبلت عليها مراكز البحث في مجال السلالات والأنساب العربية تلك المشجرات والمبسوطات المتعلقة بالزنساب المنسية أو المقطعة التي فتحت منفذا واسعا للتشكيك في أنساب الأصول العربية من طرف المستشرقين الحديثين بمعرفة علم الأنساب والعمل على تزوير نسب الملوك والأمراء والرؤساء والزعماء والشرفاء للدول العربية المتحررة من الهيمنة الاستعمارية الغربية، منذ نهاية القرن السابع عشر وبداية القرن العشرين الميلاد ما زالت آثارها وبقاياها ملازمة للألفية الثالثة، تتجلى من حين لآخر في تلك الأعمال المسماة بالبحوث والدراسات العميقة والدقيقة من بعض الباحثين والدراسيين زعماء والمتعاونين من الجامعة العبرية اليهودية والمراكز التابعة أو المتعاونة معها في تزوير الأنساب العربية والطعن فيها بالتهويد والنصرانية، بسبب غياب بل انعدام مؤسسات علمية أو هيئات رسمية أو مراكز مكلفة بحماية موروث الأصول والأنساب في مختلف الأقطار العربية والتصدي لتلك الافتراءات والأكاذيب التي تعودت مراكز التوثيق ودو النشر بالترويج لها في مختلف وسائل الإعلام والاتصال وتبادل المصادر من خلال المنشورات والدوريات المتخصصة في التاريخ وعلم السلالات والأنساب والإنسان، خاصة العربية في (بريطانيا ألمانيا روسيا إسبانيا السويد تركيا إيران إسرائيل الولايات المتحدة الأمريكية) هذه الأخيرة التي يوجد بعاصمتها (واشنطن) مجلس مكلف بتسليم الرخص للنسابين ولكل من لهم قدرات ومؤهلات علمية وأخلاقية تمكنهم من البحث والدراسة في الأصول والأنساب، كما يوجد بها أيضا العديد من المؤسسات والرابطات الخاصة بالأنساب والنسابين، المتميزة جميعها بتنظيم نشاطات علمية وفكرية محلية ومؤتمرات عالمية خاصة بقضايا الأصول والأنساب والنسابين بمدن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا تجمع أعمالها الفكرية والمعرفية المتخصصة في أكثر من (سبعين 70) مجلة ودورية فصلية خاصة بالدراسات والأبحاث الجديدة في الأصول والأنساب للعائلات السياسية والعلمية والدينية المستوطنة والمهاجرة.
الأنساب والأصول في الجزائر
أما عن حالة البحوث والدراسات المتعلقة بالأنساب والأصول الجزائرية، فإنها لا تختلف ذلك في الأسس والقواعد التي يعتمدها علم الأنساب اللهم إلا في بعض الجوانب المرتبطة بالأجناس والأعراق الجديدة، التي تفرعت أصولها بالشمال الإفريقي وحوض البحر الأبيض المتوسط المحصورة في الأنساب المتقطعة أو المنسية التي ازدادت أعدادها توسعا وانتشارا، كما أنها لم تحظ بالاهتمام والبحث، الأمر الذي ساعد على توسيع مجالات التزوير في الأنساب والأصول العريقة للعائلات الجزائرية (الأمازيغية البربرية العربية) في العديد من المراحل التاريخية للأصول والأنساب كانت آخرها (1718 - 1830) بنهاية الفترة العثمانية وبداية حكم فرنسا الاستعمارية التي، كانت خطواتها الأولى تبديد وتفكيك أنساب وأصول العائلة الجزائرية.
