حاول أمس المحاضر السيد لويس مارتينز الالمام بموضوع المحاضرة التي القاها بمركز »الشعب« للدراسات الاستيراتيجية حول العلاقة بين النفط والتنمية والديمقراطية، ولو ان مصطلح التنمية كان بعيدا عن هذه العلاقة الثلاثية، حيث تم التركيز فقط على محوري النفط والديمقراطية. المحاضرة التي ألقاها السيد مارتينز هي ملخص لبحث قام به مركز الدراسات الدولية بباريس حول التنمية والديمقراطية خلال الفترة ما بين السبعينات الى منتصف العشرية الجارية، حيث تميز تدخل المحاضر باجراء مقارنة متشعبة بين معظم الدول المنتجة للنفط وخاصة المنتمية الى العالم الثالث وبين بعض الدول الاوروبية المنتجة ايضا للنفط مثل النرويج وروسيا ليصدر سلسلة من الاحكام القاسية على حكومات دول العالم الثالث التي فشلت من وجهة نظره او من وجهة نظر الدراسة التي استمد منه محاضرته في تسيير مواردها المالية المتأتية من صادرات النفط، وكأن هذه الدول قاصرة وعاجزة في آن واحد عن تسيير شؤونها المالية والاقتصادية. ويعتبر السيد مارتينز ان النفط تحول من الطابع الايديولوجي الى طابع تقوية نفوذ الدولة، وما قد ينطوي عليه من بروز بعض الظواهر السلبية كالتلسط والرشوة بسبب غياب ما اعتبره المتدخل بالديمقراطية على خلاف دول اخرى متقدمة مثل كندا و النرويج، هذا الاخير لا يستعمل موارد النفط في ميزانية الدولة الا للضرورة القصوى، يضيف الباحث، الذي يشير الى ان الريع النفطي يستعمل بشفافية في الديمقراطيات النفطية، بينما يتسبب في حالة من الفوضى والعنف والقلائل في بعض الدول النفطية غير الديمقراطية. وعندما يتحدث المتدخل عن العلاقة بين الدولة النفطية والمجتمع، فانه يعتبر ان هذا الاخير مقصى من عملية تسيير الريع البترولي بنسبة تصل الى 90٪ مستدلا ببلد افريقي نفطي كنيجيريا الذي ينتج 3 ملايين برميل في اليوم، في حين ان سكانه يعانون من فقر كبير ادى في بعض الاحيان الى تخريب انابيب النفط لسحب البترول منه وبيعه في السوق السوداء. لكن عملية تسيير الريع النفطي تختلف من بلد نفطي الى آخر، فدول الخليج، بحسب المتدخل، استعمل ريعها للتسلح، كما هو الحال في كل من العراق والسعودية، كما استعمل في دول خليجية اخرى لتطوير اقتصاد الخدمات، حالات اخرى ذكرته الدراسة، ويتعلق الامر بكل من روسيا والعراق، وكيف استغل الريع النفطي للتسلح، ولكن ايضا لتطوير منشآت وهياكل قاعدية، ولكن يبقى المثل الاقوى الذي تستدل به الدراسة في عملية التوفيق بين الديمقراطية والنفط، هو المكسيك حيث طور نظاما ديمقراطيا، على حد قوله، مستغلا بذلك قدرات البلد المالية المتأتية من الريع النفطي، عكس ما يحدث في فنزويلا التي تبقى سجينة عدم التوزيع العادل للثروة البترولية. بعد انتقال مفهوم الريع البترولي من الطابع الايديولوجي الى الطابع التسلطي للدولة تحولت العلاقة بين الدولة والمجتمع الى علاقة بين المستحوذ على الثروة والزبون.. هكذا يطرح الباحث الشاب، وجهة نظره حول هذه العلاقة الجديدة التي كثيرا ما خلقت جوا من التشنج والعنف في بعض الاحيان، وتطورت في شكل مطالب انفصالية لمجموعات وافراد يمثلون توجها سياسيا معينا. النفط هو سلاح ذو حدين، قد يكون نقمة على من لم يوفر له الاساليب السليمة لاستعماله، ونعمة لمن اقرنه بالديمقراطية وبعدم اقصاء المجتمع في تسيير الريع البترولي وذلك لانجاح التنمية على حد تعبيره. ------------------------------------------------------------------------