لم يكن التكريم الذي نظمته محافظة المهرجان الوطني لإبداعات المرأة، أول أمس، بقصر رياس البحر على شرف المجاهدة والفنانة التشكيلية الراحلة عائشة حداد في مستوى هاته الشخصية، التي قدمت الكثير للفن التشكيلي، وكأن بالقائمين عليه أرادوا فقط تنظيم أمسية تكريمية على شرف إحدى الفنانات التشكيليات إثراء لبرنامجهم. فقد اقتصر التكريم الذي كان يُنتظر منه استذكار عطاءاتها الفنية في عالم الفن التشكيلي، الذي أثرته بلوحاتها وما تزال إلى يومنا شاهدة على إبداعاتها وروائع رسوماتها، اقتصر على عرض فيلم مدته 15 دقيقة للمخرج بوعلام عيساوي، صوّر فيه الفنانة الراحلة عائشة حداد وهي تقدم شهادات حول حياتها الفنية، ليكون متبوعا بمحاضرة للكاتب والناقد الأدبي علي الحاج الطاهر، الذي قدّم بدوره نبذة عن حياتها، ليعلن بعدها على انتهاء التكريم، والذي من المفروض أن يكون في مستوى مكانتها، حيث كان الأجدر بالقائمين عليه على الأقل تنظيم معرض بحضور أفراد من عائلتها العريقة والمعروفة وفتحه أمام جمهورها، ليقف على إبداعاتها ورسوماتها، التي استلهمتها على وجه الخصوص من الواقع الذي تحياه لتحوله إلى تحف فنية تسر الناظرين إليها، وتنشيط محاضرات لا تحمل السيرة الذاتية للفنانة الراحلة التي لم تعد اليوم تخفى على أحد، وإنما شهادات من المقربين إليها أو فنانين حول الجوانب الخفية من شخصية عائشة حداد لتسليط الضوء أكثر على حياتها، وتبقى بذلك أعمال الفنانة عائشة حداد في الذاكرة بعد أن غادرت محبيها عن عمر يناهز 68 تاركة رصيدا فنيا زاخرا، واقتحمت عالم الفن التشكيلي بعد أن اكتشفت ميولاتها الفنية في سن مكبرة، أين لقيت تشجيعات من قبل أساتذتها، مكنها من أن تكون واحدة من كبار الفنانين التشكيليين في الجزائر والعالم العربي. شغفها وتفضيلها لدراسة المواد الفنية، وراء اختيارها لمهنة تدريس الفنون التشكيلية دون أدنى تردد، وكانت قاعة الرسم مكانا للترفيه بالنسبة لتلميذاتها، حيث كل أشكال التعبير فيها مسموحة. أنجزت مجموعة من المنمنمات الممثلة لمختلف مناطق الجزائر، استوحتها من أعمال محمد راسم، لإعجابها الكبير بأعماله الفنية، وأول مشاركة لها في مسابقة للفن التصويري بالجزائر في 1972 مكنتها من الحصول على جائزة، لتنخرط في السنة الموالية في الإتحاد الوطني للفنون التشكيلية، وشاركت في عدة معارض شخصية في الجزائر وفي العديد من البلدان الأخرى