لقد عرفت الجزائر حركة التدوين للأنساب والأصول خلال فترة الخلافة الأموية عام 126 ه حسب ماهو مدون على شاهد قبر مكتشف بمدينة أتهوده (سيدي عقبة بسكرة) وكذلك ما كتب على أقدم قطعة نقدية لموسى بن نصير عام 851ه بتلمسان، وكذا بمدينة العباسية طبنة حاليا عام 140ه، وباعتبار مرور الجزائر بأنظمة محلية (الدويلات الممالك الإمارات) حكم أمراء وملوك ورؤساء وشيوخ أعراش وقبائل، من جذور وأصول أمازيغية وبربرية (البتر البرانس) وما انحدر منهم (صنهاجة زناتة) وما تفرع عنهم من بطون (كتامة مغراوة) حيث اهتم النسابة والمدونون بالتأصيل والتشجير للعائلات المؤسسة للإمارات والدويلات والمملكات (بنو زيري بنو حماد المرابطون الموحدون بنو حفص بنو عبد الواد) وما انحدر منهم من قبائل وأعيان وسادة علم وسياسة وحرب، ما زالت متوارثة ومرتبطة بأصولها وأنسابها رغم اختلاطها ومصاهرتها بالأصول العربية قبل الفتح الإسلامي وبعده، مما زادهم (عرب أمازيغ) اهتمام كبير في تنشيط حركة التدوين والتأليف للأصول والأنساب أبرزها علماء النسب في المعاجم والموسوعات والأمهات من الكتب والمؤلفات نظما ونثرا جمعتها مؤلفات النسابة المؤرخ المحدث المفسر على بن حزم الأندلسي 994م 1064م في (نسب البربر جمهرة أنساب العرب.) وأبو عبد الله محمد بن أعمر (747 - 823) في (التاريخ والمغازي) الذي اهتم بالأصول والأنساب بداية من دلس (الجزائر) إلى المغرب الأقصى، وكذا ما جمعه وعدده وأحصاه المرجع العالم الظاهرة المؤرخ النسابة الفلكي الحافظ الفيلسوف العسكري، رجل الدولة مؤسس علم الاجتماع دون منازع وليد الدين أبو زيد عبد الرحمان بن محمد الحضرمي المشهور باسم (ابن خلدون) 1330م 1406م في دوان المبتدأ والخبر أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، وما تواتر بعده من مؤلفات حول الأصول والأنساب لمختلف تركيبات المجتمع الجزائري من أمازيغ وبربر، وعرب ومنسيين ومتقطعين ونبلاء ومرابطين وأشراف منذ سقوط دولة بني الأحمر بغرناطة عام 1492م والهجرة المكثفة نحو الجزائر، ساعد العلماء والفقهاء والمجاهدون بإنشاء الرباطات والثغور ثم الزوايا العلمية، حيث شهد القرن الحادي عشر الهجري (11ه) السابع عشر الميلادي (17م) حركة فكرية صوفية ساعدت على إعادة إحياء التراث الثقافي، خاصة ما تعلق منه بالكتب والمؤلفات المخطوطة والمنسوخة في مجال الأصول والأنساب جمعت أغلبها في مكتبات وخزائن زوايا الطرق الصوفية العلمية (التجانية الرحمانية السنوسية القادرية) باعتبارها مرجعيات دينية واجتماعية شعبية شأنها والمساجد المركزية الكبرى بالمدن والحواضر الجزائرية، ذلك إلى جانب ما تضمنته سجلات المحاكم الشرعية من مشجرات الأنساب اقتصرت على الأعيان من الأشراف والسادة والقادة (قاضي مفتي إمام شيخ زاوية حكيم...) ساعدت العديد من الكتاب والباحثين والنساخين بنشر كتب الأنساب والمشجرات للعوائل الجزائرية كان أبرزها “سلسلة الأصول في شجرة أنباء الرسول" للشيخ عبد الله بن محمد بن الشارف بن علي حشلاف، الذي طبع عام 1926 بتونس “تعريف الخلف برجال السلف" للشيخ الحفناوي و«نزهة الأفكار" للشيخ ابراهيم الغول... وغيرها من المؤلفات الأخرى التي اعتمدها الأكاديميون الفرنسيون مثل (شارل فرود لويس ران شارل فيرو وليام مارسيي بيربرقير الفرادبيل)... وغيرهم كثير ممن اهتموا بالأنساب والقبائل الخاصة بالعوائل الجزائرية العربية والأمازيغية والبربرية، التي جمعتها تلك المخطوطات والمنسوخات والكتب والمؤلفات، ردحا من الزمن بالرغم من تعرّض بعضها ومع مرور الزمن للتزييف والتزوير والحشو والزيادة.
