عندما تطرق المحاضر السيد مارتينز الى علاقة النفط بالديمقراطية في الجزائر، بدا وكأنه غير متحكم في كل المعطيات المتعلقة ببلده، خاصة ما تعلق باهم المعطيات الاخيرة والجهود المبذولة في اطار وضع اسس التنمية المستدامة. اعتبر المتدخل انه خلال الفترة الممتدة ما بين 1970 و 2003 سادت النظرة الايديولوجية للنفط، حيث كانت مفعمة بالمشاعر والاحاسيس ولم تكن النظرة عقلانية على حد قوله، علما ان التأمينات الكبرى للمحروقات بدأت في سنة .1971 واوضح الباحث في نفس السياق المتميز باطلاق الاحكام، ان هذه النظرة الايديولوجية كان مآلها الفشل لانها لم تعتمد على حد قوله على اسس اقتصادية، حيث ان الهدف انذاك كان تطوير قاعدة صناعية بامكانيات ووسائل لم تكن متوفرة لتنفيذ هذا البرنامج الطموح، اما في الوقت الراهن، فان السؤال الكبير يبقى مطروحا حول استعمالات الريع النفطي الذي افضى الى احتياطي فاق 140 مليار دولار يضيف نفس المتدخل. وفي تناقض في التحليل ملفت للانتباه، فان المتدخل تارة يثني على اخذ المزيد من الوقت والتفكير المعمق حول استعمالات الريع النفطي، كما هو سائد في الوقت الراهن مثلما يقول، وتارة اخرى ينتقد سياسة التردد كما وصفها التي قد تؤدي الى حدوث مشاكل او اثارة تساؤلات من قبيل اين تذهب اموال النفط، ناصحا الجهات المسؤولة بانتهاج نفس النمط المعتمد في كل من النرويج والمكسيك. وفي نفس الاطار، اعتبر المتدخل ان الجزائر في حاجة الى هياكل قاعدية والاستثمار بالدرجة الاولى في الموارد البشرية وفي الصحة والتربية وغيرها، وان تستثمر المزيد من ريوعها النفطية لخدمة المجتمع وخلق تلك الرابطة المتينة بين الحاكم والمحكوم. وبالنظر الى ما صرح به الباحث، فانه يبدو ان الكثير من المعطيات الحديثة غائبة لديه، وما عدا ما تحقق من بعض المكتسبات بفضل الريع النفطي في اطار مؤشرات الاقتصاد النفطي مثل ملف الديون الخارجية وسياسة التسديد المسبق التي افضت الى تراجع في حجم الديون من اكثر من 40٪ عام 2000 الى 10٪ فقط هذه السنة.. ما عدا ذلك، فانه لم يشر الى مختلف الجهود التي تبذل والتي حولت الجزائر الى ورشة كبيرة من الاشغال والبناء في الطرقات والسكنات والجامعات والمدارس والمؤسسات خاصة الصغيرة والمتوسطة والسدود ومحطات التحلية للمياه وغيرها من المشاريع الكبرى المدرجة في مخططات التنمية السابقة والحالية والمستقبلية والتي جندت لها ما يقارب 170 مليار دولار، البعض منها اعطى نتائجه والبعض الآخر ينتظر التجسيد.. هذه الديناميكية التي شملت كل الجوانب والقطاعات لاشك انها ستكون بمثابة الاسس التي يعتمد عليها لارساء هدف هذه الجهود الا وهي التنمية المستديمة. كل المعلومات والمعطيات والارقام والمبالغ الضخمة المجندة تؤكد بما لا يدع اي مجال للشك ان الديناميكية الحالية انما محركها الاساسي هو الريع النفطي الذي سخر جزء منه لتسديد الديون، بينما جند جزء هام منه لانجاز المشاريع الضخمة التي يفترض انها تسير وفق معايير العقلانية وعدم تبديد المال العام. ------------------------------------------------------------------------