تمتّع عشاق الفن الأصيل، سهرة أول أمس، بالمعهد الفرنسي للجزائر العاصمة، بوصلات غنائية موسيقية متنوعة في حفل امتد لأكثر من ثلاث ساعات، نظم في إطار برنامج المعهد الموسيقى لنهاية الموسم، امتزجت فيه طبوع الأندلسي، الترقي، الغناوي والقبائلي. السهرة التي كانت ساحة المعهد مسرحا لها، أرادها المنظمون أن تكون تكريما للأغنية والفن الجزائري بشتى طبوعه في خمسينية الاستقلال، جلبت جمهورا عريضا أغلبهم شباب رقصوا وغنوا وصفقوا مطولا، على الفرق الغنائية التي تعاقبت على المنصة، صنعت بوصلاتها فسيفساء من اللحن الجميل والكلمة الأصيلة مستمدة من أعماق التراث المحلي لكل منطقة. وكانت فرقة ''أهليل'' القادمة من تيميمون الأولى التي أبدعت وأمتعت، قدم أعضاؤها العشرة نغمات بانسجام رائع، نقلت الجمهور إلى عمق الصحراء الجزائرية، زادها رونقا وجمالا اللباس التقليدي الذي تزين به أعضاء الفرقة، فكان التجاوب كبيرا مع حركات المجموعة تصاحبها زغاريد نسوة في وسط الحشد الذي ملأ الساحة، وكان التجاوب نفسه حاضرا مع صعود الفرقة الأندلسية العاصمية ''الجزيرة'' التي قدمت أجمل الوصلات التي يحفظها الجمهور عن ظهر قلب. ليأتي الدور على الطابع الترقي وفرقة ''شوغلي'' القادمة من أقصى الجنوب من مدينة جانت، التي رفعت من ريتم الحفل بإيقاعات اهتز لها الجمهور، الذي استسلم لقوة اللحن وعذوبة الصوت فراح يحاول الغناء مع الفرقة فخانته اللغة التارقية، عدا البعض يعدون على الأصابع، لكن ذلك لم يمنع الحضور من صنع تزاوج قل نظيره ورقص على ألحانها دون انقطاع، فاستحقت فرقة ''شوغلي'' العلامة الكاملة، وتواصلت السهرة بصعود ''جوباتوري'' الذي مثل الأغنية الغناوية أحسن تمثيل وقدم أجمل أغانيه أمام جمهور ما فتئ يزداد عددا، ليكون الختام مسك على ايقاعات فرقة ''اثران ندا لمولود'' القادمة من عاصمة جرجرة تيزي وزو حركت الكبير والصغير، قدمت لهم أجمل الألحان والرقصات معطرة بالزغاريد القبائلية فكانت المتعة والفرجة . وعلى هامش السهرة تحدث المشرف على هذا الكوكتال الغنائي، الفنان نور الدين سعودي ل''الشعب''، مؤكدا أنه حاول تقديم مزيج فني يجمع الطبوع الجزائرية من مختلف جهات الوطن، هذا الأخير الذي يحتوي كما قال تراثا ثقافيا وفنيا ثريا، ينبغي تثمينه والحفاظ عليه وإيصاله إلى أبعد نقطة من العالم، مضيفا أن الاختيار لم يكن سهلا بحكم غنى الساحة الفنية، منوّها بتجاوب الجمهور، خاصة منهم الشباب مع ما قدمته الفرق الغنائية، ما يؤكد حسبه تعلق وارتباط الجزائري بصفة عامة والشاب بصفة خاصة بتراثه الفني والغنائي المتنوع.