قانون الجريمة الفرنسية في حق الهوية الجزائرية أو قانون ألقاب الخزي والعار 1882
تلك المآثر والمرجعيات التي أصلت لتاريخ مسار نسب وأصل سلالات العوائل الجزائرية الشريفة العريقة التي تعرضت، وفي العديد من المراحل، للحذف والتحريف من خلال “فرمانات الباب العالي" في الفترة العثمانية وللتدمير والتفكيك والتشتيت في الفترة الاستعمارية الفرنساوية ومحاولاتها المتعددة بوضع قانون الخزي والعار المؤرخ يوم 23 مارس عام 1882 المتعلق بإجبار الجزائريين على تسجيل أبنائهم وعقود زواجهم بمصالح الحالة المدنية الاستعمارية بدل المحكمة الشرعية أو عند شيخ القبيلة أو الجماعة أو الزاوية بل مستغلة سلطتها بتغير أسماء وألقاب الجزائريين بالفصل بين العائلات والأسر بل بين الإخوة الأشقاء بطريقة محكمة في الخبث والخزي ركزت فيها على الأسماء والألقاب الشائنة والنابية تستنكف الآذان سماعها بهدف تحطيم المعنويات النفسية للذكر والأنثى من خلال المناداة اليومية والترديد الدائم والمنسوبة إلى الأعضاء الجسدية والحيوانات الأليفة والضالة والمفترسة والطيور والزواحف والنباتات والأشجار الضارة، والمفضل منها ما تعلق بالألوان والأواني والملابس وأدوات الحدادة والفلاحة... وغيرها من ألقاب وأسماء السخرية والتهكم التي ما زالت تلاحق وبالتوارث جيل الحرية والاستقلال. هذه الوضعية الحساسة التي أصبحت جديرة بالطرح أمام المجلس الشعبي الوطني المنتخب يوم 10 / 05 / 2012 (439 عضو) والذين من بينهم ما يقارب المائية (100 عضو) ممن ترجع ألقاب عوائلهم إلى النباتات والطيور والحيوانات الضالة والمفترسة والألوان والحرف الفلاحية والأسماء التهكمية المحرجة، تلك المجموعة التي تشكل عشر كتل أو برلمان مصغر والتي يخول لها القانون العضوي، الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني في مادته 23 “يجب أن يكون كل اقتراح قانون موقعا عليه من عشرين (20) نائبا، يودع كل اقتراح قانون لدى المكتب، وكذا مجلس الأمة ذلك الاقتراح التاريخي إن تحقق الذي سيخلص العوائل الجزائرية الشريفة من أسماء الإهانة والخزي التي ما زالت تلاحق الأبرياء من الأحفاد بأسماء وألقاب ما اختارها أجدادهم وآباؤهم، بل أجبروا على حملها طبقا لقانون الجريمة الفرنساوية في حق هوية الأمة الجزائرية (1882) والمتبوع بالمرسوم التنفيذي المتعلق بالتطبيق الفعلي والإجباري السريع بتشويه وتفكيك الأسرة الجزائرية (1883م) وكذلك لحماية المجتمع الجزائري العربي الأمازيغي الأصيل من محاولات شرفاء عبد الله بن سبا الجدد الذين احتضنتهم العوائل الجزائرية العربية الأمازيغية الإسلامية، والذين من بينهم نسبة كبيرة لا تعرف أصولهم وأنسابهم التي يتوقف بعضها عند الجد الثالث أو الرابع أو عند شجرة نسب مزوّرة مرتبطة بعالم شريف أو ولي صالح لم يخلف، وهم أولئك المدعون الذين يعرفون جيدا بطلان نسبهم أو المخدوعون الذين لا يعرفون نسبهم والحقيقة أمامهم إلا أنهم يرفضون، وبكل شرف، النظر في ذلك، وهم جميعا يتمتعون بالمواطنة الكاملة وما تضمنته من مساواة وحرية وقيمة مسؤولية اجتماعية فوق أرض الجزائر الطاهرة وبين شعب عريق وما لهم وعليهم من حقوق وواجبات، ما زال التاريخ يرسخ قيمها وثوابتها من يوم لآخر، خاصة وأن الألفية الثالثة وعولمتها الجارفة التي لا تبقى ولا تذر إلا من تمسك وتوحد وصمد وتجذر، ولا شك أن منعرج الاحتفال بالخمسين عام من الاستقلال ستقطع لسان كل حصيف خطيب (عند جهينة الخبر اليقين).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.